22 ديسمبر، 2024 8:14 م

نحن والخنساء …

نحن والخنساء …

قال العراقيون في الفواجع والمصائب التي ألمت بهم ، ما لم تقله الخنساء في الحزن … ثلاثة عشر عاما ، والمآقى تذرف دموعا ، والأجساد تنزف دما ( دون رحمة ) في مسلسل مفتوح الحلقات والمفأجآت… كلنا ( صخر ) ، وإن لازلنا أحياء ، ننتظر دورنا ، نرثي أنفسنا ، شاكين باكين على العزيز المفقود ، والجريح الممد على سرير الشفاء … أطفال تموت ، وشموس تغرب قبل الآوان… أقمار نبكيها ، وما يجدي البكاء ، بعد كانت تملا حياتنا أملا ومحبة وضياء.. …. الفرق بيننا وبين الخنساء ، هو أن تماضر فقدت إثنين ، وإلى اليوم يبكي شعرها ، ويتفاعل معه من يقرأه ، ونحن فقدنا ولا نزال الآلاف ، وكل واحد منا لا يقل عن ( صخر ) شجاعة ومروءة وكرما وحبا لأخته وأبيه ووطنه الذي يفديه ، لكن قدره أن يموت بمفخخة جبانة ملعونة ، أو يذبح بسكين أعمى ، أو كاتم أخرس ، أو جثة مرمية على قارعة الطريق أو في نهر جار .. . كانت الخنساء تبكي بحزن وحرقة ، وهي تفتخر وتمدح ، فاستحقت من النابغـة الذبياني لقب أشعر الجن والإنس ، ونحن نبكـي ونتألـم ، وننزف دما يوميا ونستغيث ، ولا من مجيب …موت وغياب وفراق ، وقلوب كم بكت وأبكت، وعيون حائرة جفت فيها الدموع ، نحن نستغرق في الحزن والأنين ، والقتلة ( يتمادون ) في الإجرام والارهاب.. . ثلاثة عشر عاما مضت ، وكأن ما فات لا يكفي من التفجيرات ، والمفخخات والكواتم ، وآلاف الضحايا .. وأكوام من الأخبار ، تشابهت في المضمون والعنوان ، أدانة واستنكار ، واتهامات ، ومناكفات ، وكل طرف يحمل الأخر مسؤولية ما يحصل … مسوغات ، وتصريحات ملت الاسماع منها ، وإذا ما رجعنا إلى ما سبق أن قالوه منذ ثلاثة عشر سنة والى اليوم لما وجدنا جديدا في ما يقال ، أو أملا قريبا يطل .. ( قلق ، وخرق امني ، وضعف الجانب ألاستخباري ، وتغيير تكتيك وإستراتيجية المسلحين والارهاب … الخ ) كلمات وعبارات مستهلكة ، وكأنهم محللون ، وليسوا مسؤولين أو سياسيين …
وسؤال حائر ، يا سيدة الشعر .. الى أين نحن سائرون ..؟.. وكم من الصبر يكفي ..؟.. ومتى ينتهي هذا الوجع ، وتُسدل الستارة على مسلسل الموت ، وتعود الحياة الى طبيعتها بلا معاناة ودماء وخراب و انفجارات ترعبنا وتقتلنا..؟
ولمذا كُتب علينا الموت بدون وداع؟.. وأما آن للحزن أن ينتهي ..؟!