19 ديسمبر، 2024 6:54 ص

نحن في خطر .. اسم الله على العراق 

نحن في خطر .. اسم الله على العراق 

·     العودة الى (الروح العراقية ) متمنى أم ضرورة ؟
·     (رأس السلطة التنفيذية) بورقة توت !
·     ايران وتركيا وقطر والسعودية ترتكب الجرائم بحق العراق !

 منذ عام 2007 وحتى اللحظة , بقي متمنى اعلاء فكرة (الروح العراقية ) يستوطن وجداني , معبرا عنه بشتى الوسائل , ومستثمرا الكلمات متى اتيح لي ذلك, من اجل  تعميم هذه الفكرة الموجودة اصلا في ضمير الشعب العراقي ., ولكن حجم التناقضات , واتساع مساحتها بين ابناء الشعب , بفعل تقاطعات سياسو(الصدفة) اللاعبين بأقدس قضايا الشعب , وفي مقدمتها وحدة الأمة العراقية الفكرية ,على الأقل لجهة وحدة مشاعر العراقيين, على اساس الوطن الواحد , الذي يعيش على مساحته شعب مكون من اعراق بديانات ومعتقدات ومذاهب لا يفسد تعايشها للشعب قضية !

ماطّوا الشفاه

وعندما كنا نطرح هذا المتمنى منذ ذلك العام , كنا نواجه بتجاهل وصمت , وربما (مط البعض شفاهه) من الساعين الى ركوب موجة يعلى فيها (شأن) من يصطف , وينتهز , ويماليء , وينزوي بفعلها , من يقول كلمة موضوعية تجمع ولا تفرّق !

ونحن وغيرنا , عندما ندعو الى (الروح العراقية) كقيمة وطنية, فأننا لا نستهدف (طمطمة) الجرائم المرتكبة بحق الشعب العراقي , سواء أتت من هذا الطرف او ذاك , إنما نقاتل من أجل كشف (المستتر) من تلك الجرائم , سواء كانت سياسية استهدفت التفرقة والتشرذم , او رد الصدى لمخططات دولية خارجية اقليمية او عربية , تضع اضعاف  دور العراق الإقليمي , وعدم استقراره , في مقدمة اهدافها التي ترصد لها قدرات مالية هائلة ! تلك حقيقة ماثلة  تلوي عنق من يحاول التقليل من تأثيرها على  مجريات الأحداث وتطوراتها في العراق !

دول ترتكب جرائم بحق العراق

وكما أننا لا نبرأ (ايران ..الفلسفة المبنية على الصراع المذهبي , وفرض نفسها كوكيل غير موكل عن الشيعة في العراق , والخليج وجميع البلدان العربية ايضا) . فأننا لا نبرأ كذلك (تركيا)  , لمباشرتها سياسة محاور, تنطوي على تدخلات سافرة في الشأن الداخلي العراقي , فيما يخص شمال العراق , او التقاطعات المذهبية المثارة داخله , وكأن المرحوم (افلاطون) قد خلّف لنا هذه الدولة نموذجا لدولته التي لم تتحقق !

 أما إذا تذكرنا حقيقة , ان من اوائل (استراتيجيات ) المخابرات والدبلوماسية  السعودية والقطرية الراهنة, تتمثل في اسقاط حكومة عراقية (شيعية) , يصفونها ب(الصفوية) الممالئة ل(ايران).. فهذا الأمر يأخذ طابعا خطيرا , كونه لا يعبر بتاتا عن حسن نية , فبيننا وبين (الفلسفة) الصفوية مئات السنوات , تغير فيها العالم , ودخلت على عقائد الناس وثقافاتهم ,عقائد وافكار وقناعات , تستند الى ظروف ومعطيات جديدة  ليس منها (على الأقل فيما يتعلق بالعقائد) ما يدعيه البعض من تطابق في الفلسفة والوسائل ..وأن حق الناس في انتهاج عقائد لها في التاريخ نصيب , شريطة ان لا تؤذ الناس الآخرين .. ومن الخطير جدا اسقاط تجارب فكرية وعقائد عفا عليها الزمن , واستحضارها اليوم , لا لشيء الّا الإسقاط ! وتحميلها ما لا تحتمل .. فلسنا في عهود السلاطين , والسيوف التي طوعت (ايران) السنية , لتصبح (شيعية) بحد السيف والقوة . . ولا تستطيع اية قوة اليوم في ظل الإتصالات المعاصرة التي جعلت من العالم , قرية صغيرة ,  مهما بلغت من القوة تطويع وتغيير ثقافة فئة او شعب , مالم يقتنع الانسان بفكرة ما .. ولقد عايشت في مهجري  وجولاتي ثقافات وشعوب  , ان مسيحيون نطقوا بشهادة ان (لا اله الّا الله) عند مشاهدتهم , مراسيم الحج على التلفزيون بشكل لا ارادي , لم يسهم فيه مثقف..فهذه الأمور بين الله وبين الانسان .

القصدية و(الخباثة)

ولاشك ان استحضار اية ترديدات او مواقف مستلة (بخبث أو تقصد) من ثقافة قديمة , لا يبرأ من القصديّة , المضمخة بالإساءة , سواء صدرت من طرف شيعي او سني .

  بل أن ذلك  يؤشر بشكل مستفز , ضلوع الجهات (المستحضره لشعارات الماضي البعيد)  بشكل او بآخر في مخططات دولية واقليمية   تستهدف الإبقاء على حالة العراق المتشرذمة داخليا ..ان لم توفق مرحليا في (تقسيم العراق ). وفي كل هذا فان انقلابا بنيويا اصبح واضحا في نسيج العلاقات العربية العربية , يستلهم صراعات لانهاية لها بعيدة تمام البعد عن متمنيات الشعب العراقي , ولاتخدم سوى اعداءه . وهذا مايؤشر الضلوع في تآمر دولي  واضح !

افرغوها مما علق

ان الذي يشهده العراق اليوم من تظاهرات وتجاذبات علينا , افراغها مما علق بها من هوامش , واعادتها الى دوافعها الأصلية وان  غطت عليها شعارات غير مدروسة .. وتتمثل في حاجة الناس الى العدالة , واحقاق الحق , واستثمار ثروات البلاد بشكل عادل في تنمية حياة الناس ورفاهيتهم , وتنمية البلاد اقتصاديا واجتماعيا . وهذا كله يشكل متمنى , لو اتفقت عليه الآراء لتجاوز العراق محنته,..فواقعنا الآن , مؤشراته الموضوعية هي:

امراضنا الظرفيّة والمزمنة

1 : توسل شعارات دفعت بها عديد الجهات الخارجية والداخلية (ذات الولاء للمال الخارجي) من مصادر متعددة ومختلفة , منتهزة المواقف الإستثنائية الراهنة ..وهذه الجهات لاشك انها غير بعيدة ,عن ما يدعى بتأييد او معارضة (الهلال الشيعي) أو (الزحف الوهابي) .

2 : محاولة بعض السياسيين المنتفعين من تناقضات هذه المرحلة, ركوب الموجة الشعبية , المتضررة من الإجراءات الحكومية والقوانين الإقصائية التي صيغت في ظروف استثنائية  عقبال الإحتلال الأمريكي الغاشم  وسيادة فرية ( الفوضى الخلاقة) بلغ فيها التجاوز على القوانين ألإلاهيّة والوضعية حدا كبيرا , بالإضافة الى الإقصاء المستند الى التمذهب والتكتل القومي والعقائدي مستوى مستفزا , (وارجو ان لايقول لي احدا ان تلك الإجراءات الإقصائية تركزت في المناطق الغربية ) فمثل هذا القول غير عادل ! بل ان الحقيقة تشير الى انها شملت ايضا كثير من الناس الأبرياء , في مناطق عراقية من عقائد ورؤى سياسية مختلفة عن (تجمع المالكي) .

3 : كان متمنانا وكثير غيرنا من المراقبين , ان تنزع التظاهرات الشعبية في (الأنبار) , وغيرها ,عنها شعارات دفع بها كل من له مصلحة في رفعها فوق رؤوس الجماهير الشعبية , التي بلغ صبرها على الخاطيء من الإجراءات الحكومية مداه .. وكان امرا ذكيا تنبه قيادات التظاهرات الشعبية الواعية , الى منع رفع تلك الشعارات , التي يجد فيها المخلصون لقضية العراق , اثارة لا مبرر لها في ظروف بالغة الحساسية .

4 : ينبغي اليوم لقيادات التظاهرات الشعبية , وضع  استراتيجية جديدة لهذه الشعارات , تأخذ بالاعتبار ما يجر على الضفة الأخرى من محاولات معلن عنها من مصادرها , لمعالجة عديد المطالب , فيما يتعلق بقانون (المسائلة والعدالة), والمادة (رابعا ارهاب), و(النساء المعتقلات ), (وقانون العفو العام )..وهذه جميعها تشكل مرتكزات المطالب الشعبية الرئيسية .

5 : اذا كانت الحكومة تقول “انها تعمل على معالجة مطالب المتظاهرين عبر اجراءات قانونية ) فانها يجب ان تتوقف عن ممارسة  لعبة (القط والفأر) , ك (اطلاق سراح معتقلين ابرياء , واعادتهم الى معتقلاتهم  بعد ساعات), وان تحجم عن اخراج متظاهرين عمدا في مواجهة متظاهرين يعبرون عن مطالبهم ,  كما ان عليها معالجة تهدئة المتظاهرين بالحوار الصادق من دون (خباثات) عرفت بها بعض الأوساط الحكومية , وان توجه اجتماعات تعقد او لجان تشكل  , لإنتاج مواقف وإجراءات حقيقية

6 :اصبح واضحا الآن ان (المالكي) يخوض غمار صراعاته لوحده , من دون رعاية من المرجعية المتمثلة بالمراجع الكرام في (النجف الشرف) , بعد قرارها بعدم استقبال أي من السياسيين العراقيين , الذين كانوا يستغلون مقابلاتهم في اقناع البسطاء بتأييدهم , فهذا الرجل اصبح اليوم من دون (ورقة توت) تستر اخفاقاته في مهامه  , التي يقول هو عنها (ان التناقضات والسياسيين يمنعونني من الأداء ومعالجة المشكلات الحيوية). كما ان قطاعا عريضا من العراقيين يمثله مقتدى الصدر (رغم وجود من لا يثق بمواقفه المتغيرة) هو الآخر يستعد لأي اجراء ينزع  (المالكي) عن كرسيه ..وفي هذا فان (الأكراد) عنصرا حاسما في ترويج مهمة اقالة (المالكي) , مستندين الى (استراتيجيتهم ) في تمتين اوضاعهم السياسية والإقتصادية , من اجل استكمال متطلبات اعلان دولتهم الكردية , في ضوء ظروف يجدون انها مناسبة من اجل (الزحف والقضم ) .

7 : لا يجد المراقبون في دور ما يسمى برئيس الجمهورية المريض , اهمية تذكر , في اقرار تعديل قوانين مهمة لتلبية مطالب المتظاهرين .. حيث ان ما اشترط من توقيع رئيس الجمهورية هو (اجراء شكلي) , لايتمتع من خلاله (الرئيس) حصرا بحق نقض القانون . وفي هذا يقول (المالكيون) ان (نائب رئيس الجمهورية عضو قيادة الدعوة  – الخزاعي) يهيء قلمه لخط أي توقيع يطلب اليه .

8 : ربما تكون احدى أهم القضايا المثارة , قضية (الدستور) , لم تحظ  بما تتطلبه من ادراك , الى انه يجب ان يعاد النظر في عدة بنود منه , تنزع عنها تلك الشعارات ,  والجمل الإنشائية المكتوبة على خلفية (المظلومية الكردية والشيعية) ,اضافة الى تلك المواد (المطاطية) , الموضوعة من اجل استغلالها في الوقت المناسب , بحيث  ثيت خطلها في ضمان أمن واستقرار البلاد و ومن اهم الألغام التي وضعها (اللاعبون) التركيز على (التنوع الفكري والعقائدي) بشكل يجعل نهاياته مفتوحة , وهذا يعني نسف احد أهم مرتكزات (الدولة المدنية المعاصرة) . وخلوه من اية مادة قانونية تسائل من يرفع أويعمل بشعارات ومواقف , عرقيّة او طائفيّة , او مناطقيّة .

9 :  اثبتت التجربة من خلال مسلسل الأحداث المتعاقبة , شكوكا  في استقلال (مجلس القضاء الأعلى) عن تأثيرات رأس السلطة التنفيذية , إلا ان مطالب المتظاهرين لم تشر بشكل كاف الى هذه الجزئية الهامة , التي اسهمت بالتأكيد في جعل ما ينيف عن 16 الف معتقل بمختلف التهم  ,ابرزها وفق المادة (4 ارهاب)  , من دون فرص عادلة في الإعتقال والتحقيق والمحاكمة ,  ومن سيئات ذلك ان يوجد من بين المعتقلين نساء لم تثبت عليهن جريمة (التستر) على ايواء الإرهابيين , بدليل اطلاق العشرات منهن , بعد عمل بسيط في التحقيق بحالاتهن اجرته (لجنة الحكماء) , إذ اوضح ذلك اخفاق المحققون في اسناد (الجرم المرتكب) , حسب درجة الارتكاب , وقربها من توفر الشروط القانونية لفرض العقوبة

10 : رغم اهمية تعدد الشخصيات الناشطة في مجال تقريب وجهات النظر بين المتظاهرين الذين تعددت قياداتهم المعلنة , ومن بينهم رجال دين افاضل , وسياسيين ينعمون بالسلطة والمنافع الشخصية كنواب ووزراء , يواظبون على حضور مهامهم الرسمية , وهؤلاء (الرسميون) يزاحمون المتظاهرين الحقيقيين , ويحاولون ركوب مطالب المتظاهرين الرافضين بشدة تلك الممارسات , وآخرون ينتظرون عبور الغيمة , ليسجل لهم رصيدا يقربهم الى حلم السلطة .

القيادة الحقيقية ترصد وتصمت

 فيما لم يشر احدا الى قيادة المتظاهرين الحقيقية , المؤلفة من حوالى 20 شخصية , تعمل خارج منطقة الإعلان والدعاية , ترصد , وتحلل, وتصدر التوجيهات , آخذة بالإعتبار ما يجر على الطرف المقابل , من محاولات لحل او ايجاد حلول لمطالب المتظاهرين . ومن بين هذه العصبة الخيّرة رجال دين مستقلون , ووجهاء مستنيرون, وشباب من دون دوافع منظمة ..وربما يكون لهذه العصبة الخيّرة , الدور الهام في ممارسة عملها بتجرد وموضوعية .

نحن نرى ان مكسبا كبيرا قد حققه العراقيون , من خلال تظاهرات (الانبار وسامراء والموصل) , والتي وجدت لها الأصداء التفاعلية في عديد المحافظات الوسطى والجنوبية, في وقت بلغت النقمة اشدها ,على الأداء التنفيذي الفاشل في احقاق العدالة , والإخفاق في بناء البنى التحتية , وبلوغ الفساد الإداري والمالي حدا لافتا , حتى كاد ان يتحول الى (عقيدة اجتماعية ).

القوة المخربة

ولا نرى في ما يتمناه البعض من قمع لهذه التظاهرات بالقوة , نجاعة يمكن ان تقود الى استقرار البلاد , بل انها يمكن ان تفجر الموقف الداخلي , وتصل به  الى مرحلة يصعب السيطرة عليها  , مما يسمح بالتدخل الدولي  , وقبل ذلك الإقليمي ..غير متناسين حقيقة  , ان (الرأس التنفيذي) لم يجد حتى الآن (القناة المباشرة الصالحة والمؤثرة في تحقيق الإتصال بالمتظاهرين) ..وكل ما يدور من اتصالات يقوم بها  مبعوثو (المالكي)  , ماهي الا اتصالات خارج حوض السباحة العميق !

لا نتوسل الدعوات بحفظ العراق والعراقيين فحسب ! ولا نطلق لتمنياتنا العنان لترسم احلاما وردية .. بل نتمنى ان يعي الجميع خطورة اوضاع العراق الداخلية , وما تتطلبه من شرف العمل من اجل سلامة العراقيين , ووحدة العراق شعبا وأرضا ..وانا  لله و انّا  اليه راجعون !

ورورد الكلام ..

فجر يوم الثلاثاء 19/ آذار/ 1918  , اقتحم 17  كوفيا بقيادة (نجم البقال)  ,(قلعة السراي) من باب (الثلمة) الصغيرة , متنكرين بزي الشرطة , حاملين رسالة هامة الى الحاكم الانكليزي , وعندما صاروا وسط المقر , قتلوا  بصمت حارسا انكليزيا خنقا وطعنا  , ودخلوا مكتب الحاكم الانكليزي المتجبر (كابتن – مقدم – مارشال) وقبل استخدام (مارشال) مسدسه , عاجله (البقال) بنيران بندقيته ليسقطه ..وتندلع بعد هذا ثورة 1918 المؤسسة ل(ثورة العشرين )المجيدة , التي اشتعل اوارها في كافة انحاء العراق .

ما اشبه اليوم بالبارحة . من حيث تداعي العراقيين لتصحيح اوضاعهم ..ولكن الإختلاف في الزمن و التفاصيل , التي سنجد عنها الكثير في كتابي (اوراقي ..في الصحافة والحياة ) , المنتظر انجاز طباعته الشهر الجاري.

أحدث المقالات

أحدث المقالات