بذلت ولازال تبذل جهودا كبيرة لنشر أفكارا عديدة تحديدا تحت غطاء المقدس؛ كي تربى الأجيال المسطحة الذهنية على الطاعة، السيطرة، الانقياد، الجبرية، الدينية المتطرفة المعروفة التي تتردد كثيرا على أذهاننا وصورها على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام. مع ذلك، حتى نحكم من خلال هذه الوقائع اعتمادا على دينامية حركات الاحتجاج والتظاهرات التي تتوكأ على المقدس، لابد من الوصول عبرها الى خلاصة مفادها أنه برغم كل محاولات التلاعب بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وسيرة الصحابة وأهل البيت الكرام والرموز الدينية المتزنة، فهناك في زاوية ما عظمة تبثها تلك الآيات، شعور قوي بالذات وبالحقوق الأكثر تعرضا للانتهاك. عظمة وشعورا يعطيان تلك الطاقة للغضب وتخيل العالم بشكل آخر أجود من الحالي.
من هنا تبرز أهمية التآلف مع الكلمات الرمزية والمشاهد الأساسية والمفاهيم المحورية المحملة تماما بالوجدان والانفعال، التي عمرها خمسة عشر قرنا، التي يوقظها ويحييها المحتجون، ينتمي إليها حق وباطل، الباطل هنا هو المشكلة.
كان كل واحد يملأ هذه الصرخة بقلقه وحرمانه، حتى نفهم لماذا تجعل كلمة (الحق) الحشود وتجند الغرائز، لابد من السفر بعيدا في الذاكرة.
يجب صعود التقويم حتى قبل عام الصفر، والغوص في الجاهلية وهي العصر السابق للإسلام. كيف كانت مكة قبل الإسلام ؟. كل رحلة هي بالضرورة مغامرة، وغوص في عمق الغريب. إننا نعرف ذلك ونجهز أنفسنا له، لكن, لا يمكن أن نلقي غربة أكثر من غربة الجاهلية.
إن الجاهلية، ذلك الموطن قبل الإسلامي يشبه لدرجة الالتباس بعنفه وفوضويته ما هو مألوف لدينا الآن. أن معنى الكلمة شديد الاضطراب حتى لم نعد نعرف فيها، كما هو الحال في الأساطير القديمة، إن كنا نصعد أو ننزل نهر الزمن. بعض الأنهار كالتقاويم المقدسة تدور في مكانها وتتناغم مع اللحن الدوراني لزمن معلق في اللانهاية. من حقنا ونحن نرى الحاضر المرير أن نتساءل مع الدكتورة فاطمة المرنيسي: الجاهلية، هل هي في الخلف ؟.
نلاحظ تقاتل المسلمين فيما بينهم، الغريب انه بمجرد أن يخالفك بالرأي أو المعتقد أصبح قتاله(حق)و واجب ديني أو شرعي. أي شرع هذا ؟ ألا توجد فكرة إصلاح أو توقف أو طريقة أخرى غير جز الرقاب مثل النعاج، مهما كان المقابل خصمي. لماذا نحن المسلمين نبدأ من النهاية بعد أن نحرق سفن العودة؟. بينما غيرنا قد تراجعت عنده الكثير من هذه الخروق، أيضا عندهم دين ودنيا يخافون عليها. هل نحن فقط من كتبت عليه سنة الموت وترخيص الارواح ؟ أين هم علماء الدين والشريعة المصلحين؟، لماذا يسكتون عن البعض الذي يستنبطون فتاوى الأذى بالمسلم. لماذا لا يصرحون بإيقاف هذه المخالفات واللجوء الى منطق العقل وعدم انجرارهم أنفسهم الى المغالطات. قد يكون السكوت هنا واجب لكي لا تنجر بلدان المسلمين نحو منحدر لا يمكن الخروج منه أو العثور على مسلم بعد هلاك الأكثرية, لكن بنفس الوقت أين ذهب الحديث النبوي الشريف( من رأى منكم منكرا فليغيره)؟.