23 ديسمبر، 2024 5:48 ص

نحن وقمة محمد صلاح وبنزيمه !

نحن وقمة محمد صلاح وبنزيمه !

وقت مستقطع من السياسة وهمومها الى عالم المتعة ، ولأنني كأي عراقي ، لويت عنق المتعة البريئة الى عالم السياسة في البلاد وهو عالم سيء الصيت والسمعة كما ترون بأم أعينكم ، بل وتعانون من هذا العالم المصلحي البغيض !
تركت ادمان متابعة البرامج السياسة، الرافعة للضغط والسكري، يوم السبت لالتحق بركب المتابعين لنهائي بطولة ابطال اوربا للاندية بين ريال مدريد الاسباني بقيادة الجزائري بنزيمه ، وانا من مشجعيه غير المتعصبين ، غير اني حزنت جدا من مغادرة رونالدو لصفوفه ، وليفربول الانكليزي بقيادة المصري محمد صلاح.
وحولني هذا التحوّل في المشاهدة الى دكتاتور قزم يبرز عضلاته امام الجدران الواطئة وكما يقال شعبيا ” حايط نصيّص ” أو ” ابويه مايكدر الا على امي ” وربما العكس هو صحيح !
المهم حجزت مقعدي امام الشاشة فيما تركتني العائلة باحتجاج صامت وحيدا مع آخر العنقود نهذري لوحدنا ، لكنني اكتشفت ان هذا الصغير محلل رياضي اكثر غنىً من رهط المحللين السياسيين وهم يتناقرون مثل كنّتين تتصارعان على كسب ود رجل واحد !
الم اقل لكم بهوسنا بالسياسة ، فما علاقة هذا بذاك ؟!
شاهدت متعة كروية بيننا وبينها زمن ضوئي حتى نقول نحن نلعب كرة قدم حقيقية ، وهو ماينطبق على ديمقراطيتنا وديمقراطيتهم ، فعلينا الانتظار طويلاً لنقول نحن نلعب كرة قدم ونمارس الديمقراطية ، وهي امنية على مايبدو، من حكايات السلاطين !
شاهدت جمهورياً يصفق لفريقه الخاسر رغم انه كان الاجدر بالفوز بحسب المحلل الرياضي الصغير ، وهو درس للمتصارعين السياسيين بيننا الذين يصّرون على تحويل الخسارة الى ربح رغم انتهاء المباراة أو الانتخابات واطلاق الحكم لصافرة النهاية !
شاهدت قوات امن الملاعب وهي تتعامل مع جمهور حاول اقتحام الاسوار ، وهو تعامل احترام للانسان وقدسيته ، وهو ما لم نشاهده لقوات مكافحة الشغب عندنا في تعاملها مع جمهور يحتج من اجل حقوقه المشروعة !
شاهدت الفريق الفائز وهو يصفق بكل احترام ومودة للفريق الخاسر ، على عكس المنتصر لدينا في عالم السياسة الذي يذّل الخاسر ، فبأي آلاء تصدقان أو تكذبان !
شاهدت فريقا رابحا يمنح احقية حمل كأس البطولة للاعب لم يشارك في المباراة ولم يكن جزءً من صناعة الفوز ، احتراماً لقرار الاعتزال ، ولم يتنازع عليه الكابتن أو المدرب ، كما يتنازع حتى الفائزين لدينا بحمل راية الجهاد المقدس !
شاهدت مباراة للابداع الرياضي لم يصفر فيها الحكم على أي مخالفة الا بعد نصف ساعة من بداية المباراة ، فيما صفارات المخالفات الدستورية والقانونية يضج منها المواطن في الشارع واماكن العمل والاسوأ تحت قبة البرلمان !
انصياع ربة بيتنا لدكتاتوريتي المتواضعة وقيامها بتقديم ما متوفر في البراد بصمت وحنق فيما نتناقش انا والمحلل الصغير إن كان هدف بنزيما الملغي صحيحااً أم لا ، لكنّه نقاش لاعلاقة له بنقاشات ساستنا ان كانت قرارات المحكمة الاتحادية صحيحة أم لا ؟ مخالفة للدستور أم لا ؟ ولم يهدد احدنا الآخر باثارة الفوضى في البيت المنقسم بين مشاهدة المباراة او متابعة انستغرام المشاهير !
شاهدت جمهوراً يشجع ويهتف لمحمد صلاح ليس لانه انكليزي او مصري ليس لانه مسلم او مسيحي ، كانوا يهتفون له لانه يقدم لهم متعة وابداع وفرحة !
شاهدت جمهوراً يشجع ويهتف لبنزيما ليس لانه اسباني او فرنسي ااو جزائري ، ليس لانه مسيحي او مسلم ، كان جمهوراً يشجع ويهتف للمحات الفنية والابداعية لهذا اللاعب !
معايير نحن بحاجة لتكريسها ليس في مجتمعاتنا فقط وانما في عقول ساستنا وهم ينهشون البلاد سائبين فيها طولاً وعرضاً !