لعلّ من نافلة القول إنّ أغلب الدساتير التي وضعت في عالمنا المعاصر قد طالها التغيير و الحذف و الإضافة لأسباب يتطلبها وضع تلك الدولة .. ذلك يحدث في أممٍ أدمنت الديمقراطية و الشفافية .. أممٌ إتّسمت بالنزاهة و حرية الرأي و سيادة القانون .. أممٌ تربّت شعوبها على إحترام المباديء الأصيلة التي تصون الأفراد و تنظر الى الإنسان على إنه الهدف الذي توضع من أجله الدساتير و الذي لخدمته تسعى الدول الديمقراطية الرصينة لتوفير و إرساء أعظم و أرقى البنى التحتية .. أليس هو أثمن رأسمال في الوجود ؟ .
فإذا كان ذلك يحدث في تلك الدول ! فكيف بنا و نحن ننتقل بشكلٍ مفاجيء و غير مدروس من نظام دكتاتوري أحمق الى نظام ( يسمونه ديمقراطي ! ! ) .. إذن أليس الأجدر بنا أن نعيد قراءة دستورنا قراءة متأنية و أن تتظافر كل الجهود الخيّرة لتنقيحه و إزالة كل الفقرات الملغومة والتي تدعو الى المحاصصة المقيتة شريطة أن تنشر تلك التغييرات في كافة وسائل الإعلام للإطلاع عليها قبل صياغتها النهائية ، فمن الخطأ بمكان أن يستغرق كتابة دستورنا الحالي وقتاً قليلاً وسط جوٍ معتمٍ من التجاذبات و الخلافات في حين تستغرق كتابته بضع سنين في أممٍ أخرى ليس فيها تناحرات أو إنقسامات غريبة ! ثم أليس لشعبنا الذي إبتلى بحكومات جثمت على قلبه سنيناً طويلةً ذاق خلالها الأمرّين من الإضطهاد و التهميش له الحق في التمتع بدستورٍ رصين ؟ ! .
إذن بات واضحاً إنه لابدّ من التفكير ملياً من أجل تعديل الدستور الذي كتب على عجل . ولترتفع كل الحناجر و لتفكر كل العقول و لتكتب كل الأقلام و لتهفو كل الأنفس و القلوب من أجل كتابة الدستور المعدّل الجديد الذي بلا شك سيحمل كارزما قوية تردع و توقف عند حدّه كل من تسوّل له نفسه التلاعب به .
وبشأن التعديل أرى أن نفتح الدستور المقترح على مصراعيه أمام الشعب ( صاحب المصلحة الحقيقية ) لتقوم لجان متخصصة بكتابة التعديلات بتأنٍ شديد و بحرصٍ أشد و يعرض بعد ذلك على مجلس النواب للمصادقة عليه .
و بعد .. ليس غريباٍ أن نعدّل دستورنا .. إذ ليس نحن أول من يعدّل دستوره مادام التعديل يصبّ في مصلحة الشعب .