لا اتذكر رجل الدين الذي قال في تسعينيات القرن الماضي “اردنا امام عادل فخرج الينا عادل امام”. كانت هذه المقولة على عهد اعتى الدكتاتوريات العربية في طول الوطن العربي وعرضه .. ايام كانت مقولات من طراز “الله اكبر وليخسأ الخاسئون” و”دي اميركا يابه” ومفاهيم الكتاب الاخضر لملك ملوك افريقيا وعميد الحكام العرب الى الابد الاخ العقيد قائد ثورة الفاتح من سبتمبر معمر القذافي تملأ زوايا المدن العربية حي , حي , زنقة , زنقة , دار .. دور . لم يكن قد حل الربيع العربي بعد. ولم يكن احد يحلم بهذا الربيع اصلا. ربما لم يلد بائع الخضار التونسي البو عزيزي بعد او كان صغيرا على الاقل.
عادل امام الذي حل طبقا لرؤية رجال ديننا محل “الامام العادل” بقي محتفظا برتبة الزعيم حتى اليوم برغم سقوط كل الجنرالات العرب ممن وصلوا الى السلطة عبر الانقلابات او الثورات. اليوم حيث لايزال الربيع العربي جاثما على صدورنا للسنة الثانية على التوالي “مطيحا” بالزعماء سواء ممن حملوا رتبا وهمية او كتبوا افكارا اكثر وهمية وطوباوية من رتبهم التي خسروا فيها كل معاركهم ومعاركنا معهم, فان محصلة هذا الربيع حتى الان مئات الاف القتلى العرب يتقدمهم جحافل الاسلاميين الذين لاتعرف توجهاتم الا من شكل ونوع لحاهم.
في خضم هذه التحولات الخطيرة التي حملت لنا جيوشا من “الائمة العادلين” من منظور الاسلام السياسي يجسد عادل امام رؤيته الزعاماتية على ارض واقعنا المر من خلال “فرقة” ارادها ان تكون هي وحدها “الناجية” حاملة اسم “عطا الله” في محاولة منه لايقاع اكبر قدر من اللبس والابهام في عقولنا وعواطفنا معا. هذه الفرقة التي سرقت اكبر بنك في اسرائيل وحلل السرقة امام الفرقة لكنه هذه المرة ليس عادلا الممثل بل مفتيها “الشيخ حسن”. هذه “الفرقة الناجية” حلت , معززة مكرمة, في بلدان “الممانعة العربية” حاملة فكرة هي الاكثر وهمية وسطحية عن مفهوم المقاومة “غزة, جنوب لبنان, سوريا” لتحل بها المقادير في العراق لكي يبحث زعيمها عن قسيمة زواج من “سوق مريدي” ولتولي وجهها شطر الصومال حيث وزعت اموال الغنيمة الحلال على الجياع الصوماليين بامر من “الزعيم” وفتوى من “الشيخ” . العملية كلها ليست اكثر من ضحك على الذقون. لكن ما اثار استغرابي هو هذا التصور الغريب للمفاهيم والاعتبارات التي يحملها عدد من المثقفين العراقيين ممن اختزلوا القصة ليصوروا المسالة على انها مؤامرة حاكها عادل امام ضد العراق الجديد. فعادل امام وطبقا لهذا الاختزال المخل والمشين للمفاهيم والاعتبارات بعثي سابق ومن فلول ذلك النظام. الفنان بهجت الجبوري الذي جسد احد ادوار هذا المسلسل حظي هو الاخر بقدر وافر من الشتائم التي لاتطال اداءه كممثل بل طالت اشياء اخرى معروفة. خلاصة القصة ان المسلسل كله لا يعدوا ان يكون سوى محاولة من عادل امام في ان يثبت مجددا وجوده على الساحة بعد ان اطاح ربيع العرب بزملائه الزعماء العرب. ولكي ينافس وحده هذه المرة .. ائمة الاسلام السياسي العادلون.