23 ديسمبر، 2024 12:05 ص

نحن الكاظمون الغيظ العافون عن الناس 3/6

نحن الكاظمون الغيظ العافون عن الناس 3/6

«وَالكاظِمينَ الغَيظَ»:
فنحن اللادينيين، أو فريق منا، والذي أزعم الانتماء إليه، في داخلنا غضب وغيض أكبر بكثير مما نعبر عنه، تجاه كل ما زاولته الأديان، من إفساد في الأرض وإراقة للدماء، وبث لروح العداوة والبغضاء، وتخريف للعقول، فعندما أنتقد شخصيا الدين، لا أعبر عن كل غيضي، بما شخصته من ضرر للدين على شعوبنا وعلى الإنسانية جمعاء، ومن إعاقة للمشاريع النافعة، كالديمقراطية ودولة المواطنة وحقوق الإنسان والمساواة بين المرأة والرجل، وبين غير المسلم والمسلم، في جزء العالم ذي الأكثرية المسلمة، فعقلانيتنا واعتدالنا ومراعاتنا لمشاعر المؤمنين بالدين، توقفنا عند حدود نرى، أو لنقل، أرى شخصيا، ومن هو مثلي، وجوب الوقوف عندها، فلو أردنا أن نعامل الدين، بنفس اللغة التي يعاملنا بها من إهانات لنا ووعيد ما بعده من وعيد في نار لا ترحم، ولا نهاية لألوان العذابات فيها، فهو الذي يسمينا أنعاما بل أضل من الأنعام، ويسمينا كلابا نلهث، ويسمينا خُشُبا مسندة، ويسمينا من الذين لا يعقلون، ولا يفقهون، ويسمينا بالفاسقين والأشرار، وإلى غير ذلك، لا لشيء، إلا لأننا لم نؤمن بهذا الدين، والذين يؤمنون بالله منا كحالتي ينزهون ربهم عما لا يليق به، مما نسبت إليه الأديان، فنكون مستحقين لكل هذه الشتائم، والإهانات، ولأنواع العذاب، فيما فصلته في حلقات «زنزانات العذاب الإلهي في القرآن». إذن نحن الكاظمون غيضنا. وهكذا أراني مستغيظا كلما رأيت المخدوعات والمخدوعين بالدين، وأرأف لحالهم، لكني أشعر بداخلي بغضب عارم، كيف استطاع هذا الدين أن يخدع أعدادا، من الصعب عليّ إحصائها، منذ لحظة «اقرأ» حتى مراحل «واقتلوهم أينما ثقفتموهم»، وأعلم سيقول البعض «مُت في غيضك يا ضياء الشكرجي، وموتوا في غيضكم أيها المرتدون واللادينيون»، لكنهم لا يعلمون إن غيضنا وغضبنا مقدس، لأنه غيظ وغضب من أجل الإنسانية، وهو غيظ وغضب يحبهما الله الذي نسبت إليه الأديان ما لا يليق بجلاله وجماله وعدله ورحمته وحكمته.

«وَالعافينَ عَنِ النّاسِ»:

لأننا لا نحقد على المتدينين، لاسيما الطيبين، وبكل تأكيد فيهم الطيبون، رغم كل غيضنا الذي كظمناه تجاه الدين والتدين، وكما قلت في خاطرة لي سبق ونشرتها «أبدا لم أعد أحب التدين، لكني أبدا لا أسمح لنفسي أن أكره المتدينين، وإني لأحترم منهم العقلاء، وأحب منهم الطيبين»، والمقطع الأول قبل هذا كان «أبدا لم أعد أحب الحجاب، لكني أبدا لا أسمح لنفسي أن أكره المحجبات، وإني لأحترم منهن العاقلات، وأحب منهن الطيبات».

«وَاللهُ يُحِبُّ المُحسِنينَ»:

المحسنون تأتي بمعنيين، تارة بمعنى فعل الإحسان والعطاء تجاه الناس، وتارة كاسم فاعل للفعل أحسن، يحسن، إحسانا، أي الذي يحسن عملا، ويحسن التعامل مع الناس، بعكس المسيء والمسيئين، فالإنسان الذي يتحلى بنزعة إنسانية، يبذل جهده ليكون دائما من المحسنين تعاملهم مع الناس، ويتجنب الإساءة إليهم، وإن أخطأ يحاول أن يتدارك، ويصحح خطأه.