18 ديسمبر، 2024 8:02 م

لا نريد ان نعود الى انقلاب 14 تموز والقضاء على الملكية وما دار خلف الكواليس قبلها . لان ذلك سيثير حفيظة كثير من الناس . ولكنني ساذكر محاولة العميد عارف عبد الرزاق للانقلاب على الرئيس عبد السلام عارف عام 1965 . حيث كان رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع وقائد القوة الجوية  . وعندما ذهب الرئيس عبدالسلام عارف الى المغرب في زيارة رسمية . قام عارف عبد الرزاق بالانقلاب عليه في بغداد . ورغم ان لديه كل السلطات العسكرية والتنفيذية الا انه فشل في انقلابه ولم يكن عبد السلام موجودا ايضا . فما سر ذلك . عندما نفي الى مصر وسالوه عن اسباب فشل الانقلاب وهو لديه كل السلطات . اجابهم كنت اعتقد ان من لديه القوة يستطيع ان يعمل اي شئ وقد فاتني ان الامر يحتاج الى كارت اخضر من الولايات المتحدة للحكومة الجديدة . هذا مثال لنفوذ امريكا في وقتها والى يومنا هذا .  لا شئ يحدث في العراق الا بموافقة الولايات المتحدة . بعدها وفي عام 1968جرت انتخابات في العراق للمعلمين والطلبة وبعض النقابات وفاز اليساريون في اغلبها وكان مؤشرا خطرا للامريكان في احتمال سيطرة الاحزاب اليسارية على السلطة. فتم انقلاب الجناح اليميني لحزب البعث و بعض قيادات الجيش القومية على حكم عبد الرحمن عارف وذلك كاجراء استباقي لتجنب الحكم اليساري في العراق . فتم اضعاف الحزب الشيوعي والقضاء على الجناح اليساري لحزب البعث من قبل حكومة البعث الجديدة . وظلت الحكومة العراقية تراعي المصالح الامريكية . حتى حدث شئ ما ادى الى تضارب المصالح الامريكية مع سياسة صدام بعد احتلال الكويت . ومع ذلك فان بوش الاب لم يقض على حكومة صدام لعدم معرفته بالافاق المستقبلية للمصالح الامريكية في العراق . وجرى بدل ذلك حصار العراق لمدة عشر سنوات ولو كان صدام سياسيا لتجنب الحصار بعد معرفة مامطلوب منه . ويبدو ان الحصار كان يحقق مصالح حكم صدام ايضا والا لما استمر كل هذه الفترة الطويلة . وفي عام 2003 قامت امريكا باحتلال العراق بمعزل عن الامم المتحدة ، ونصبت حكومات من الرعاع لاستكمال تدمير البنى التحتية للدولة . والحاق الضرر البالغ بالتوازن الحضاري للانسان العراقي ، واعادته الى عقلية القرون الوسطى . .  وبعد الربيع العربي خشيت امريكا من رغبات الشعوب العربية في استقلال القرار العربي فعملت على اسلمة هذه الثورات على وفق نظرية الاسلام المعتدل الذي طرح في المؤسسات البحثية الامريكية كبديل عن الاسلام الراديكالي فجاءت تجربة تونس ثم الاخوان المسلمين في مصر .  بعدها حدث الانقلاب الذي اعاد العسكر الى حكم مصر لعدم توفر بديل مقبول بعد فشل الاخوان ورفض الشارع المصري المثقف  والمتحضر  لهذا الحكم . ان دول الخليج وعلى الاخص السعودية قد عرفت منذ وقت بعيد ان خيوط السياسة في المنطقة العربية بل وفي العالم وخصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي هي بيد الولايات المتحدة . حتى اوروبا والاتحاد الاوروبي يعلمون جيدا كيف يحافظون على مصالحهم من خلال ضمان المصالح الامريكية وعدم تقاطعها مع المصالح الاوروبية وبعكسه فان امريكا ستثير مشاكل لا اول لها ولا اخر . ان ايران البركماتية ترفع شعار العداء لامريكا الا ان اتفاقات تحت الطاولة تتم لضمان المصالح المشتركة لكلا الدولتين  . يخطئ من يضن انه قادر على مواجهة الامريكان . ومنذ وقت ليس بالقصير قال محمد حسنين هيكل بعدم جدوى مناطحة الثور الامريكي وكانت تاخذنا العزة فهاجمنا هيكل واعتبرنا قوله هذا ترويجا للسياسة الامريكية في المنطقة  . الا انه ثبت وعلى مر الزمن صحة هذه النظرية
انني لا ادعو هنا ان نكون منقادين لامريكا كالاعمى ، او نتخلى عن طموحاتنا القومية او القطرية ولكنني ادعو الى تحقيق مصالحنا القومية او القطرية بما لايتعارض مع مصالح الولايات المتحدة . في العراق هنالك ديانة يقول عنها عامة الناس انهم يعبدون الشيطان وهم بالحقيقة لا يعبدونه بل يعبدون الله الواحد . الا انهم يخافون من شرور الشيطان ولذلك فانهم يتجنبون اغضابه . وهذا ما يجب علينا عمله . حتى نكون كالاوربيون في موائمة مصالحنا القومية والوطنية مع المصالح الامريكية دون افتعال التقاطع معها ، لنأمن شر هذه الدولة الكبيرة بسياساتها واسلحتها وتقدمها وحتى بمؤامراتها . ان كثير من الناس سوف يرفضون هذه الفكرة من باب الطفولة اليسارية او الوطنية .  الا ان السياسة هي فن الممكن  وقد ناطحنا امريكا على اعتبار انها العدو الاول فلننظر ما الذي حل بنا . المصلحة الوطنية والسياسة الهادفة هي الطريق الاسلم ، ولنبتعد عن المزايدات امام شعوبنا . ولنتحدث بصراحة ان مصالحنا ورفاهنا وتقدمنا تكون مع السلام والبركماتية اي ضمان مصالحنا ومصالح شعوبنا وهذه اولى من الحروب المستمرة . وكفانا عداءا وعنادا ولنعمل بعقلانية لنضمن سلامة اوطاننا وسلامة اجيالنا القادمة وكفانا موتا ودمارا . فسلاحنا العقل والحكمة امام اسلحة الدمار الشامل التي لانملكها . اننا الان في اضعف حالاتنا وقد آن الاوان للوقوف على اقدامنا من هذه الكبوة التي ذهبت بنا وبشبابنا واوطاننا في مهب الريح . انها ليست دعوة للركوع كما يضن البعض ولكنها دعوة لالتقاط الانفاس والعمل بحكمة اكثر بدل المزايدات والخطب الجوفاء . انهم يحرضوننا ضد الامريكان وهم يقيمون افضل العلاقات معها بسرية وقد اصبحنا طعما سهلا بيد الصيادين الماهرين المحيطين بنا ولازلنا نعتقد اننا نقود انفسنا ، وقد اصبحنا خلف جميع الامم ولازلنا مغمضي الاعين نسير وراء الغربان . وقد آن الاوان لنصحوا من غفوتنا ونتعلم كيف ناخذ ونعطي وقديما قالوا رحم الله امرئ عرف قدر نفسه