لِكُلِّ دَوْلَةٍ فِي اَلْعَالَمِ مُوَاطِنِيهَا اَلَّذِينَ تَعْتَزُّ بِهُمْ ، وَتَعْمَلُ جَاهِدَةً لِخِدْمَتِهِمْ ، وَتُسَخَّر كُلَّ خِبْرَاتِهَا اَلْعِلْمِيَّةِ مِنْ أَجْلٍ رُقِّيَ هَذَا اَلْبَلَدِ خِدْمَةً لِلصَّالِحِ اَلْعَامِّ .
فِي دَوَائِرِهِمْ اَلْخِدْمِيَّةِ لَاتُوجْدْ نَوَافِذَ زُجَاجِيَّةً تُحِيلُ بَيْنَ اَلْمُوَظَّفِ وَالْمَرَاجِعِ، وَلَا تُوجَدُ فِي أَسْفَلَ هَذِهِ اَلنَّوَافِذِ نَافِذَةً صَغِيرَةً قَطَعَتْ بِعِنَايَةٍ لِيَنْحَنِي اَلْمُوَاطِنَ أَمَامَ اَلْمُبَجَّلِ سِيَادَةَ اَلْمُوَظَّفِ وَالْغَرَضِ مِنْهَا اَلذِّلَّةُ وَالْمَهَانَةُ .
لَقَدْ أَصْبَحْنَا مُجَرَّدُ أَرْقَامٍ تُحْصَى لَا حَصَانَةً لَنَا سِوَى حِفْظِ اَلرَّحْمَنِ تَعَالَى ، فِي كُلِّ بُلْدَانِ اَلْعَالَمِ يَسُودُ اَلْقَانُونُ فَهُوَ اَلْفَيْصَلْ اَلْحُكْمُ بَيْنَ اَلرَّعِيَّةِ وَرَاعِيهَا ، أَمَّا فِي بَلَدِنَا فَالْقَانُونَ قَدْ سُنَّ لِلرَّعِيَّةِ من اَلَّذِينَ لَا حَوْل لَهُمْ وَلَا قُوَّةً ، أَمَّا اَلرُّعَاةُ فَلَايعَتَرَفُونْ بِسُلْطَةِ أَحَدٍ وَلَا يَخْضَعُونَ لِسُلْطَةِ اَلْقَانُونِ ، فَقَانُونُ اَلْغَابِ هُوَ اَلسَّائِدُ يَأْكُلُ فِيهِ اَلْقَوِيُّ اَلضَّعِيفُ .
كُلُّ شَيْءٍ يَسِيرُ عَكْسَ اَلْقَانُونِ لَا اِنْضِبَاط يَسُودُ وَالْهَمَجِيَّةَ وَالتَّخَلُّفَ هُمَا صِفَاتٌ مِنْ ظَنِّ نَفْسِهِ بِأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ اَلنَّاسِ شَأْنًا . اَلرِّفْعَةُ وَالتَّكَبُّرُ وَالْخُيَلَاءُ صَارَتْ سِمَاتُ مُوَظَّفِينَا حَتَّى أَبْسَطَ مُوَظَّفٍ بِدَوَائِرِ اَلدَّوْلَةِ اِتَّصَفَ بِهَذِهِ اَلصِّفَاتِ اَلْقَذِرَةِ . لَقَدْ وَلَّدَتْ اَلنَّاسَ أَحْرَارًا وَلَسْتُمْ أَنْتُمْ أَيُّهَا اَلرُّعَاعُ مِنْ تَتْمَلُوكْنَهِمْ وَاعْلَمُوا بِأَنَّ اَلْكُرْسِيَّ هُوَ أَكْبَرُ خَائِنٍ لِصَاحِبِهِ فَالْيَوْمِ أَنْتَ وَغَدَا غَيْرُكَ ، غَدًا لِأَتَلَقَّى مِنْ يَرْمِي اَلسَّلَامُ عَلَيْكَ وَانْ مُتُ فَلَا رَحْمَةً تُقَالُ بِحَقِّكَ وَانْ ظَنَنْتُ بِأَنَّكَ لَسْتُ بِحَاجَةِ لِأَحَدِ لِأَنَّك اكتفيت من امْوَالٍ اَلسُّحْتِ فَاعْلَمْ بِأَنَّ بَيْتَ اَلدُّودِ مَصِيرَكَ وَلَنْ يُجْدِيَكَ نَفْعًا تُكَبَّركَ وَأَمْوَال اَلْحَرَامِ اَلَّتِي جَمَعَتْهَا ، فَاَللَّه اَللَّهُ فِي نَفْسِكَ ثُمَّ اَلنَّاسِ ، وَانْظُرْ مِمَّنْ هم حَوَّلَكَ مِنْ زُمَلَاءِ اَلْعَمَلِ مِنْ أَبْنَاءِ اَلْأُصُولِ كَيْفَ تَعَامُلُهُمْ وَتَعَلُّمُ مِنْهُمْ فَابْنِ اَلْأَصْل يَنْظُرُ بَعِيدًا وَشَتَّانَ بَيِّنٍ مَنْ يَنْظُرُ بَيْنَ أَرْجُلِهِ وَمِنْ يَنْظُرُ بَعِيدًا . دُمْتُمْ بِخَيْر