17 نوفمبر، 2024 11:31 ص
Search
Close this search box.

نحو بناء نظام عالمي جديد لآدمية مكرّمة

نحو بناء نظام عالمي جديد لآدمية مكرّمة

“الناس من خوف الذل في ذل ومن خوف الفقر في فقر” الإمام علي بن أبي طالب”
ما علمنا الله ونسيناه:
أن الله جل وعلا حدث الأنسان في كتابه العزيز عن مستويان من المعرفة التطبيقية، أنه تعالى خلق الكون وهو الرحمن ذو الجبروت القاهر وهو الرحيم الذي كتب الرحمة على نفسه وامر عباده بالرحمة والقسط فلا ينبغي أن يغتر العبد ويظن أن من معالم التمكين ظلم العباد ودمار البلاد أو إجبار الناس على قبوله مرغمة بكل ما يطرح من أكاذيب أو يقهر الأمة ويرغمها.
قال الحسن البصري رحمه الله: “قرأت في تسعين موضعا من القرآن أن الله قدر الأرزاق وضمنها لخلقه، وقرأت في موضع واحد: الشيطان يعدكم الفقر. فشككنا في قول الصادق في تسعين موضعا ً وصدقنا قول الكاذب في موضع واحد”
وقال محمد الغزالي “كل دعوة تحبب الفقر إلى الناس أو ترضيهم بالدون في المعيشة أو تقنعهم بالهوان في الحياة، أو تصبرهم على قبول البخس أو الرضا بالدنية هي دعوة فاجرة يراد بها التمكين للظلم الاجتماعي وإرهاق الجماهير الكادحة في خدمة فرد أو أفراد وهي قبل ذلك كله كذب على الإسلام وافتراء على الله.”
الظلم ليس تمكينا:
انطبع فهم التمكين مع القوة والهيمنة بل الظلم، وهذا ليس المعنى من التمكين، فالتمكن هو القدرة على تحقيق الأهداف، فليس التمكين في الأسرة مثلا هو التسلط على الأسرة، وإنما كيف نصنع المحبة التي يفشل كثير منا في صنعها، ليس أن تتسلط على زوجك بل كيف تكون لك رفيقا ودليلا في منعطفات الحياة.
انطباع الجهل والتخلف
لقد اقترن التمكين عندنا بالقدرة على تحقيق وفرض رؤيتك وأفكارك وربما سحق وإذلال من تراهم أعداءك أو منافسيك، أي التغلب، وهذا لا يمكن أن يمارس إلا مع عدو وليس مع من يعيش معك ومشاربه مختلفة، أي له دين آخر، عقيدة أخرى، راي آخر، فهم آخر، فهذا كصراع الزنابير في خلية واحدة، وأسلوب اعتمده الاسبرطيين مع أعدائهم في المدن الأخرى، وتعتمده الولايات المتحدة في حروبها، ونحن نلاحظ في عصرنا كم الفشل والدمار للمدنية الذي يحدثه هذا الأسلوب وزراعة وتنمية الأعداء وتسريع ضعف منظومة الدولة.
الأفكار المتطرفة والتي ترفض الآخر لا تستطيع إقامة دولة صحية بل تبقى كيانا هشا متعرض لانقلابات ودورات التغيير، بشعب يزداد تفككا وفوضى، غير متصالح بين أفراده، وهذا ليس تمكينا، لان التمكين يرافقه بناء وكرامة للإنسان الذي كرمه الله؛ والتحام للداخل بحيث يكون منيعا، أما هذا فظلم وتحسس من الظلم، وصراع ولا يقل عن وضع بركان لا تعلم متى ينفجر، والحقيقة أن تغيير هذا المصير عند أناس أحادي النظرة ليس بالأمر اليسير وإنما يحتاج إلى تمكين التوعية ومراكز دراسات وأفكار إيجابية وإعلام.
ليس حلا أن يجبر الناس على قبول الذل فهذا امر يستحيل استمراره، وليس حلا أن تخاف على الرزق خشية الفقر الذي يصوره هذا الخوف، وليس صحيحا أن تفرح بمظاهر تمكنك من ظلم الآخرين وقمعهم.
التمكين بالعطاء:
الناس عادة تأخذ موقفا عدائيا من الجديد أو حذرا على الأقل، فان ظلم ثبت عندها انه طغيان واجب الإزالة ولو بعد حين، لكن احتجاجها أو نقدها للجديد لا يعني أنها ستتخذ موقفا مضادا منه، فالأمور ترتبط برعاية مصالح الشعوب، ومن أجاد خدمة شعب ملك ولاءه، فالخدمة بصدق ورفع درجة الاستقرار والرفاهية هو تمكين في داخل كل بلد
التمكين بالعلاقات الخارجية:
في العلاقات الخارجية غالبا ما تأتي الدبلوماسية كأسبقية في التعاملات أو الجبر عليها من خلال مرحلة حرب تتخللها، الإنسان مازال في حالة تخلف في علاجه للمشاكل بعقلية المقاطعات والمدن، لكن العالم نتيجة التطور التقني والتكنولوجيا اضحى متقاربا يتأثر ببعضه، فعقلية التغلب والسياسة القذرة وسحق الآخر من اجل أن احمي نفسي تعبر عن ضعف في العقلية والنفسية والمسافة الشاسعة بين التنافر النفسي والعقلية المنحدرة، أمام التقارب الزمني والمكاني بحكم التقنيات الحديثة، لذا فمن الممكن أن يحل التوازن بالتفكير بان السياسة هي كيف تصدق النصيحة والشراكة والحلول، وتعطي ما عليك من حق وتأخذ مالك، تعيد النظر لترد مظلوميتك وظلمك في آن واحد.
أما الهيمنة والظلم فهذا يدل على انحدار حضاري وخلل في التوازن بين التطور المدني والعقلية، وهذا ما نرى نتائجه على الأرض، ففي العصور التي كاتن الحل الاحتكام للسلاح قد يموت عشرات ومئات وفي الحرب العظيمة يموت الألوف، لكن التقنيات تطورت وبادت ممكن بخطأ بسيط أن تبيد البشرية أو تعيدها إلى عصر ما قبل التكنولوجيا.
المطلوب:
أن يطرح ويتبنى القادة العقلاء برنامجا أمميا لإعادة النظر في العلاقات الدولية، وان يتبنى المصلحون برنامجا لترتيب البيت الداخلي لكل دولة، وتوضع دراسات تطبيقية وإصلاحية لإعادة النظر بكل شيء لان هذه الهزات بين الدول وداخل الدول تسبب الكوارث وستتعاظم الكوارث مع الأيام والاستباق في التفكير والإجراءات يمثل ضرورة ملحة، ونحن نقترب من مشاكل بيئية وفي خضمها ومشاكل اقتصادية، ومكانية تعالج بعقلية وقيم أزمنة ماضية لا تتناسب وتفكير مطلوب للعصر.
أن القرآن الكريم بمثانيه يحتاج مؤسسات فكرية لاستنباط الحلول الملائمة للواقع بفهمه وتحييد الجهاز المعرفي الموروث عند الجميع الذي هو عنصر تخلف وصدام وليس رقي للآدمية.

أحدث المقالات