23 ديسمبر، 2024 12:39 ص

ذات يوم مر بي كلب قذر
كان يبدو منهكا او منكسر
ربما كان طريدا.. شاردا..
او من غريم مستتر
يشتكي الجوع الذي لاينقهر
يشتهي كسرة خبز من شعير او حجر
او حساء لا ضرر
ان كان مطبوخا بأوراق الشجر
فدنا مني قليلا وتلوى
تارة يلعق ما تحت حذائي
تارة أخرى يمرغ أنفه بين الثرى
وهو ينبح في كدر
انقذوني يا بشر
فأنا كلب فريد وفصيلي مندثر
لا اريد الموت جوعا..
لن اسلم للقدر..
رق قلبي واعتصر
ثم لما علم الناس الخبر
انبروا طوعا إلى اطعامه.. ايوائه
حتى استقر
عاش في حاراتهم عيشا كريما مزدهر
سنوات بين تسع وعشر
ثم غاب الكلب في الاحدى عشر
إذ رحل.. في ليلة قد اختفى فيها القمر
لم يعد للكلب في حاراتهم اي أثر..

*******

بعد أن مرت شهور تلو اخرى
فوجيء الناس بجند تنتشر
بين حيطان المدينة
مثل بركان يكاد ينفجر
وجنود في الازقة
في الشوارع.. تنتظر
وبقلب مقشعر
دهش الناس وقالوا
ما الذي يجري وما اصل الخبر؟؟
وتعالى الهمس والشك كنار تستعر
هذه الجند بمن قد تأتمر؟؟
فإذا كلب أنيق منبهر
يمتطي ظهر جواد معتبر
يرتدي قبعة سوداء عظمى
ونياشين كثر
كان يبدو كأمير منتصر
زاد همس الناس.. من هذا البطر؟؟
انه كلب جميل ونظر
وهو من عرق نقي ينحدر
ليس يشبه كلبنا الرث القذر
صرخ الجند بضيق وضجر
ويلكم لاتقربوا وابتعدوا
فهو الزعيم المنتظر
انه سيدنا حامي الحمى راعي البقر
صاحب الأمر وراعينا المفدى
وبأمر الله قطعا يأتمر
حج بيت الله مرات عديدة
ربما ست وسبع معتمر
فانبرى شيخ مسن ينتهر
مالكم ياقوم حمقى
هل جننتم.. خانكم حتى البصر
انه الكلب الذي في حيينا كان يمر
نفسه ذاك القذر
احذروه انه كلب خطر
غضب الجند وقالوا يارجل
جئت أمرا شائنا لا يغتفر
نبح الكلب بحقد وأمر
ان يجيء الجند بالشيخ الأشر
مجبرا كي يجعلوه يعتذر
ثم قال الكلب انتم لا سواكم
انتخبتم.. كل محتال ولص وقذر
وبهم طوعا رضيتم
فلماذا قد جزعتم
حين أصبحت زعيما مقتدر
قلت اني لن اسلم للقدر
فأنا كلب فريد وفصيلي مندثر
ضحك الشيخ وقال في حذر
ايها الكلب الشقي المستعر
ان مثلي ابدا لايعتذر
انه ذل عظيم او كأني انتحر
غضب الناس وهاجوا ثم قالوا
كيف تجرؤ يا عجوز الشؤم
ان تهجو زعيما فأعتبر
إنما للقبر تدنو فأصطبر
ان هذا الكلب راعينا الذي لا ينكسر
هكذا شاء القدر

*******

مرت الايام
والشعب لصبح بعد ليل ينتظر
من قيود الظلم قطعا لا يفر
تلك ايام تنوء بالرزايا
إذ بدت حبلى بأمر لا يسر
حيث لا عيش كريم.. لا ولا عين تقر
وكأنا في جحيم.. بل كأنا في سقر
لعنة الله علينا تنهمر
إذ رضينا العيش في ذل وجور مستمر
وتفرجنا على إعدام شيخ
انبرى للحق طوعا وأبى ان يعتذر
بَيْدَ انّا طيفُ مَيْتٍ قد مسخنا
او كأنّا مثل قرد لايبالي ابدا لا يعتبر
نحن شعب يحتضر
بالبغايا او بقواد شقي نأتمر
إذ تولى أمرنا كلب حقير
وحمار يؤتزر
وذئاب تحرس الاغنام صبحا
تنهش الظأن بليل تستتر
وخنازير حقيرة..
تنهب الأموال جهرا..
دون خوف او حياء او حذر
أصبحت تقطن قصرا
بعد أن كانت تعيش في حضيرة
لا ضرر.. أين المفر
إذ تحولنا مطايا بعد أن كنا بشر
هكذا صرنا ونبقى نحتضر
ان رضينا ان نعيش كالبقر
او نكسِّرْ كل قيد
ونبدد كل احلام لمسؤول قذر
فيزول الظلم في لمح اليصر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اربيل تشرين الاول 2019