للمرة الأولى في العراق , يتم استخدام البطاقة الالكترونية في انتخابات مجلس النواب لسنة 2014, وتتضمن البطاقة معلومات عن الناخبين ومنها الاسم وتاريخ الولادة والمحافظة واسم المركز الانتخابي وموقعه ورقم المحطة ورقم الناخب وغيرها , وفي المرحلة الأولى من مشروع البطاقة الالكترونية فقد خصصت لانتخابات مجلس النواب حصرا , ونظرا لقيام الحكومة بإصدار تعليمات لاعتماد هذه البطاقة كوثيقة رسمية لغرض انجاز معاملات المواطنين , فقد أضيفت إلى (المقدسات) الأربعة المعروفة للعراقيين والتي تشمل هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية وبطاقة السكن والبطاقة التموينية , وقد تكون لهذه البطاقة البداية للتخلص من المستمسكات الأخرى لتكون البديل عنها في المستقبل القريب .
وبموجب سياقات عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي فاجأت الجمهور (ايجابيا ) بإصدار هذه البطاقات , فان بياناتها تتم قراءتها بجهاز خاص يتم ولوجه بموجب بصمة المواطن , وهذا الجهاز تتم برمجته لمختلف الاستخدامات وضمن توقيت محدد, وفي الانتخابات فان له القدرة على معرفة من يحاول التصويت لمرتين كما انه يعطي معلومات عن عدد المصوتين في كل محطة وأعمارهم وجنسهم وأوقات دخولهم وغيرها من المعلومات التي من الممكن استخدامها لاحقا للأغراض الرقابية أو الإحصائية بما يعزز نزاهة الانتخابات , وفي الوقت الذي أبدى البعض رضاهم عن هذه التقنية تسائل البعض الآخر عن مدى تعارض استخدامه مع مبدأ السرية في التصويت وعن المسوغ في استخدام المعلومات الشخصية للناخب لاسيما بعد انتهاء الانتخابات .
وحسب المعلومات التي توفرت عن استخدام هذه التقنية , فقد كلفت البلد أكثر من 120 مليون دولار من خلال التعاقد مع إحدى الشركات الاسبانية التي أكملت إصدار أكثر من 21 مليون بطاقة الكترونية للناخبين وتجهيز أكثر من 60 ألف جهاز لتسجيل وقراءة البيانات وتقديم خدمات تتعلق بتدريب الملاكات التي تسميهم المفوضية لأغراض التشغيل والصيانة مع تعهد الشركة المجهزة بتنفيذ المراحل اللاحقة من المشروع , وبهذه الكلفة يسجل العراق رقما قياسيا جديدا في مجال ارتفاع تكاليف الانتخابات لتصل بحدود 23 دولار لكل ناخب , وهو ربما يكون من الأرقام المرتفعة عالميا حيث إن تكاليفه في الهند مثلا تبلغ 33 سنت لكل ناخب , ولكن لكل بلد ظروفه وخصوصياته والطريقة التي يستخدمها في الانتخابات .
ونظرا لانتهاء انتخابات مجلس النواب لدورته القادمة وانتهاء انتخابات مجالس المحافظات , ولغرض تقليل كلف الانتخابات باعتبار إن البطاقات الالكترونية والأجهزة كانت نم ضمنها , نقترح أن تكون هناك أكثر من جهة تستفيد من هذه التقنية لغرض انجازات معاملات الجمهور وبما يؤدي إلى تحقيق الاستفادة القصوى من البطاقة والجهاز , وان تكون إحدى الوزارات مثل التخطيط أو العلوم والتكنولوجيا شريكة مع المفوضية في التنسيق مع الشركة التي تم التعاقد معها لإكمال المراحل اللاحقة من المشروع , على أن يؤخذ في الحسبان احتياجات المفوضية المستقلة للانتخابات لفعالياتها القادمة , باعتبار إن القادم هو انتخابات مجالس المحافظات بعد أكثر من سنتين وليس من المناسب اقتصاديا تبرير التكاليف العالية لعدد محدود من الفعاليات الانتخابية فحسب .
ونشير بهذه الخصوص إلى إن الاعتماد على البيانات الخاصة بوزارة التجارة المتعلقة بالبطاقة التموينية , هو من أوقع المفوضية بالعديد من الأخطاء التي حسبت على المفوضية والطاقة الالكترونية , فوزارة التجارة لديها معاناة تتعلق بعدم الدقة العالية في البيانات المتوفرة لديها من حيث التكرار أو عدم حذف المتوفين وتغيير البيانات الخاصة بالزواج والطلاق وتغيير السكن وإضافة الولادات وغيرها , مما يجعل هذه البيانات لاتعبر عن الواقع آخذين بنظر الاعتبار إن مواد البطاقة التموينية لم تعد مغرية أو مجزية للمواطنين لكي يحدثوا بياناتهم لأجلها , فما جدوى تسجيل الولادات الجديدة مثلا والتجارة لاتوزع حليب الأطفال وان وزعته فانه لايناسب اغلب الأطفال , وبغياب التعداد السكاني فقد كان اعتماد المفوضية على البطاقة التموينية من باب الاضطرار .
وسواء بقي موضوع البطاقة الالكترونية بيد المفوضية أو غيرها من الجهات الحكومية , فلابد من إضافة بعض المتطلبات على (السيم كارت) لتكون صالحة لمختلف الأغراض , ومن أبرزها الصورة الشخصية لصاحب البطاقة وبصمة الإبهام أو العين , مع ضرورة أن تكون هناك كلمة مرور للمخولين في استخدام هذه البطاقة وبدرجات للمخولين (يتم الاتفاق بشأنها مع الشركة ) بشكل لايتم السماح لولوج البيانات الشخصية لصاحب البطاقة إلا من قبل المخولين وحسب مستوى ودرجة التخويل , ولكي تكون البطاقة وطنية أو دولية فمن الضروري أن تتاح فيها خدمات الربط والتواصل مع الشبكات التي تحدد لاحقا , بشكل يسمح بان تصلح للتصويت الالكتروني في الممارسات الانتخابية القادمة وعلى غرار ماهو معمول به في بعض الدول المتقدمة .
إن ما قامت به المفوضية بخصوص استخدام البطاقة الالكترونية , علامة ايجابية تسجل لصالحها وبشكل يدل على انفتاحها على التقنيات الحديثة , وان الأخطاء التي رافقت التطبيق الالكتروني في الانتخابات الأخيرة تقع ضمن الحدود المسموح بها نظرا لحداثة التطبيق , ولكي تكون التطبيقات أكثر تكاملا فمن الضروري المباشرة بتحديث سجلات الناخبين سنويا من خلال البطاقة الالكترونية وعدم الانتظار لحين مواعيد الانتخابات , حيث إن للمفوضية موظفين على الملاك الدائم ومن الممكن الاستعانة بخدماتهم لغرض التحديث المستمر لبيانات المواطنين عموما , كما إن الشركة المجهزة قامت بتدريب أعداد مهمة منهم بحيث انضموا إلى 500 فريق أثناء الانتخابات , وان هناك 60 ألف جهاز يمكن استخدامها في العديد من الوزارات والدوائر وللعديد من الأغراض .