واضح ان بداية حقيقية قد برزت بتحدٍ لاهوادة فيه لهذا المنحى، ونحن لانعترض على اي رأي بل كل الاراء محترمة، وواضح في نفس الوقت لماذا يطرح في هذا الوقت بان الدواعش قد كشفوا زيف ومدعيات الفكر الاسلامي المتسامح البناء، فلم يعد ظهور الدواعش القشة التي ستقصم ظهر الاسلام لاسامح الله فقد واجه هذا الفكر تحديات عظام عبر التاريخ ولا اقلها تحد ابرهة المشهور، بل ان هنالك ركام تاريخي منه له ومنه عليه بحاجة لتمحيص حقيقي جديد غير ما دأب عليه الاولون مع جل احترامنا لجهودهم التي لا نشك باخلاصها فهي معين لابد ان ينهل منه فما لايدرك كله لايترك جله.
ولكن الحقيقة التي برزت بعد ان كانت خامدة كالنار تحت الهشيم ( ان الاسلام في خطر ).
ولايتوهم البعض ان ما نعنيه بالخطر بانه سينتهي او سيهزهم عسكرياً او سيستأصل الارهابيون بعض اصحاب المذاهب الاخرى ، اي بمعنى آخر تغلب عسكري، ان هذا تستطيح لفهم المفهوم، ان ما نعنيه هو المطلق من خطورة الموضوع وليس التقييد باحد الممارسات.
فالاسلام في خطر عندما تُكتشف فيه ثغرات فكرية او عقائدية، وفي خطر عندما يتفرق اهله كما هو الحال عليه الى فرق عدة، وفي خطر عندما لايتمتع المنتمون اليه الى اقل قدر من المصداقية في تطبيق الجزء الاهم وهو المعاملات لتصبح العبادات عبارة عن ممارسات رياضية اقرب الى الرياء منها الى الطاعة الحقيقية، فضلاَ عن خطر التهديد بالاستاصال الارهابي.
والا ما معنى الحديث الشريف ( ستفترق امتي الى سبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ) ,وقد ذكر العدد بارقام اخرى.
الم يكن هذا هو الخطر الرهيب بعينه؟!، اليست هذه رسالة تحذيرية كبرى من الرسول (ص) الى المسلمين ليعدوا العدة ليحصنوا انفسهم من الوقوع فيها؟، ولكن ما نراه ان الذي حصل هو العكس تماماً حيث تفرقوا غير مكترثين بالرسالة ، والطامة الكبرى بدلاً من ان يعملوا على تقليص او ايقاف هذا التفرق عبر برهة من الزمن ويتمسكوا بما هو موجود من المذاهب راحت هذه المذاهب تتشظى عبر التاريخ اكثر فاكثر حتى اصبح لدينا ما يمكن ان نطلق عليه ( مع كل اعتذاري ) بالدكاكين الاسلامية التي يتولى امرها رجال دين يظهر علينا بين فترة واخرى احدهم ليأخذ عددا من المسلمين بعد اتّباعهم له عبر اساليب عديدة يفهمونها هم جيداً لان الاسلام بحر واسع فيه مالايمكن السيطرة عليه ابداً مما يوجب اول ما يوجبه على المسلم قبل المتصدي الديني كالمجتهدين ان لايدعوا لانفسهم كأرقام جديدة تزيد من تشرذم المسلمين وتصارعهم سواء الفكري او العقائدي او الجسدي، لهذا احكم تعالى هذا الامر بالقاء الحجة على الجميع من خلال اوامر عديدة اولها صفاء النية وان اصل الاعمال ترتبط بها وشدد تعالى عليها في قرآنه ( بانه يعلم ما في الصدور )، بل راح تعالى يجسد الامر بصورة التانيب والتوبيخ ( تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ) وهذا ما يمكن ملاحظته بصورة عمليه على ما اوضحناه فب الحلقة الاولى من مشهد ايام الحج مع الاسف الشديد .
وانا لا اريد ان انحى منحاً اكثر عمقاً هنا فانا لست بفيلسوف او من المتخصصين في الامور العقائدية او الفقهية الاسلامية انما انا رجل (على كد الحال ) ولكن لدي الجرأة للاشارة الى الصحيح من الامور لدعمها وتشخيص الخطأ بانه خطأ ووجوب العمل لوقفه من منطلق المسؤولية لا اكثر وبما يمليه عليَّ ضميري وارى رائيي فيه، ولا ادعي الصواب او الاعلمية دون الاخرين كما يدعي غيري ، هذا وانني لا اكترث بكل صراحة بمواضيع اعتبرها من قشور الامور كما سنبين ذلك مستقبلاً بل وقد تكون احدى الاسهامات التي ذهبت بطاقاتنا واصبحت احدى معالم النقاشات العقيمة التي ابتلينا فيها واوصلتنا الى ما نحن فيه كوجوب التمكن من اللغة والتجويد والتركيز على مخارج الحروف وشكليات المظهر والتشبث بالطقوس ….الخ.
اقول علينا الان ان نواجه الحقائق بكل صراحة ووضوح بعد هذه القرون من الزمن للوصول الى الاطمئنان فحتى نبي الله تعالى طلب ذلك من ربه ( قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) اي ان الاطمئنان حالة اعلى واوثق من الايمان، رغم اننا نتدارس هذا الامر بسبب المعطيات السياسية المتفاقمة.
بعد هذا تعالو لنعترف اولاً انه ليس هنالك من تواجد للاسلام، اي انه ليس لدينا اسلام واننا لانعيش الحالة الاسلامية ابداً. من هنا نبدأ فما موجود لدينا على الكرة الارضية عبارة عن مذاهب يدعي كل منها انه يمثل الاسلام ، بل قد لا اكون متجاوزاً عندما اقول ان هذا المفهوم لم يتحقق حتى على ادنى مستواً من مستويات المصداقية باعتبار ( ان المسلم من سلم الاخرون من لسانه ويده ). فقد يكن هذا الامر متحققاً على مستوى الحالة ولكنه بعيداً على مستوى الظاهرة وهذا ما نراه متجسداً في الواقع بكل صراحة.
فالوجود غير التواجد طبعاً، ولكن مايبتغيه الاسلام هو التواجد وليس الوجود فهو موجود بكل ما يكونه من تعاليم نظرية وتأريخ ولكن ما فائدة ذلك ان لم تتواجد له مصداقية في واقع الحال؟!!.
هذه النتيجة تسحبنا الى موضوع خطير لايستطيع البوح فيه الا من كان يرجو مرضاته تعالى ويتمتع بنية صافية وثقة في النفس لايثنيه عنها كيد الفاسدين وهي ( ان هنالك خطأ ما ).
اذن ان كنا مخلصين لخلق حالة التواجد هذه علينا بحث الموضوع من جديد شريطة توفر امر غاية في الاهمية ويعد الاساس الصحيح في البحث الالهي قبل العلمي هو التجرد من كل المآرب الذاتية والتوجه للامر بنوايا مخلصة فهي اساس العمل كما مر، وعدم تأويل الامور الى مايشتهيه الهوى وتحقيقاً للمصالح الذاتية بل اتباع التفسير بصورته المنظبطه معترفين بانه لاتواجد او قل بالمفهوم والمعنى الواقعي لاوجود للاسلام لنبدأ تلمس الطريق لتحقيق ذلك ان امكنا.
وعلي ان انوه في البداية الى امرين الاول انني احاول ان اختصر قدر الامكان فقد اشتكى البعض من حالة الاسهاب في احاديثي السابقة ولكن ربما يحتاج الامر لذلك احياناً مع ادراكي بان الناس لم تعد في حالة نفسية تحتمل قراءة مطوّلة.
وثانيهما، كان من المفترض ان تكون هذه الحلقة هي الاولى ولكنني قدمت موضوع الحج للتزامن لا اكثر. والله تعالى من وراء القصد.