بعد سقوط النظام والاحتلال الامريكي للعراق 2003 شهد العراق سلسلة من الانتخابات –كان اولهما انتخاب الجمعية الوطنية أو البرلمان العراقي المؤقت التي انبثقت عنها حكومة انتقالية. حيث صوت العراقيون لاختيار 275 عضوا في الجمعية الوطنية الانتقالية 2005 –وجرى الاقتراع الثاني 15 ت الاول 2005 على مشروع الدستور العراقي ثم انتخابات مارس 2010 وانتخابات 2014 هي أول انتخابات برلمانية منذ الانسحاب الأمريكي من العراق 2011 وتحديد موعد اتتخابات 2018 جاء بعد صدور قرار المحكمة الاتحادية وتوقيع رئاسة الجمهورية على اجرائها في 12 مايس 2018 بعد جدل وانسحابات متتالية في الأيام الماضية، حاسماً الجدل بشأن التأجيل، ولاول مرة تشارك الفصائل المسلحة رسميا وعلنا في الانتخابات القادمة خلافا لاحكام القانون – حيث تشير المعلومات من داخل المفوضية العليا للانتخابات في العراق إلى أن 62 شخصية بارزة في تلك الفصائل يمثلون 11 حزباً وحركة ، ضمن ما يعرف بـ”الحشد الشعبي – وانها قد حصلت فعلياً على الترخيص القانوني المطلوب للمشاركة وهو ما يثير قلقاً بالغاً في أوساط التيار المدني والمكونات الأخرى في البلاد، التي اعتبرت ذلك التفافاً على القانون وخطراً يهدد حلم إقامة دولة مدنية عراقية
و نشيد هنا بعمليات التصويت الاخيرة لمجلس النواب العراقي بالغاء مجالس النواحي وتقليص عدد الاعضاء في مجالس الاقضية والمحافظات – كذلك نشيد بالتصويت على اعتماد شهادة البكالوريوس او مايعادلها للمرشح للانتخابات – ونعتبرها خطوة تصحيحية في الطريق السليم الا ان البرلمان لم يبعد مزدوجي الجنسية متعددو الاخلاص والولاءات كما لم يقلص عدد نواب ا لبرلمان – ولم تجرؤ هيئة النزاهة من منع الفاسدين من اعادة الترشيح مجددا !!!
نحن نتمنى ان يكون البرلمان القادم هو الافضل من الدورات السابقة نوعا ووعيا وثقافة وقربا من الشعب – نريد ان يصبح الشعب قولاً وعملاً هو مصدر السلطات وعبر صناديق الانتخابات، وليس هناك من وصي أخر على إرادته في إدارة شؤون حياته بعد سنوات عجاف فاشلة من الإذلال والتهميش للشعب العراقي – نامل ان لا ينتاب العراقيين اليأس بسبب ما شهدوه خلال السنوات الماضية من سعيهم للديمقراطية، ومما اعترض هذا الطريق من صعوبات جمة وضحايا هائلة ودمار شامل- نطمح ان نرسي دعائم قوية ثابتة، ونتفادى أي ارتداد أو تشويه أو تلاعب في العملية الديمقراطية الفتية الجارية في البلاد، رغم بطئها والصراع العنيف الجاري حولها، فإن على العراقيين أن يحموا هذه المسيرة ويرعوها ويطوروها من خلال اجراءات تشمل كل مناحي الحياة الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والتشريعية، بما في ذلك تشريع قوانين واضحة تكرس هذه المسيرة ولا يجري تفسيرها بشكل مزدوج ولا تخضع لوصاية أو لإرادات خارج إرادة أصحاب الشأن وهم المواطنون العراقيون وليس غيرهم.
نطمح لانتخابات كفوءة ونزيهة وعادلة تطيح برؤو الفساد وتؤسس لدولة ديمقراطية حقيقية بعيدا عن عباءة الدين او عمامة المنابر والجوامع – بلا جلباب الطائفية والاقلية -ومنع استخدام دور العبادة وصور الرموز الدينية في الحملات السياسية والتنافس السياسي بل نطمح لطرح خطط وبرامج لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المستعصية في المجتمع العراقي، تلك المشاكل التي ينتظر المواطن العراقي بإلحاح حلها كالأمن والخدمات والتعليم والبطالة والتنمية والاستقرار-ولا يمكن أن نجري انتخابات نزيهة دون حل جذري لمشكلة احتفاظ عدد من الاحزاب السياسية الدينية بجيوش وأكداس من الاسلحة التي تستخدم كوسيلة للابتزاز السياسي وأرهاب الناخب العراقي وهي التفاتة طيبة الزم بها البرلمان السلطة التنفذية للعمل بها
وأشار الإعلان العالمي لمعايير انتخابات حرة ونزيهة الصادر عن اتحاد البرلمان الدولي في باريس 1994 إلى أن سلطة الحكم في أي دولة تستمد شرعيتها فقط من الشعب، كما يعبر عن ذلك في انتخابات حرة ونزيهة تعقد في فترات منتظمة على أساس التصويت السري العادل. ويحق لكل ناخب أن يمارس حقه في التصويت مع الآخرين وان يكون لصوته نفس الثقل لأصوات الآخرين، وان تضمن سرية الاقتراع.
وأكدت وثائق الأمم المتحدة على عمومية الاقتراع والتساوي في الاقتراع العام، أي أن يكون لكل مواطن الحق في التصويت في أي انتخاب وطني أو استفتاء عام يجري في بلده – ويكون لكل صوت من الأصوات نفس الوزن، وعندما يجري التصويت على أساس الدوائر الانتخابية تحدد الدوائر على أساس منصف بما يجعل النتائج تعكس بشكل أدق واشمل إرادة جميع الناخبين، ولضمان سرية الانتخاب يجب أن يكون بإمكان كل ناخب أن يصوت بطريقة لا سبيل فيها للكشف عن الطريقة التي صوت أو ينوي التصويت فيها، وان تجري الانتخابات خلال فترات زمنية معقولة
ولتعزيز نزاهة الانتخابات لا بد من أن يكون كل ناخب حرا في التصويت للمرشح الذي يفضله أو لقائمة المرشحين التي يفضلها في أي انتخابات لمنصب عام، ولا يرغم على التصويت لمرشح معين أو لقائمة معينة، وان تشرف على الانتخابات سلطات تكفل استقلالها وتكفل نزاهتها وتكون قراراتها قابلة للطعن أمام السلطات القضائية، أو غير ذلك من الهيئات المستقلة النزيهة – ويجب على الدول أن تشكل آليات حيادية، غير منحازة أو آلية متوازنة لإدارة الانتخابات ومن أجل تعزيز نزاهة الانتخابات، كما يجب على الدول أن تتخذ الإجراءات الضرورية حتى تضمن أن الأحزاب والمرشحين يحصلون على فرص متساوية لعرض برامجهم الانتخابية
ووفق خريطة المواقف السياسية المعلنة، فإن معظم الأحزاب السياسية ستخوض الانتخابات إما مستقلة أو ضمن تحالفات سياسية مغايرة لتلك التي خاضت بها انتخابات – خارطة التوافقات والتكتلات السياسية غير مستقرة والصراع على الرقم 1 هو الابرز للاستحواذ على منصب رئيس الوزراء للمرحلة القادمة –
بدا واضحاً أن الصورة التي بدت عليها التشكيلات التي ستخوض الانتخابات النيابية العراقية تستند إلى الطائفية المقيتة مع استثناءاتٍ لا تأثير لها” وثالثة، بلا أيّ رادع أخلاقي ولا أي حياء؟ تاريخ أيّ واحدٍ من هؤلاء، أو تاريخ أيّ حزبٍ من أحزابهم، يوضح أن كلا منهم غاطس في الجرائم والفساد ودماء العراقيين ونهب البلاد، فكيف يحقّ لكم أن تعيدوا إنتاج أنفسكم ثانية، من أجل البقاء في السلطة؟ ماذا قدّمتم للعراق والعراقيين منذ 15 سنة غير الكوارث والنكبات والحروب الأهليّة والصفقات المشبوهة والتدمير الممنهج للمدن، وبعثرة اقتصادات البلاد، وسحقتم الناس ونهبتم المال العام؟ هل حاسبتم أحداً من المجرمين الكبار؟ هل اعتذرتم عن أسوأ القرارات؟ هل راجعتم أنفسكم مراجعة ذاتية، واعترفتم بما فعلتموه ظلما وعدواناً ؟ هل قمتم بالتحقيق مع أيّ مجرم فاسد تولى المسؤولية، وأساء إلى العراق وإلى أهله وتاريخه هل صدّقتم في الذي ناديتم من أجله، ووعدتم الناس بالإصلاحات؟ أين هي إصلاحاتكم؟ تغنيّتم بالحياة السياسية المدنية قبل أشهر، أين غدت وعودكم اليوم؟ قولوها بصريح العبارة، أنتم طلاب سلطة وتريدون البقاء في حكم العراق مهما كانت الأثمان باهظة.