19 ديسمبر، 2024 12:19 ص

مقدمـــــــــــــــة

عدد سكان العراق ومساحته أكبر ب4 إلى 5 مرات عدد سكان ومساحة الأردن، ويشترك البلدان بحدود طويلة تقدر بـ 181 كيلومتراً.

وهذا يعني أن أي مشاكل في العراق لها انعكاسات على الوضع الأمني والاقتصادي في الأردن, أما الشيعة في العراق فهم أغلبية السكان والحكام الرسميين والفعليين للبلاد منذ عقدين , وكانوا المكون الأساسي في تشكيل الحكومات في بغداد منذ عام/2003.

هذا يعني أن أية علاقات مع العراق هي علاقات مع الشيعة وهذا ما يدركه العاهل الأردني الذي كان أول رئيس دولة عربي يزور العراق بعد سقوط نظام صدام حسين المجيد عام/ 2003.

أولا : الجانب الأمني

الأردن لديها مصالح كثيرة مع العراق. من الناحية الأمنية يعتبر الإرهابيين السنة الموالين لداعش هم الخطر الرئيسي الذي يهدد استقرار الدولة الأردنية. كان أبو مصعب الزرقاوي، زعيم الجهاديين المتطرفين والمؤسس الفعلي لداعش من حملة الجنسية الأردنية وسعى إلى الإطاحة بالملك. وفي الوقت نفسه شن هجمات إرهابية وحشية ضد الشيعة في العراق. هذا جعل حكومة بغداد التي يقودها الشيعة والمدعومة من الولايات المتحدة حليفاً طبيعياً الأردن ضد الجهاديين. لهذا السبب ساعدت الأردن الولايات المتحدة في تدريب قوات الأمن العراقية و وقعت عدة اتفاقيات أمنية مع العراق.

 لقد خدم ذلك مصلحتين للأردن :

الأولى : دعم العراق ضد الجهاديين الذين يشكلون تهديدا مشتركا لكلا البلدين.

الثانية : دعم الجهود الأمريكية في العراق وهو ما يخدم الأردن في علاقاتها مع واشنطن التي تسعى عمان إلى كسبها في القضية الفلسطينية التي تعتبر أساسية بالنسبة للأردن.

أما بالنسبة للمعارضة السورية، فكونها “سنية” لا يعني أنها ستتلقى دعماً مجانياً فقط بسبب المذهب الديني الذي تنتمي إليه, إذا كانت الحكومة التي يقودها الشيعة في العراق شريكاً أمنياً واقتصادياللأردن فماذا تكون المعارضة السورية ؟ .

في أحسن الأحوال كانت المعارضة السورية تحارب ضد بعض الجماعات الإرهابية مثل داعش , ولكن في أسوء الأحوال كانت فصائل من المعارضة نفسها يهيمن عليها الجهاديين المتطرفين مثل جبهة النصرة وجيش الإسلام وفيلق الرحمن وغيرها.

لم تكن الأردن داعماً للمعارضة السورية بسب علاقتها القوية مع نظام (بشار الأسد ) قبل عام / 2011 والمخاطر الأمنية والإقتصادية التي كان لها تداعيات على الوضع الاردني, وكان ضغط الدول الداعمة للمعارضة مثل السعودية هو الذي دفع الأردن للتورط بها , إلا أنها عملت على تحسين علاقتها مع دمشق بمجرد أن رفعت السعودية يدها عن المعارضة, بمعنى آخر كانت علاقة الأردن مع المعارضة مجرد تكتيك لاسترضاء الرياض ولا تمثل وجهة النظر الأردنية الحقيقية.

كما أحدثت مشاركة الأردن، مساء السبت 13 أبريل , نيسان / 2024، في التصدي لمسيرات وصواريخ أطلقتها إيران عبر الأراضي الأردنية باتجاه إسرائيل، حالة من الجدل والانقسام بين مواطنيها على منصات التواصل الاجتماعي.

وطرح مستخدمو تويتر العديد من الأسئلة، منها : لماذا شارك الأردن في الرد؟ لماذا لم يسمح للمسيرة بالمرور عبر إسرائيل؟ عدا عن التساؤلات الكثيرة التي تم تداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وقال أحد المدونين إنه بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ارتكب الأردن خطأ استراتيجيا آخر, لقد كان من الخطأ فتح طرق برية للإمدادات إلى إسرائيل، وكان من الخطأ قمع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، وكان من الخطأ تعبئة الدفاعات الجوية لإسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية التي لم تكن تستهدفهم.

ثانياً : المصالح الاقتصادية والسياسية

أما من الناحية الاقتصادية فالعراق هو من أكبر منتجي النفط , وعلاقات أفضل مع حكومته تخدم المصالح الاقتصادية للأردن , ولتقليل اعتماد عمان على مساعدات دول الخليج العربي , بينما يساعد ذلك بغداد في تصدير نفطها من طرق مختلفة وتجنب الاعتماد على طريق مضيق هرمز في الخليج. ويساعد العراق أيضا في الابتعاد عن تهديد إيران التي تعتمد الابتزاز في منطقة الخليج وتهدد بعرقلة الملاحة وإغلاق مضيق هرمز.

حينما هددت إيران بغلق مضيق هرمز في تموز , يوليو/ 2012 رد المتحدث بأسم الحكومة العراقية بان ذلك سيضر العراق , وطلب من إيران عدم القيام بهذه الخطوة, كان هذا في وقت سعت فيه بغداد إلى مد أنبوب عبر الأردن لتصدير نفطها بالاتجاه الآخر.

المصالح الاقتصادية والسياسية بين العراق والأردن تقلل بشكل كبير من أهمية الطائفة التي تحكم أي من البلدين, تاريخياً كان المذهب الشيعي يمثل الموالين للسلالة الهاشمية التي ينحدر منها الملك (عبد الله الثاني) وكانت الثورة التي قادها رجال الدين والقبائل الشيعة في العراق عام / 1920 هي التي جاءت بالهاشميين للحكم في بغداد حينما أعلن معظم الشيعة ولائهم لهم, وكان جد رئيس الوزراء العراقي الأسبق ( نوري المالكي ) هو أحد أولئك الذين دعموا حكم السلالة الهاشمية في العراق.