أين الخير في هذا الدستور؟
ان بعض اخواننا يقول ان الدستور الحالي ليس دستورا سيئا، بدليل بعض المواد فيه مثل حرية الانسان، ومساوات المواطنين امام القانون، وعدم حكر السلطة على أحد! أقول ان هذه مواد مفروغ منها في الدساتير الحديثة، ولكن اساس التقييم الحقيقي هو في مطابقته لنظريةٍ شرعيةٍ رصينة، أو فلسفة سياسية عقلية مقبولة من جهة، وقدرته لانشاء حكوماتٍ صالحةٍ فعالة من جهة اخرى. وما ندعو اليه هو ان يُكتب الدستور على اساس نظرية الدولة العلمية الاسلامية التي من بنودها مثلا:
1) إلغاء العمل بنظام الاحزاب السياسية التي لا يوجد دليل شرعي واحد يجيزها.
2) حصر انتخاب السلطة التشريعية في العلماء من التخصصات المختلفة كالفقه والحديث، والاجتماع والاقتصاد، والسياسة والتخطيط، والفلسفة، والطب والهندسة، والحرب والدفاع وغيرها. وتنظيم ذلك عن طريق مجلس من الخبراء.
3) انتخاب الشعب لرأس السلطة التنفيذية بشكل مباشر.
4) إلغاء الملكية الفردية فيما يخص وسائل الاعلام التي تستطيع مخاطبة الشعب (وقد حددها القرآن بـ “مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ”).
والى غير ذلك مما لا مجال لتعداده هنا، ومما يمكن مراجعته في كتاب “ولاية العلماء والدولة العلمية في الاسلام” للغوص في تفاصيله. وأما هذا الدستور فيسمح لكل من نهب مالا هنا، أو دق باب سفارة أجنبية هناك، أن يؤسس حزباً، ويبني قناةً فضائية، ويجمع من حوله كل جاهل أو متزلف أو وصولي، ليحجز له ولهم، مقعدا أو مقاعد، في البرلمان الذي يفترض ان يضع القوانين التي تسير البلاد، وتنظم حال العباد. بل من كان منهم ماله أوفر، ووسائل إعلامه أكثر، وهو على اتمام الصفقات أقدر، يحق له ان يشكل الحكومة ويتحكم بالسلطات الاجرائية التنفيذية فضلا عن القضائية.
ان هذا الدستور -بعد العام 2004 ميلادي- هو أصل الفساد، وكل من اشترك في كتابته، أو التصويت له، او السكوت عنه، يتحمل المسؤولية، شاء أم أبى، أمام الله تعالى عن كل قطرة دم سالت، وعن كل معاناة حدثت، لعراقيٍ أو غيره. فاعتبروا يا أولي الابصار.