لاغبار على التصاق الشيعة الذين وصموا بالروافض بعد رفضهم لمنهج معاوية وما اتجهت اليه الامور من بعده بسبب السنن التي سنها، اقول لاغبار بالتصاقهم بالامام علي (ع) والرجل تجند بتاريخ مشرف اعترف به العدو قبل الصديق منذ ولادته في الكعبة بحيث عرف ( بوليد الكعبة ) ومن اشد المعترفين بمكانته الكاتب المسيحي المعروف جورج جرداغمن خلال كتابه ( الامام علي صوت العدالة والانسانية )، بل حتى الخبيث معاوية نفسه كان يعترف بهذه المكانة انما هي السلطة وشهوة الحكم اللذان احرفاه ليذهب الى ما هو عليه ويتبنى منازعة الامام.
ولكن مرض الجدل العقيم الذي اتصف به اتباع المذاهب الاسلامية واكثرهم اهل العراق حيث وصفوا بانهم امة جدل وهذا معروف لدى علماء الكلام، وربما الطائفة الشيعية اكثر ابتلاءً من غيرها بهذا الداء للاسف الشديد الامر الذي ادى الى السفسطة والتناحر في امور استغلت بشكل لايخدم المصلحة الاسلامية العليا او بالاحرى حتى المصلحة المذهبية بشكل اضيق.
فالمتتبع لآراء الشيعة والجدل العقيم الذي يدور فيما بينهم يرى العجب العجاب لاختلاف مواقفهم اتجاه بعضهم البعض بسبب قضية يفترض ان يكونوا قد فرغوا منها واتخذوا بها قراراً لارجعة فيه بعد توضيح الامور واعتمادها وفق المفاهيم المنطقية والاجتماعية والقيمية والاخلاقية والعرفية التي لاتقبل الشك.
فبعد قرون من الزمن لازال الجدل يحتدم على اشده حول قضية كسر ضلع الزهراء (ع) واسقاط جنينها فمنهم من يجزم ببطلان هذه الرواية ومنهم من يفندها على استحياء ومنهم من يقف موقفاً حيادياً ولايستطيع البوح برد قاطع ومنهم المعترضون على نسفها ويتهمون الآخرين بالكفر ويصفون من لايؤمن بوجودها بالهلاك وكأنها ركن من اركان الدين وقد هدم. فقد اطلعت عبر الانترنت على آراء بعض المتخلفين وهم يصفون المرحوم محمد حسين فضل الله بالهالك بسبب رأيه المجدد في هذه القضية.
ومن خلال اطلاعي وجدت ان اكثر الذين يعارضون نفي هذه الرواية ويتشدقون بحدوثها هم من قراء المنبر الحسيني ومنهم محمد الفالي وعبد الحميد المهاجر.
ولا ادري كيف لايعي هؤلاء انهم بموقفهم هذا انما يبخسون الامام علي حقه وينقصون من مكانته العظيمة وينالون من عزته من حيث لايشعرون او انهم ممن تاخذهم العزة بالاثم.
فبمجرد المرور على اما سنبينه ادناه يتبين صعوبة وقوع هذه الحادثة :
* ان الامام علي كان موجوداً في البيت وقت وقوع الحادث المزعوم وكان معه اهل بيته من بني هاشم ومنهم العباس بن عبد المطلب والزبير وغيرهم كما يذكر المرحوم محمد حسين فضل الله في احدى محاضراته الموثقة.
وهنا لايمكن القبول بان الامام علي لم يحرك ساكناً ازاء التعدي على زوجته فاطمة الزهراء (ع) مهما كانت القوة المهاجمة وهو المعروف بمواجهته للاعداء في اي واقعة ومهما كان حجمهم.
* لايعقل ان تخرج سيدة نساء العالمين لمن يهجم على دارها وزوجها وجمع آخر من اهل بيتها في دارها، اولاً احتراماً لنفسها ولمكانة ابيها وزوجها، وثانياً لايمكن ان تتخطى وجود زوجها فهذا ليس من خلقها طبعاً ولانريد ان نعلق اكثر هنا فالغرض مفهوم، وثالثاً ماذا عساها ان تفعل هي لمن يريد التهجم على الدار ان صح الامر ازاء عدد من المعتدين في حال كان بامكانها الاستعانة بالموجودين من الرجال بما فيهم الامام علي (ع).
* لم يكن هذا الفعل ينسجم مع عرف الاخلاق الاجتماعية التي جبل عليها العرب آنذاك فضلاً عن رجال بمستوى الخليفة عمر .
* ان هنالك الكثير من الامور قد ارتبط بها الامام علي مع الخليفة عمر لاتسمح بفعل مشين كهذا وألا فان الامر ينسحب في النهاية سلبياً على الامام علي ومنها:
ان عمر صهره ، وانه سكت عنه وقبل بخلافته وخلافة ابي بكر وعثمان وقال ( لاسالمن ما سلم المسلمون )، ومنها تعاونه مع الخليفة عمر في شتى امور الدولة حتى ان الشيعة انفسهم يرددون مقولة الخليفة عمر ( لولا علي لهلك عمر ). هذا بالاضافة الى تسمية ابناءه باسماء الخلفاء.
فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل ان الشيعة عندما يريدون ان يستدلوا باعتراف عمر بفضل الامام عليه يذكرون ذلك ولكنهم عندما يريدون ذكر قضية كسر الضلع يتناسون لهذه الامور ؟.
والسؤال الاخر هل انهم عندما يحاولون التاكيد على هذه الحادثة يسهمون بما تبناه الامام علي من حفظ دماء المسلمين وسلامتهم؟. طبعاً لا انما هم بذلك يؤججون الفتن ويشعلون نار التفرقة الطائفية وهو مالا يتماشى والمنحى الذي سار عليه الامام علي (ع).
هكذا يتضح ان الشيعة وبالشكل الشائع عنهم اي كظاهرة شيعية عامة لم ينصفوا الامام علي انما يثبت الواقع عكس ذلك من حيث يشعرون ومن حيث لايشعرون هذا مع لحاظ تواجد حالات شيعية متنورة اوضحت بطلان هذه الرواية.
والذين يردون على هؤلاء اغلبهم كما اسلفنا من قراء المنبر الحسيني فقد شاهدت فلماً لمحاضرة محمد الفالي وهو يؤكد على الواقعة المزعومة من على المنبر الحسيني ليقول بان الامام علي كان في الدار يكتب القران ويشدد على عبارة يكتب القراآن وباسلوبه الروزخوني المعروف عندما يريد ان يشدد على امر من الامور ليثبته في عقل المتلقي.
وقد اضحكني هذا الاسلوب حقيقةً وكان بودي ان اكون الى جانبه لارد عليه فقد فعلناها انا واحد الاخوة عندما قمنا في احد المجالس الحسينية حيث كان ردنا حاسماً على عبد الحميد المهاجر عندما دعى الى التطبير فقلنا له ان هذا الامر قد حرمه الامام الخميني وغيره كثير وخرجنا من المجلس فعلاً وكان هذا في لندن قبل حوالي عشرون عاماً.
كان بودي ان اقول لمحمد الفالي هل ستبقى في بيتك تكتب القرآن لو هجم احد على بيتك وتطاول على زوجتك؟، الا يمكن ان تؤجل هذه الكتابه الى وقت آخر. ثم هل يجب عليك الشرع ان اردنا ان نناقش الامر من ناحية شرعية ، هل يوجب عليك الدفاع عن عرضك ام الاستمرار في كتابة القرآن، معلوم ان الكتابة يمكن تعويضها في وقت آخر لكن كيف يمكن التغاضي عن حالة الاعتداء؟.
هذا وكيف انه لم يتطرق الى وجود اناس آخرين من بني هاشم في البيت، انه تدليس واضح من اجل اللعب بعقول الناس السذج والارتزاق بواسطة المنبر الحسيني الشريف مستغلاً عاطفة البسطاء الشيعة بشكل غير معقول وهو احد الاسباب التي ادت بامر الشيعة الى ما هم عليه.
وهذا الموضوع يشدد عليه حسن الكشميري ويفضحه بصورة اكثر وضوحاً في معرض رسالته الى الكاتب عادل رؤوف التي اثنى فيها عليه في 29/5/2003 .
ولكن ليعلم هؤلاء ان الامور في تطور وان العقل الجمعي للمجتمعات في تطور حتمي تزامناً مع العالم واني اذكرهم بامر بسيط في هذا المقام وهو امر جون الاسود.
فقد كنا نسمع في العاشر من المحرم قبل بضع سنين ربما تزيد على العقدين عند قراءة مقتل ابي مخنف ان جون ( رض ) ياتي الى الامام الحسين ( ع ) وقد كان خادماً له فيطلب منه البراز قائلاً له ( ان لوني لاسود وان حسبي للائيم وان ريحي لنتن فارجو ان تأذن لي بالبراز لنيل الشهادة ليطيب ريحي و…. الخ)، ولكننا الان لم نعد نسمعها عند سرد رواية ابي مخنف والسبب ان الناس ادركت ان هذا الامر لم يعد يتماشى ومفاهيم العصر الحديث التي تنادي بحقوق الانسان وعدم التمايز بين الاسود والابيض فقد انتهى هذا التمييز العنصري وان ماكان يذكر يعد خطئاً رغم ان المباديء الاسلامية هي اول من نص على هذه الحقوق.
فهل ننتبه الى ذلك ام نبقى على غفوتنا، والحليم من يتعظ.
والله تعالى من وراء القصد.