18 ديسمبر، 2024 8:10 م

في سلسلة مقالات لماء الذهب، وسلسلة مقولات مقالات:
أنا اكتب إذن أنا كلكامش ( مقولة الكاتب) ()
مقالتي حمالة النثر القديم ، ورافعة النثر الجديد( مقولة الكاتب)
ابدأ مقالتي بمقولتي: نحن امة ، تعيش الأكذوبة ، وتنتج الأكذوبة، وتلعن الاكذوبة00 الأكذوبة ، وما أدراك ماالاكذوبة ، تشغل في حيز حياتنا حجما كبيرا ، فتارة تظهر بصورة الوهم ، وأخرى بصورة الخرافة ، وأخرى بصورة التغابي ، وأخرى بصورة الحماقة ، وأخرى بصورة المؤامرة0 والخرافة ليست كالأكذوبة ؛ لأن في طيات الخرافة يدخل جمال وتزويق الكتابة وصولا الى انتاج نص مؤثر في المتلقي ، لكنك في الأكذوبة تعاني الأمرّين : ففي الأكذوبة يتجسد الكذب والدهاء السياسي ، والتملق والرياء ، والغش والمجاملة ، على حساب الحق ، وتبني الزيف ، وخذلان الأصالة ، ونشر ثقافة التهميش والإقصاء ، وتزوير التاريخ السياسي ، والأدبي والديني ، وتفخيخه بكل أنواع العبوات المميتة0
الأكذوبة لدينا ام وقورة ، ومحترمة ومقدسة ، فهي ام الصنم ، وخالة الطاغوت ، وعمة الفرعون ، ونبية الأحمق ، وحكيمة الجاهل ، ومعتمد الظالم ، وجهينة المغرم بإيقاعات الاكاذيب الراقصة ، والأفكار المهلوسة!
الاكذوبة ، مطية رجعيتنا ، وحصان انحدارنا ، وبغل غوصنا في المستنقع ، وحمار وحلنا ، وثور حماقتنا ، وغراب نعيقنا ، وصقر انهزامنا ، ومعتمد بكائنا ، وجحا الضحك على ذقوننا ، وقرقوز مهزلتنا ، وحوت سرقاتنا ، وتمساح حماقاتنا ، وكاكارين أوهامنا ، وغاندي عنبنا الذي لاتناله أيدينا ، ومتنبي ملعبنا الشعري المخترق بالمزيفين ، وضربة جزاء مقتلنا 0
والأكذوبة ، نحن صناعها ، ونحن أدواتها ، ونحن ضحاياها ، فنحن نحمل فايروس محاربة الرجال ، وصناع المجد الحقيقيين ، ونستبدلهم بالمزيفين ؛ لأننا لانتقن قراءة لغة التميز بين المزيفين والاصطلاء ، فندخل مبارياتنا بالاحتياطي القليل مع خصم سيهزمنا بالأصلي الكثير ، فتكون نتيجة ذلك ان تقع دويلاتنا فريسة لعدوان يتحالف فيه علينا اكثر من خصم ، ونحن نتبجح بكثرة الخصوم ، وصولة المهزوم!
الاكذوبة، هي من جعلتنا نرى بعين واحدة ، ولا نفرق بين وجه الشمس المشرق ووجها في حالة الغروب ، فالشمس عندنا وبمقاييسنا واحدة في كل انعطافاتها، ومراحل نهارها 0
نحن امة ، تحلم بارتداء الوشاح الياباني ، ولكن هذا الحلم لايتأتى لها الأمن خلال تنابلتها ، ولصوصها ، والعارفين بطرق خداعها ، وبيعها حاشاها رخيصة في سوق الأمم 0
هذا وجه القراءة من الجانب السياسي، أما جانبها الأدبي ، فهو وحده حاز على سطوره الذهبية ، وهو الملكوت بعينه ، فكتاب وشعراء امتنا ، وفنانوها وعلماؤها ورياضيوها، ورموزها ، هم أنبياء عذابها السياسي ، بهم وقفت تصد اعتى الهجمات ، فكم من قصيدة أنجبت قائدا ، وأخرى أيقظت امة ، وأخرى أبكت عينا ، وأخرى حطمت مجدا ، وأخرى بنت صرحا ، وأخرى انبجست عينا ، وأخرى عصا موسى ، وأخرى تبرئ الأكمه ، وتحمل تاج المسيح ع ، وأخرى اخلع نعليك انك في الوادي المقدس طوى تختم الشعر كله ن كما ختم محمد العظيم الأنبياء والرسالات ، فمعذرة لأمة صدقت معها فجرحتُ فؤادي جرحا أبديا لايندمل إلا اذا رأيتها ، ترمي حطامها وتنهض من جديد في قبة مجد ، وحسبها لو أرادت ذلك، أن تحفظ صلة قرابتها العبادية مع الله عز وجل ، وقهر ودل، وعمامتها الضادية التي تنطوي على كل إعجاز تتعطش له اللغات الأخرى