علينا أن نفرق بين أمرين إثنين مهمين للغاية، الأول حين يكتب البعض أو يرسمون ليكشفوا زيف أدعياء الدين والحقيقة، والثاني حين يتعمد البعض الإساءة الى معتقدات الآخرين وثوابتهم وأفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم ويمسخها ويصورهم من الشاذين، أو حين يتعمدون الإساءة الى الله والأنبياء والكتب السماوية.
يتلقف المسلمون الجهلة منهم والمتعلمون وحتى اللبراليون والعلمانيون أحاديث وروايات ومواقف عن قضايا تحتاج الى التأمل والسكينة لا التسرع والمواقف الإنفعالية والآراء التي قد تحدث مشكلة ما على صعيد السياسة والإعلام، وتهدد وحدة المجتمعات. ونتذكر ماحدث لنجيب محفوظ الفائز بجائزة نوبل للآداب ونصر حامد أبو زيد الذي تعرض الى حملة شرسة ومخيفة بسبب مواقفه وآرائه الأدبية والفكرية، وكانت آخر الحوادث خلال الشهور الثلاثة المنصرمة تمثلتا بمقتل أمجد صبري المنشد الصوفي الشهير في باكستان الذي قتله ملثمان كانا يستقلان دراجة نارية بينما كان يقود سيارته في مدينة كراتشي المعروفة وأردياه برصاصات ظالمة بلا تردد ولارحمة، وكان ذلك في 22-6-2016 لكن العالم صدم بمقتل الأديب والصحفي ناهض حتر وهو أردني مسيحي يقيم في عمان أمام مجلس القضاء وسط العاصمة الأردنية عندما كان يروم دخول قصر العدالة لإجراء محاكمة ضده بدعوى الإساءة للذات الإلهية.
ناهض حتر كان أعاد نشر رسم كاريكاتيري ويظهر فيه أحد عناصر تنظيم داعش يشرب الخمر ويجلس الى جواره عددا من النساء ويتحدث الى شخص في باب الخيمة التي هو في داخلها وقد كتب على صورة الشخص المتوج بتاج ذهبي لفظ الجلالة الله، وكان الرجل المتدين يشرب الخمر ويتغزل بالجوار ويصدر الأوامر الى ربه ليحضر له المزيد من الخمر، ثم يطلب منه أن يضع بابا على الخيمة لكي يطرقه عندما يأتي ثانية، وواضح أن الرسام لم يكن يعني الإله الذي نعبده جميعا وهو الخالق الكريم العظيم الواحد جل وعلا وتقدست أسماؤه، بل كان يشير الى الفكر المتطرف لدى بعض المنظمات الدينية الإسلامية المتعطشة للتكفير ورمي الآخر بشتى أضناف التهم والذي يصور الإله الخاص بهولاء الذي يجيز لهم قتل الناس وسبي النساء وإغتصابهن وتجنيد الأطفال وهتك الحرمات والتهجير والتدمير والتفجير وتخريب الحياة بدعوى إقامة الإسلام، بينما الإسلام هو هو منذ 1438 سنة ويزيد لم يتغير، بل إمتد وإنتشر في جميع الأرض.
الله الذي نؤمن به ونقدسه هو الإله الواحد خالق كل شيء والقادر والحكيم والرحيم بعباده الذي يكافؤ الناس على إحسانهم ويغفر للمذنبين ويرحمهم ويجود على المساكين والفقراء وجميع العباد بأصناف النعم وأحسنها وأجودها، ويصبر على عباده مهما كانت الذنوب التي يقترفونها والسيئات التي يجترحونها، ولايستعجل بالعقوبة، بل يمنح لهم الفرص تلو الفرص، ويمهد لهم سبيل التوبة والعودة إليه، ولايمنع عطاءه عن أحد منهم مهما كان دينه ومذهبه ولونه ولغته لأن العباد كلهم عيال الله وهو الذي يقدر مايستحقون من مثوبة، أو عقاب، وليس من أحد غيره، بينما المتطرفون فهم مشركون لأنهم ينازعون الله في ملكه فيقتلون على هواهم ويسرقون ويسبون ويخطفون ويغتصبون ويحرقون بالنار التي جعل الله العقوبة بها خاصة له لاينازعه فيها من أحد.
أخشى أن تضطر اللجنة المانحة لجائزة نوبل لمنح الجائزة لتنظيم داعش وبقية المنظمات الدينية المتطرفة التي أبدعت في أساليب القهر والتكفير ونفي الآخر وقتله وإغتصاب النساء وهدم البيوت والمدارس والأسواق وحرق الأبرياء في الشوارع وقطع رؤوسهم.