الساحة الجماهيرية في حالة فوضى , الضبابية في الرؤى السياسية القريبة والبعيدة . هذه الفوضى جاءت من تضليل الجماهير من قبل الاحزاب التي جاءت مع الاحتلال , المواطن البسيط تم خداعه , هذه الاحزاب تارة تقول ان امريكا حررت الشعب العراقي من نظام صدام وتارة تثقف ان امريكا جاءت لتحتل العراق , تارة يجعلون 9نيسان عطلة رسمية واطلقوا عليها يوم تحرير العراق وتارة تتجاهل هذا التأريخ وتقول بخجل لجماهيرها انه يوم مشؤوم , خلقوا الانفصام في شخصية المواطن العراقي وبالتالي جعلوه متردد في اتخاذ القرار ولذلك المواطن البسيط يرميها برقاب المرجعيات الدينية وهذا يعني ان المواطن ابعد عن السياسة بالتضليل والخداع
وعلى ضوء ما تقدم فأن الساحة السياسية تحتاج الى استقطاب وتنظيم , البشر مثل اي مادة اخرى فيها جزيئات نستطيع ان نمرر فيها تيار مغناطيسي فتنتظم جزيئاتها وتترتب , كذلك الجماهير تحتاج الى مغنطة لكي تترتب حركتها وهذه المغنطة هي الوطنية, الوطن هو الجاذب الاول لكل انسان و حب الجماهير لوطنهم شيء مقدس , حين يجرى تثقيف الجماهير بالوطنية نكون قد قطعنا نصف الطريق بالاتجاه الصحيح والنصف الاخر يكمل بالتحرر الفكري البعيد عن الطائفة والقومية وبالتالي نستطيع بناء دولة مدنية.
لكل حركة او ثورة هنالك تأريخ يؤرخ بدايتهما , مثلا نقول ثورة عبدالكريم قاسم بدأت في 14 تموز وانقلاب البعثين على عبد الكريم قاسم 14 رمضان اي 8 شباط وهكذا ولكن لوأردنا ان نذكر تأريخ الديمقراطية الجديدة والعملية السياسية الجديدة التي تقودها الاحزاب الحاكمة الان , اي تأريخ نعطي لها؟ هل نعطي تأريخ الاحتلال الامريكي لها , اذا اعطينا لها هذا التأريخ فهذا يعني ان الاحتلال مازال قائم وممتد لغاية هذه اللحظة واذا لم نعطي لها تأريخ فهذا يعني لاوجود لعملية سياسية ولاوجود لوضع جديد, وضع ديمقراطي كما يدعي البعض , ان لكل مشوار بداية ولكل بداية زمان ومكان يكتبه التأريخ , لذلك نقول ان الساحة السياسية الان في حالة فوضى فهي تراوح في مكانها وسائرة في كل الاتجاهات الاربعة ونتيجة للشد والجذب و تعاكس اتجاهاتها تمزق المجتمع العراقي , لا يوجد وريث شرعي للاحتلال , لان تركة الاحتلال مخجلة لكل وطني ولكن الكل يدعي احقيته بالسلطة هذا يقول نحن لدينا مظلومية والاخر يقول نحن الاكثرية والاخر يقول ان لكم اجندات خارجية وهكذا هم يتحركون بمتاهة ولانستغرب ان البلد يرجع الى الخلف , احيانا يدعون انهم اصحاب انتفاضات وتضحيات , لنأتي لانتفاضة اذار عام 91 وتسمى ايضا بالانتفاضة الشعبانية الكل يدعي انه ينتسب لهذه الانتفاضة البطلة والشجاعة ولكنهم لايحتفلون بها ولايجعلونها عطلة رسمية انهم على كولة المثل ملطخين بدم المجاتيل ولا دعوة لهم بها حتى ان رموز الانتفاضة الشعبانية ينتقدون القادة الشيعة لانهم اهملوا القادة الحقيقين للانتفاضة واهملوا اهالي ضحايا هذه الانتفاضة , ونود ان نقول هنا ان انتفاضة اذار او ماتسمى بالشعبانية ليس حكرا للشيعة فأن ابطال هذه الانتفاضة هم جميع العراقيين بكل اطيافهم , لان البطل الحقيقي هو الجيش المكسور العائد من حرب الكويت والجماهير التي تألمت لهذا الانكسار لم تتحمل اكثر ولكن غياب التنظيم فيما بينهم وتدخل ايران بالانتفاضة ووحشية النظام السابق , اذ قمع الانتفاضة بصواريخ ارض ارض , هي من اجهضت الانتفاضة بمباركة امريكية , ولان انسحاب الجيش يأتي من الجنوب الى الشمال فان المحافظات الجنوبية سقطت ولو كان انسحاب الجيش يمر عبر المحافظات الغربية لسقطت المحافظات الغربية
لذلك نقول هي انتفاضة شعبية وليس انتفاضة تخص طائفة دون اخرى
نحن بحاجة الى ثورة تصحيحة تضع النقاط على الحروف وتسمي الاحتلال احتلالاً وازالت كل تبعيات هذا الاحتلال , وتسمي الفتنة الطائفية بالدخيلة ويجب محاربتها وترفض كل تجار السياسة والحروب وتخرجهم من الساحة وتحاسب الفاسدين محاسبة علنية بمحاكم علنية ومعاقبتهم وتحريم العمل للاحزاب التي تدعو للفتنة الطائفية والغاء المليشيات الطائفية وتحريم عملها ومصادرت اسلحتها ومنع التدخلات الاجنبية في اللعب بمقدرات البلد وقطع يدها , حين تحدث هذه الثورة نستطيع ان نقول اننا بدأنا بعهد جديد مابعد نظام صدام ومابعد الاحتلال ونستطيع ان نضع تأريخ لها ويكون عيد وطنيا لكل العراقيين , فنحن الان بدون عيد وطنيا مابعد نظام صدام وبدون يوم محدد نحتفل به بالخلاص من الاستبداد والقمع الصدامي