23 ديسمبر، 2024 10:15 ص

نحن والاسلام .. الموروث الثقافي المذهبي وحكايتي مع الخليفة عمر (رض).(5)

نحن والاسلام .. الموروث الثقافي المذهبي وحكايتي مع الخليفة عمر (رض).(5)

ان تخصيص حلقة لهذه الحكاية بالرغم من قصرها لما لها من دلالات تمتد في عمق الموروث الثقافي المذهبي الذي يئن به تاريخنا الاسلامي.
وبسردي لهذه ( الحدوته ) انما اسجل ضمنياً اعترافاً بمدى تأثري بهذا الموروث الذي ليس من السهل لاي من اتباع المذاهب التخلص منه فهو تطبّع جُبلنا عليه واصبح واقعاً في حياتنا نتعايش معه جميعاَ.

كان لي صديق يزورني في مسكني في كثير من الاحيان عند زيارته للعراق قادماً من الخارج.

وفي يوم اتصل بي ودعاني لزيارته في شقة احد الاخوة التي كان يتواجد فيها، ووصف لي العنوان المتضمن رقم الشقة ورقم الطابق ورقم العمارة التي كانت في حي سكني عبارة عن مجموعة من العمارات.

ذهبت لرؤياه وعند وصول المصعد الى الطابق الذي فيه الشقة ونزولي منه واجهني جدار حيث كان مقابل باب المصعد مباشرةً ويتواجد بابان على طرفي المصعد باب الى يساره وباب الى يمينه وقد رسم سهمان على ذلك الجدار سهم باتجاه كل باب وكان السهم الذي يتجه نحو باب الشقة الموجودة على اليسار والتي تمثل نفس العنوان الذي وصفه لي الصديق ( اي الشقة المعنية ) يقول شقة ابو عمر، وهنا المشكلة فقد اثار ذلك استغرابي الشديد حيث اخبرني صاحبي انه في بيت ابن عمه السيد كاظم وهو رجل قاضي ولم يذكر كنيته وكان صاحبي هو سيد ايضاً حيث لم اتوقع في يوم ما ان اجد شيعياً وقد تكنى بابي عمر فكيف يمكن لسيد ان يسمي ابنه عمر؟.

ولم استطع تقبل الامر فقلت في نفسي لابد ان يكون هنالك خطأ واعدت الكرة بنزولي الى الطابق الارضي وصعدت مرة اخرى للتأكد بأنه نفس الطابق الذي وصفه لي السيد صديقي والتاكد من رقم الشقة كذلك وهكذا فعلت ذلك ثلاث مرات واذا بالعنوان هو نفسه فما كان مني الا الاتصال بصديقي تلفونياً للتأكد من العنوان. ولكن تصور اخي القاريء عند بداية كلامي تلفونياً معه قلت له اعتقد انك اعطيتني العنوان خطئاً او انني نقلته منك خطأ فقال لماذا اين انت الان فاخبرته في وجودي بالطابق الفلاني امام الشقة الفلانية فقال نعم هذا هو العنوان وعندها قلت له ولكن هذه شقة ابو عمر وليس سيد كاظم فقال نعم هذا صحيح هي نفسها شقة سيد كاظم وانا خارج لك الان وهكذا خرج لي هو والسيد القاضي كاظم.

وما كان مني بعد ترحيبهم بي وجلوسنا في الصالة الا مبادرتي لسؤال السيد القاضي وكان رجلاً فاضلاً يتمتع بكل شفافية فعلاً والدليل على ذلك هي هذه الحكاية وانا اذ اذكر اسمه هنا انما كونها تعتبر قضية له وليست عليه، فبادرته رأساً حيث سالته من فرط فضولي رغم انني لم التقيه سابقاً ، ما الموضوع لم اتوقع ان تسمي ابنك عمر وان ما حدث لي هو بسبب هذه

المفارقة، وطبعاً كان الموضوع مناسبة لانفتاح الكلام حول حديث ذو شجون في الموروث الثقافي المذهبي، وصعقت حين اخبرني بالسبب.

قال لقد حملت زوجتي عدة مرات وكان سقوط الجنين هو النتيجة المؤلمة في كل مرة قبل ولادت عمر حيث اقسمت ان رزقني الله تعالى بمولود لاسمينه عمر وهكذا عندما نذرت هذا النذر ولد عمر وذكر لي بأن الكثير من الاخوة الذين لايعرفون كنيته بابي عمر يحصل لهم نفس استغرابي فهي ليست الاولى.

اقول بعد هذه الحكاية التي تعكس الكثير من طبيعة سيكولوجيات الموروث الانسان بما يغنينا عن الولوج باجتماعيات علامتنا علي الوردي او فلسفة ابن طفيل وقصته حي بن يقظان او حتى افكار سيجمند فرويد في علم النفس، هل بامكاننا التخلص من هذا الموروث الصعب او قل هل يمكن معالجة ما اكتسبناه ؟.

انه لسؤال متروك للجميع للاجابة عليه ولكن اتمنى ان تكون الاجابة بما يسهم في دعم آلية المبادرة التي لاتموت والمذكورة في الحلقتين الثالثة والرابعة من سلسلة ( نحن والاسلام ) خدمةً لما اراده الله من تعاون اسلامي وتراص للحمة “المسلمين” لاننا نريد ان نبني ولانهدم.

ومعلوم ان هذا الامر لم يكن متميزاً عند الشيعة فقط وانما لدى السنة والشيعة معاً كما هو معروف والشواهد التي تمارس في واقعنا المعاش كثيرة وبشكل اصبح معتاداً ومن بديهيات الامور.

والله تعالى من وراء القصد.