عدت مرة اخرى لقراءة كتاب كافن يونغ ( العودة الى الاهوار) بطبعته الثانية الصادرة عن دار المدى والمترجم من قبل الدكتور حسن الجنابي وشعرت بالخجل وانا اتوقف عند السطور الاولى للمترجم التي تساءل فيها قائلا ( لماذا لم نكتب نحن عن حياتنا بهذا الدفْ والاستقصاء ؟ ايكون الغريب اكثر منا تأثرأ وتأثيراً ؟ هل تناول كتابنا وادباؤنا مثل هذه الموضوعات والشرائح البشرية في وطننا ؟..) .. اقول شعرت بالخجل والتقصير حيث كان الغرباء اكثر حرصا منا نحن ابناء الوطن على التعايش مع شرائح بشرية في الصحارى والاهوار ومناطق اخرى نجهل الكثير عنها برغم المخاطر والاهوال التي تعرضوا لها خلال رحلاتهم المحفوفة بالخطر الذي قد يصل احيانا حد الموت ..
لا اود الكتابة في هذا الموضوع عن ما تضمنته الكتاب بصفحاته الـ( 201 وما تضمنه من مواضيع عن عالم الاهوار وناسه الطيبين وحياتهم ونسائهم، بل ساجعله مناسبة لمراجعة انفسنا والتفكير جديا عن اهمية التفكير جديا بزيارة هذه المناطق وغيرها والكتابة ، حيث سيكون لكتابتنا معنى ادق عن اناس اثرنا تناول قضاياهم استنادا على السماع او بالاعتماد على مصادر اغلبها اجنبية ..ربما زار الكثير منا الاهوار او قرى ومناطق اخرى نائية من العراق في اطار جولات تنظمها جهات رسمية ، غير ان هذه الزيارات ذات الطبيعة السياحية لا تجعلنا نسبر اغوار سكان الاهوار ولا معرفة طبيعة عيشهم والظروف التي مرت بهم .. لذا ستكون الكتابة باردة و باهتة وسطحية .. ولا ترقى الى مستوى ما سطره يونغ من مشاهدات انسانية التي نتلمسها منذ قراءة الاسطر الاولى في الاهداء..
يونغ وغيره ممن كتبوا عن العرب كلورنس وغيره الكثير يفترض ان يجعل كل واحد منا يسأل نفسه كم نحن قريبون ممن نكتب عنهم واقرب مثال الى ذلك موضوع النازحين ومعاناتهم ؟ وكم اديب وصحفي وشاعر زار مخيماتهم وتعايش معهم ؟ ونفس الشيء ينطبق على الاهوار وغيرها من مناطق العراق الاخرى خاصة الجزيرة وقرى نائية اخرى !
لن ندعو هنا الى القيام بجولات في مناطق اخرى من وطننا العربي الكبير لاننا نعرف ان الانظمة اعتادت ان تمنح كل التسهيلات للاجنبي لكنها بالنسبة للعربي تضع العراقيل وتنظر اليه بعين الشك والريبة ، لكننا هنا نتمنى ان يضع بعضنا برامج للقيام بزيارات الى الاهوار وغيرها ونقل صور حية بالكلمة عن واقعها وعاداتها وتقاليد اهلها وترسيخ علاقات انسانية تقربنا من اهلها حيث ان الكثير منا اكتفى بالجلوس بالمدينة دون ان يكلف نفسه زيارة الاهوار او غيرها بل نحن نعيش شبه حالة جهل عن وطننا ..ولا احسب انني هنا اكون رومانسيا او مثاليا بل هي اكثر من واقعية واتمنى على منظمات المجتمع المدني خاصة التي تهتم بموضوع اعادة الحياة للاهوار ان تبادر هي لتشجيع من يرغب من الصحفيين والادباء للقيام بمثل هذه الزيارات التي تأخرت كثيراً .. وشكرا ليونغ والدكتور حسن الجنابي حيث حفزاني على مراجعة نفسي وان اشعر بتقصيري تجاه وطن رددت كثيرا ان حبه من الايمان .. مع الاعتذار من بعض الصحفيين والادباء الذين تناولوا بالكتابة الاهوار او غيرها لكنها لم ترق الى مستوى ما كتب يونغ من ( دفْ واستقصاء ).