19 ديسمبر، 2024 4:17 ص

نحو خلية أزمة ثقافية     

نحو خلية أزمة ثقافية     

في كوستاريكا التي صنفت ضمن استطلاع دولي كأسعد بلد في العالم ليس وزارات الدفاع أو الداخلية أو الخارجية أو المالية هي الوزارات السيادية بل وزارة البيئة. فالعقل السليم في الجسم السليم كما يقول ديننا الحنيف. فحين يريدون مثلا حفر بئر نفطي  فإن من يقرر ما إذا كان ممكنا حفر هذا الحفر هذا البئر من عدمه هي وزارة البيئة لا غيرها. البيئة السليمة هي التي تخلق أنسانأ سليمأ بعقل قادر على الابداع. وعلى صعيد تجفيف منابع الإرهاب فإن البيئة النظيفة هي التي المدخل الصحيح لنمو الوسطية والفكر المعتدل.
في ظل ما نعيشه من ظروف حاليأ قوامها الأرهاب الداعشي الذي ما كان له أن يتمدد لو لا الحواضن الفكرية المتطرفة في المنطقة وحتى داخل البلاد فإن شكل الحرب التي نخوضها ضده متعددة الابعاد والأساليب. لدينا إعلاميأ خلية أزمة تحلل مديات الحرب وظروفها وتصدر عنها أخبار وبيانات بهدف التاثير في معنويات العدو سلبيأ ورفع معنويات الجنود والمواطنين إيجابيأ.
لكن هذا وحده لايكفي. وبالعودة الى البيئة النظيفة التي من شأنها طرد الحاضنة التي ينمو في ظلها فكر التطرف الذي يقود الى الإرهاب فإن الأمر يتطلب  تفعيل منظومة فكرية وثقافية وتربوية غائبة عن الجميع حاليأ وفي مقدمة هذا الجميع الكتل السياسية والحكومة برئاساتها الثلاث وسلطاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية. ملخص الفكرة هو تشكيل خلية أزمة ثقافية أو حتى حكومة أزمة مصغرة لكن ليس على مستوى الأمن والدفاع بل على مستوى الفكر والإعتدال والوسطية والتربية والتعليم والشؤون الدينية. تتكون هذه الخلية أو الحكومة من وزارات الثقافة والتربية والوقفين الشيعي والسني.
استطيع القول وبشكل جازم أن لا علاقة تنسيقية على الإطلاق اليوم بين هذه الجهات التي يفترض أن تكون مع وزارة البيئة أخطر الوزارات والمؤسسات في العراق إذا أردنا بناء دولة قانون ومؤسسات بعيدأ عن كل ما هو شكلي في تكوين الحكومات ومنها حكوماتنا التي قامت منذ عام 2003 على المحاصصة الطائفية والعرقية. وأقتضت هذه المحاصصة من خلال هيمنة الأحزاب والكتل والمكونات على أساس التمثيل النسبي لها في الوزارات ذات السمعة الرنانة , الدفاع, الداخلية, الخارجية, المالية, النفط. ومن ثم الكهرباء والتخطيط والصناعة. وحتى حين يجري الحديث عن أسعار الوزارات فإن الأمنية والخدمية التي تجلب العقود والكوميشنات هي الأغلي للأسف الشديد.
لذلك يتوجب على القادة ممن يفكرون ببناء دولة مؤسسات فاعلة أن يبحثوا عن الكيفية التي تجعل من وزارات التربية والثقافة والأوقاف السنية والشيعية تعمل كخلية نحل لا أن تكون العلاقة بين هذه الجهات مقطوعة بل حتى مختومة بالشمع الأحمر بين الثقافة والوقفين, أو متارجحة وربما شبه مقطوعة بين الثقافة والتربية. أو علاقة تقوم على أساس إدارة او الصراع على المساجد والحسنينيات والاضرحة بين الوقفين السني والشيعي. ما نحتاج اليه مناهج تربوية تبني عقل الإنسان لا تشغل عواطفه.. وثقافة تنمي روح الإبداع لدى الإنسان وفكر وسطي معتدل تنتجه الأوقاف سنية كانت أم شيعية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات