نحن نقص عليك كواليس طائرات (F/16Q) العراقية وإن كنتم من قبله لمن الغافلين؟

نحن نقص عليك كواليس طائرات (F/16Q) العراقية وإن كنتم من قبله لمن الغافلين؟

تعددت التساؤلات التي طُرحت في البرامج الحوارية السياسية ومن على مختلف القنوات الإخبارية العراقية بشأن الدور الفعلي لطائرات “ “F-16، البالغ عددها 35 طائرة، ودورها في حماية الأجواء الوطنية، خصوصًا في ظل تكرار خروقات الطيران الحربي الإسرائيلي للأجواء العراقية خلال صراعه الأخير مع إيران، والذي استمر 12 يومًا. ورغم هذه الانتهاكات، لم تصدر عن الجهات الرسمية توضيحات مباشرة أو مقنعة للرأي العام بشأن مدى جاهزية وقدرة تلك الطائرات في التصدي للطيران المعادي أو سبب غيابها التام عن مشهد الموجهة والتي تحتم على العراق الحفاظ على سيادته وأجوائه من الخروقات المعادية .وفي ظل هذا الصمت والغموض الرسمي الذي رافق مثل تلك الإحداث ، فلذا لا يجد بدوره المواطن العراقي إلا سبلًا غير رسمية للحصول على الإجابات؛ ومن خلال الحوارات الشخصية والاهم العلاقات الاجتماعية من الأقرباء والمعارف والتي قد تفتح الباب للوصول إلى بعض أصحاب الشأن والاختصاص من طيارين أو ضباط أو مسؤولين يعملون في القواعد الجوية العراقية. وعبر هذه اللقاءات الاجتماعية الودية غير المعلنة، تُكشف أحيانًا تفاصيل فنية وتقنية دقيقة لا تطرح في مختلف وسائل الإعلام، تسهم في تكوين صورة أوضح وأعمق عن الواقع الميداني وتعقيداته، وتوضح عن الحجم الفعلي للتحديات التي تواجه حاليا سلاح الجو العراقي في أداء مهامه، سواء لأسباب تتعلق بالقرار السياسي أو الإمكانيات اللوجستية والفنية. وإذا وجهت سؤال مباشر عن حقيقة وطبيعة عدم اشتراك سلاح الجو ومن خلال طائرات الأف/16 في التصدي للخروقات سلاح الجو الإسرائيلي للأجواء العراقية وهي في طريقها لضرب الأهداف في العمق الإيراني وكأنهم في عرض لمناسبة عسكرية فيأتي الجواب فورا وبدون أي تردد بأن:” طائرات  (F/16Q) المتواجدة ضمن قاعدة الشهيد العميد الطيار علي فليح الجوية في قضاء بلد والتي تضمن السربين التاسع والحادي عشر والتي تم استيرادها بكلفة تفوق كلفتها المادية الحقيقية تستخدم لمهمة واحدة فقط لا غير وتتمثل فقط بضرب أهداف وأماكن ومعسكرات تواجد “تنظيم داعش” حتى أن احد الطيارين قبل فترة وأثناء تناولنا لطعام الغداء في بهو الضباط وبحضور قائد السرب وبعض قادة القاعدة الجوية حاول أن يمازح أو يطلق نكته أو استهجان سموها ما شئتم قال وبصوت مسموع وبما معنها ( سيدي لماذا لا نكتب على الطائرات هذه يافطة إعلانية نقول فيها أنها مخصصة فقط لضرب تنظيم داعش ) بالإضافة الى ذلك لم يتم تدريب الطيارين على الاشتباك الجوي وعلى على الطيران الليلي ومواصفات هذه الطائرات من الناحية التقنية وأسلحة الحرب ألإلكترونية هي بدائية جدا وبسيطة لذا لا يغنكم اسمها وصيتها فهي مختلفة كليآ عن ما لدى دول الجوار من الناحية التقدم والتطور في باكستان والأردن وتركيا  ولذا كل ما يقال عن هذه الطائرات في وسائل الإعلام معظمها غير مطابق للواقع الميداني الذي نعيشه يوميا “.

وإذا وجهت سؤال آخر حول الغياب التام وكأنه تحول الى شبح لا يرى لسلاح الجو الإيراني في التصدي لسلاح الجو الإسرائيلي سيكون الرد والتوضيح بأن: “نفس السيناريو حدث ويكاد يكون نسخة مطابقة له من غياب سلاح الجو العراقي أثناء الحرب الخليج الثانية عام 1991 وليس خوف الطيارين من المواجهة والاشتباك الجوي مع طيران التحالف الدولي في طيارينا اثبتوا شجاعتهم في الحرب العراقية الإيرانية والتي تسيدنا فيها الأجواء الإيرانية بعد عام 1984 ولحين انتهاء الحرب ولكن الفرق بين التقنية والتطور التكنولوجي للطائرات كان شاسع جدآ وما كان لدينا من طائرات في حينها وصحيح انه طيارين قاموا بالإقلاع وإسقاط طائرة أمريكية ولكنها كانت مجازفة ومخاطرة خطيرة وفي حينها على ما اذكر إرادة القيادة السياسية أن تحقق نصر معنوي ودبلوماسي والاهم من كل هذا أن سلاح الجو الإيراني يعتمد في معظمه على طائرات أصبحت بدائية جدا من فترة السبعينات وما تحتويه على تكنولوجيا التقنية والفنية لذا مجرد الدخول أو التفكير بان يحصل اشتباك جوي فأنها معركة خاسرة حتى قبل أن تبدا أو تقلع الطائرات من المدراج هذا اذا استطاعت هذه الطائرات بالأصل في الإقلاع “.

ومن خلال الاستمرار في الحوار والحديث وجهت سؤال حول حرب أكتوبر 1973 والاشتباك الجوي الذي حصل بين مصر وإسرائيل , فكيف نفسر هذا الانتصار الجوي الاستراتيجي العربي الذي حصل :” هنا يختلف الأمر كليا لان التكنولوجيا والتقنية التي كانت لدى مصر وسوريا والعراق والأردن ومن خلال الطائرات السوفيتية هي نفسها التكنولوجيا التي كانت لدى الطائرات الإسرائيلية / الأمريكية بل هناك طائرات سوفيتية كانت تتفوق على الأمريكية من حيث المواصفات الفنية والتكنلوجية وهذا ما شاهدناه في يوم الرابع عشر من أكتوبر 1973 في “معركة المنصورة الجوية” (1) التي أثبت التفوق وشجاعة الطيار العربي على نظيره الإسرائيلي والدور الذي لعبه كذلك طيارين سلاح الجو العراقي في المعركة والتي أصبحت معروفة للجميع , ولذا الأمر اختلف كليا وجذريا جوهريا في حرب عام 1991 و 2003 والى اليوم حتى مع وجود طائرات الأف 16 العراقية “.

ويسترسل ليصف كذلك حالة الوضع للطيارين أثناء حرب (12) يوما:” انقل لكم، جانب عشت لحظاته وفي مشهد يُفطر القلب ويُشعل الغضب، عن حالة من الانفعال والإحباط العميق بين الطيارين العراقيين، الذين كانوا يقفون عاجزين عن حماية الأجواء العراقية أمام الانتهاكات الإسرائيلية والإيرانية المتكررة، التي حوّلت سماء العراق إلى ما يُشبه ميدان تدريب عسكري لتل أبيب. هذا العجز كانوا يعتبرونه خيانة لبلدهم مما حدا ان تكون هناك مشادة كلامية خطيرة وصل الى حد الاشتباك بالأيدي قد حدثت ولكن لا مجال لذكرها حاليا ولكن قد نتطرق إليها في مناسبة اخرى ، الذي بلغ ذروته خلال عملية “شعب الأسد” ضد إيران، وبينما الحكومة العراقية تكتفي بالصمت ونحن نشاهد عرض جوي واستعراض وليس انتهاك لسيادة الأجواء العراقية والطيارون العراقيون، الذين يُفترض أن يكونوا حماة السيادة الجوية، كانوا يعيشون حالة من الوجع والغليان والإحباط ، بعد أن شُلت قدراتهم تمامًا بتعطيل طائرات إف-16 إلكترونيًا ، وإلى جانب خروج جميع طائرات سوخوي-25 وسوخوي-22 عن الخدمة بسبب مباشر والتعمد من خلال نقص قطع الغيار وتحولت إلى مجرد سكراب ومُكبلين أيديهم ومحوليهم إلى مجرد متفرجين . وأن سرب مقاتلات أف 16 كان يعاني بشدّة من نقص الصيانة وقطع الغيار، وحتى أن في وقت تم الاضطرار مرغمين ، ولتأمين قطع الغيار اللازمة لتشغيل وإدامة المقاتلات، تفكيك عدد من الطائرات وتحويلها إلى قطع غيار من أجل إبقاء العدد الآخر في الخدمة وكذلك هناك أوجاع أخرى لا مجال لذكرها نعاني منها من قبل تدخلات بعض النواب والمسؤولين في عملنا بصورة مباشرة وبالأخص من ناحية التعيينات التي تفرض علينا دون الرجوع الى الخبرة والمؤهلات التي يحملها الشخص الذي يتم فرضه علينا لان التأثير الحزبي اقوى من أن يقاوم أو ييتم التصدي له “.

برأيكم لماذا لم تشارك مقاتلاتF-16 الباكستانية في صد الهجوم الجوي الهندي في الحرب التي اندلعت بين البلدين 24 نيسان واستمرت المواجهة فيما بينهما شهران و16 يوما:” هي نفسها تنطبق على المقاتلات F-16 التي حصلت عليها باكستان من الولايات المتحدة لأنها تخضع لاتفاقيات استخدام نهائي صارمة (End-User Agreements) وشروط برنامج المبيعات العسكرية الخارجية  (FMS)، والتي تقيد استخدامها بعمليات مكافحة الإرهـاب والدفاع فقط . وتنص هذه الاتفاقيات بشكل صريح على حظر استخدام هذه الطائرات في مهام هجومية ضد الهند، بما في ذلك الضربات الجوية أو الهجمات عبر الحدود، دون الحصول على موافقة مسبقة من الولايات المتحدة . وكما تشترط واشنطن على باكستان الحصول على إذن قبل نشر مقاتلات F-16 خارج أراضيها أو استخدامها في عمليات مشتركة مع دول أخرى، ما يمنع عمليا استخدامها في الحروب التقليدية ضد الهند , ولكن باكستان تجاوزت هذه المعضلة وذلك بالاعتماد على التعاون الوثيق بينها وبين الصين في استيراد وإنتاج الطائرات الحربية المشتركة وفي ضل وجود طائرات المقاتلة الصينية J-10CE إلى جانب طائرة JF-17 Block III  الأكثر تطورا والتي تعتبر من الجيل الرابع والنصف والذي استطاعت بها باكستان من إسقاط الرافال الفرنسية و ميغ ٢٩/ وسيخوي/ ٣٠ , ومن المهم الإشارة ضمن هذا السياق , إلى أن باكستان تعتمد بشكل كبير على الدعم الأمريكي في تحديث وصيانة أسطولها من طائرات F-16 والتي تتضمن الأنواع الأكثر تطورا  مثل F-16C/DFighting Falcon F-16Block 52 وفي محاولتهم إعادة التصنيع بعض القطع الغيار المهمة ومع هذا فإن العمل سواء من خلال برامج المعونة العسكرية أو الشراكات الامريكية الدفاعية . فإن هناك تأثيرات سياسية مستمرة على العلاقات بين البلدين قد تؤثر على إمدادات قطع الغيار أو الدعم التقني والفني”.

ومن خلال الحديث والحوار وعندما توجه سؤال حول ما يتم تداوله من أحاديث في وسائل الإعلام والبرامج الحوارية عن حقيقة وجود نظام الشفرات في طائرات إف-16 العراقية فيأتيك الجواب بصورة شبه مفصلة ووافية للمتلقي :” من الناحية التقنية، تعتمد طائرات إف-16، المزودة للعراق بموجب عقود عسكرية مع الولايات المتحدة، على أنظمة تحكم إلكترونية متقدمة تشمل برمجيات تشغيل مشفرة(Operational Flight Programs – OFP). هذه البرمجيات التي تتحكم بوظائف الطائرة الأساسية مثل الملاحة، التسليح، وأنظمة الدفاع، تطل بإدخال رموز أمان(authentication codes) دورية يتم تزويدها حصريًا من قبل القوات الأمريكية أو الشركة المصنعة (لوكهيد مارتن) وهذه الرموز، المرتبطة بأنظمة إدارة الأسلحة والتشغيل، تُحدث عبر قنوات مشفرة آمنة وتعتبر جزءًا من بروتوكولات السيطرة الأمريكية على الأسلحة المصدرة للدول الحليفة، لضمان عدم استخدامها خارج الأطر المتفق عليها. وتقنيًا، فإن وجود شفرة تشغيل خاصة لطائرات إف-16 ليس مجرد تكهن، بل هو إجراء قياسي في تصميم الأسلحة الأمريكية المتقدمة. وأن أنظمة التحكم في إف-16 تشمل آليات قفل إلكترونية (software locks) يمكن تفعيلها عن بعد أو تعطيلها عبر تحديثات مشفرة، مما يُمكّن الولايات المتحدة من شل قدرات الطائرة دون الحاجة إلى تدخل مادي وإسقاطها بواسطة أنظمة الدفاع الجوي، ولذا فأن الوصول إلى وحدات التحكم الإلكترونية (Avionics Control Units) لإعادة تهيئة النظام أو تجاوز الشفرات. فان هذه العملية تواجه عقبات هائلة، منها: التشفير العسكري لأنها تستخدم إف-16 خوارزميات تشفير من الجيل العسكري(مثل AES-256)، مما يجعل اختراقها شبه مستحيل دون مفاتيح الوصول الأصلية. التحديثات المستمرة: تُحدث البرمجيات دوريًا عبر أنظمة أمريكية خاصة، مما يُعقّد أي محاولة لتجاوز القيود. حتى صيانة إف-16 العراقية تعتمد بشكل كبير على الدعم اللوجستي الأمريكي، بما في ذلك قطع الغيار وتهيئة البرمجيات وإصلاح أي أعطال تقنية، مما يُقلل من قدرة العراق على التصرف بشكل مستقل بها من دون الخبرات الأمريكية”.

 إن غياب الرد الجوي العراقي أو حتى التفاعل العلني مع الخروقات الجوية، لا يمكن قراءته فقط من زاوية القدرات الفنية أو عدد الطائرات المتوفرة، بل يحيلنا إلى معادلة جيوسياسية أعمق واخطر تتعلق بطبيعة القرار السيادي العراقي ومدى استقلاليته من دون التدخلات الخارجية . فالموقف الرسمي من انتهاك الأجواء لا يُتخذ فقط في غرف مديرية العمليات الجوية ، بل يتأثر بعوامل سياسية إقليمي ودولية، وبالخطوط الحمراء التي تكون مرسومة خارج حدود القرار السياسي السيادي العراقي. كما أن الاعتماد الجزئي على طائرات كـF-16، التي تتطلب دعماً فنياً وتقني مستمراً من شركات أمريكية، قد يضع العراق أمام قيود لوجستية وتكنولوجية تجعله غير قادر فعليًا على استخدامها في حالات الصراع الإقليمي الحساس دون أذونات وموافقات مسبقة أو تنسيق مسبق. كل ذلك يعيد فتح ملف السيادة الجوية العراقية ويدفع إلى إعادة تقييم العلاقة بين جاهزية السلاح الجوي، والإرادة السياسية، واستراتيجية الدفاع الوطني، في ظل بيئة أمنية إقليمية ملتهبة دائما  لا تعرف الهدوء ولا تعترف بالمجاملات.

 [email protected]

(1)https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%8A%D8%A9

أحدث المقالات

أحدث المقالات