في إطار مسيرة الإصلاح الشامل التي يواصل العراق قطع الخطوات فيها، وعلى أساس أن الإعلام بشقيه الرسمي والخاص الذي ينضوي تحت مظلة الإعلام الوطني جزء ومكون أساسي من عملية الإصلاح من جهة، وهو المنبر الذي من خلاله كذلك يتم الإعداد والترويج لمسيرة الإصلاح.
فيما يخص موضوع تطوير الإعلام واعني هنا الإعلام الوطني بسائر أشكاله؛ المطبوع والمرئي والمسموع والالكتروني، فلا بد له، وقد آمنا بحريته، من التعبير بمهنية رفيعة ومسؤولية وطنية عن هذا البلد الذي لا تهدأ محاولاته للتقدم، ولا يتراجع عن أحلامه وأشواقه وهو يسير نحو الحرية والحياة الكريمة. وقد شهدنا تراجعاً في الإعلام الرسمي، أسهم في عدم إيصال رسالة الدولة العراقية وصوت المواطن بالشكل الذي يليق. إننا في العراق وطن حرية وإبداع، يقبل الرأي الآخر ويحترم التعددية والعدالة وسيادة القانون. وهنا من الضروري التوجه لإعداد استراتيجية للإعلام تقوم على قاعدتي الحرية والمسؤولية، وتأخذ بعين الاعتبار متغيرات العصر من أدوات جديدة للاتصال.
وتهدف هذه الإستراتيجية إلى تعزيز البيئة الملائمة لإيجاد إعلام عراقي مستقل ومستنير يقوم على الأسس الآتية:
– بيئة تشريعية مواتية توازن بين الحرية والمسؤولية.
– مهنية عالية للإعلاميين تقوم على التدريب الموضوعي المستدام.
– التنظيم الذاتي للمهنة والالتزام بأخلاقياتها.
وانطلاقاً من الوعي بحقيقة أنَّ الرسالة الإعلامية أحد أهم مكونات الإصلاح السياسي الشامل، الذي هو نهج استراتيجي، وتعبير عن الإرادة السياسيّة العليا، وضرورة تقتضيها مسيرة التطور والتحديث في الدولة العراقية، ومتطلبات بناء المستقبل؛ وفي ضوء ما تقدّم تضع الإستراتيجية المبادئ التالية:
– الانطلاق في التخطيط الإعلامي من التزام العراق بالحريات الإعلامية والقيم المهنية والأخلاقية للعمل الإعلامي.
– تطوير خطاب الدولة الإعلامي، لكي يعكس حقيقة التحوّلات التي تشهدها الدولة والمجتمع، والتي تؤسس لأنموذج عراقي متقدم في المنطقة من خلال عرضه للإنجازات التنموية والإصلاحات الواثقة، والتحّول الديمقراطي المنشود من قبل القيادة والشعب على حدٍّ سواء.
– تطوير مهنية أداء وسائل الإعلام من خلال جودة المحتوى الإعلامي في مؤسسات القطاعين العام والخاص من جهة، ومساندة قطاع الإعلام نحو المزيد من التنظيم الذاتي من جهة أخرى.
– تنمية قطاع الصناعة الإعلامية العراقية من خلال تنمية قطاع الإنتاج الإعلامي والدرامي، واستعادة دور العراق ومكانته في هذا المجال، وفتح الأبواب أمام جذب قطاعات فرعية للاستثمار في الصناعات الإعلامية المتمثلة في المطبوعات والنشر، والمحتوى الإعلامي العربي على شبكة الإنترنت، حيث تتوافر للعراق خاصّة فرصة التحول لمركز إقليمي رائد في هذا المجال.
– إبراز المسؤولية الاجتماعية، وأولوية الثقافة كسلوك وهوية في الأداء الإعلامي، ورفع التباين في قضايا الخلاف والاختلاف بين الجماعات والأفراد إلى مستوى النقاش، بمرجعياته القانونية والثقافية، بكل شفافيّة ووضوح يرقى إلى إرثها الذي يمتاز بالغنى والتنوّع الخلاّق.
إنَّ تبني هذه الخطة للإستراتيجية الإعلامية، بما تشتمل عليه من آليات محدّدة لبناء القدرات الإعلامية المؤسسية، وما تتضمن من تحديد المعيقات والثغرات التي يعاني منها القطاع الإعلامي العراقي واقتراح الآليات الدافعة لتطويره, ضمن مواثيق شرف العمل الإعلامي في المؤسسات المختصّة، حسب إمكانياتها وخصوصياتها؛ إضافة إلى أهمية وجود مجلس للشكاوى يتوفر على إمكانية معالجة القضايا الخلافية، من شأنه أن يضمن استمرارية العمل المؤسسي المحقق للأهداف والنتائج بالشكل الأمثل، ما يؤكد شراكة ومسؤوليّة جميع أطراف العملية الإعلامية في النهوض بهذا القطاع المهمّ، لخدمة رسالة الدولة العراقية والتعبير عن قِيَم الدولة وقوّتها، وصوت مواطنيها، بالشكل الذي يليق بهذا الوطن ومنجزه ونهضته.