مأساة الكورد الفيليين جراح لا تندمل بسهولة ، طيفٌ في مقدمة المضحين من ابناء العراق ، وهم اوائل المنسيين في زمن يفترض فيه رفع الحيف عن المظلومين .كما ان اوجاعهم هي اكبر من ان تبلغه اقلامنا واعظم من ان يستهان بها لان الذي جرى على الامة الكوردية قاطبة والفيليين خاصة من جرائم تهجير وابادة تعد من الالوان التي سودت وجه التاريخ وهامته وعارا مابعده عار لما لحق بهذه الامة من نكبات لعقود طويلة في سنوات الزمن المر،
ومرة اخرى بعد سقوط نظام البعث وعودة اعضائه من الشباك بعد ان خرجوا من الباب وحين توفر ممثلون ذوي اتجاهات متنوعة باسم هذا المكون المهم لم يتجاوزوا ما يفرض عليهم وضاقت عليهم كل السبل للدفاع عنهم والمظلومية التي لحقت بهم وعجزوا من ان ينتزعوا ثمار بركة كبيرة من الدماء التي لايمكن الاستهانة بها سقت ارض الرافدين وقدموا قرابين تمثل فلذات اكباد الاباء والامهات وجيلاً توقفت عندهم الدموع والماسي وزهقت ارواح بريئة كانت تنتظر عودتهم على مدى هذه السنوات
على الساسة العراقيين احترام هذه الامة المضحية وتقديرها وفتح المجال امامها ودعمها دعما معنويا وماديا في سبيل الولوج في العملية السياسية فلا نرى من يمثل الكرد الفيلية غير ابنائها المخلصين . . ولكن لايمكن من ان نبخس حق الاخرين الذين دعموا شعبنا من الاحزاب الكوردية الشقيقة والاسلامية وبعض السياسيين حيث بذلوا جهوداً مضنية للوقوف الى جانب حقوقنا المشروعة عندما تغاضى التاريخ والاعلام بصورة متعمدة عنهم لتُجرد هذه المآسي من حقيقتها بتعتيم ممنهج قل نظيره وسكوت المنظمات الدولية التي تدعي الانسانية.
ان وسائل الاتصال تعددت اشكالها اليوم لما لها من أهمية وتأثير كبير في المجتمع والأفراد أنفسهم. للإعلام تأثير كبير على أفراد المجتمع، فهو مصدر المعرفة ووسيلة الأهم في الطريق لإحداث اي تغيير يذكر في المجتمع والبيئة. دورالإعلام مهم لنشر الثقافة بين الناس، وهو مهم لترسيخ مبادئ الحضارة ومكوناتها . وقادرة على مواجهة التطورات، سواء في كيفية المواجهة، أو في وسائلها. كما أنها قادرة على مواكبة الوقائع المتغيرة المتجددة، بحيث تجد لكل واقعة حكما يتناسب مع الاهداف التطويرية.و الكورد الفيليون برزت انشطتهم من خلال الصحف ومواقع الأنترنت وظهرت لهم اسهامات واعمال كثيرة تجسدت في اظهار تاريخ وحضارة وثقافة امتهم وساهمت في تثبيت هويتهم التي كادت ان تمحى على امتداد تاريخ العراق ، وكان لهم الدور الفعال والحيوي في الحياة المجتمعية و في مجالات الثقافة والعلم والأدب والفن، فمن بينهم برزت مجموعة مهمة من الكفاءات الموسيقية المميزة وأبدعوا فيها، كما كان للكرد الفيلية باع طويل في المسرح والفن التشكيلي. وبرز بينهم الكثير من العلماء و الكتاب والمفكرين والأدباء .وفي السياسة والاقتصاد والرياضة حيث حققوا انتصارات يشار لها في كل حين وساهموا في تاسيس الجمعيات الخيرية الفعالة التي كانت لها الادوار الحميدة لخدمة مجتمعهم والعبور الى المجموعات الاخرى وبناء صروح من المساجد والحسينيات في مناطق مختلفة من ارض الوطن ، وتحت تلك التسمية والعلامة والرمز المميز لشريحتهم المضطهدة تعمل اعداد من المواقع اليوم مشكورة ونشد على ايديهم وحتى قنوات تلفزيونية خاصة تتحدث بلغتهم الجميلة الرائعة واستقطبت اقلاماً عديدة وبارزة من الكتاب والمثقفين العراقيين من مختلف الافكار والاتجاهات والتي ساهمت في بيان تلك المعاناة والظلم الذي لحق بهم وارائهم وافكارهم في مجالات مختلفة . الاعلام اصبح ضرورة لبيان القيم الخلقية في المجتمع ، والحيلولة دون انتهاك حرمة خصوصية الأفراد،
و حيث أصبحت تقدم روافد أساسية لوسائل الإعلام ومعلومات غثة ، ومنها أين يقف الكرد الفيلية على ما يحدث في العراق والعالم من تطورات في كل المجالات ، وما هو دورهم وتأثيرهم في الحياة السياسية العراقية خاصة ؟ وكيف ينظرون إلى مستقبل علاقاتهم السياسية والاجتماعية في الداخل وتقيم ما يحدث في الخارج . ثم انها تُمثّل ثقافة لا يمكن الاستغناء عنها لهم في المجتمع لابراز الانشطة ووصول المعلومة بسرعة .بعد ان تحول العالم الى قرية صغيرة نتيجة تطور الاتصالات .
يفرحنا ويسعدنا كثيراً ان نرى بكل فخراقلام الكورد الفيليين الى جانب الاعلاميين العراقيين يشاركون في صفحات وسائل الاعلام بهمة عالية لتقييم مجريات الاحداث في الساحة السياسية بوسعة الوطن وفي نفس الوقت تكتب بحرارة وحيوية لامثيل لها لجمع الشمل ولملمت الجراح ولتوحيد الكلمة فيما بيننا ، لما لها من دور قوي ومؤثر في زيادة اللحمة الاجتماعية بين ابناء شريحتنا التي تمزقت الى اشلاء بين دول وبلدان العالم بسبب الأحقاد التي كانت تحركها نوازع الاجرام والافكار الشوفينية فضلاً عن مصالح القائد الضرورة الذي تسلط على الرقاب والعقلية البدوية التي كانت تقود البلد . ان تاريخهم يجب ان يوضع في سياقه الصحيح دون مغالاة ، بمنهجية سليمة من الشوائب والادغال في تحليل الامور بالانطلاق من المنحى التاريخي الحقيقي وليس المنحنى السياسي الذي يعالج قضايا انية. والعمل من اجل انصافهم واستعادة حقوقهم كونهم من الشرائح التي تعرضت للاضطهاد والتهجير والتسفير القسري ، والعمل للحضور والمشاركة الفعالة على الساحة السياسية عبر التواصل مع جميع القوى السياسية الوطنية باعتبارهم من المكونات الاساسية في البلاد .ولعل تحرُك الفيليين إعلامياً في هذه البرهة من الزمن فاتحة خير ونقطة عطف في غاية الاهمية وضرورة لحاجة شعبنا الفيلي لحراك يقوده ابناءه الغيارى بانفسهم بمشاركة اصحاب الضمائر الحية من الاطياف والمكونات الموجودة في الساحة ، لما للإعلام من قوة تأثير في تغييرقناعات وافكار الآخرين وكسب تعاطفهم ومواقفهم الى جانب طرح قضيتنا الفيلية والمشاكل التي تعيق اعادة جزء من مظلوميتهم ، وجذبهم لتحركٍ يخدم مصالحنا الاساسية، ويحقق لنا التحرر من تلك المظالم الجاثمة على صدورنا منذ أمد بعيد، ورفع ما تعرضا له من اجحاف وغبن وتهميش واقصاء هدد مصيرنا وسط هذا الصراع السياسي الكبير الذي يدور حولنا. لقد وفر وسائل الاعلام بكل اشكالها وانواعها مساحة كبيرة لمن يريد العمل لاسترجاع حقوقنا المسلوبة من الكورد الفيليين ، وكذلك الاستفادة منه واستثماره بما يجلب المنفعة لشعبنا مع توافر النوايا الصادقة النبيلة والاستعداد التام لتقديم المصلحة العامة للكورد الفيليين على المصالح الشخصية. وآخرون يرونها حالة صحية هدفها الحرص على الدفاع عن الاجحاف وتردي المعاملة التي يلقونها عند مراجعتهم للدوائر والمؤسسات وازالة السلبيات والعوارض الناشئة من الحقد الدفين في قلوب بعض المرضى في المؤسسات. في ظل هذه المظلومية ونكبتهم الكبيرة وفقدانهم لا كثر من سبعة عشر الف شاب لا يعرف مصيرهم الى الان ظلت ذكراهم خالدة وحية في قلوبنا وضمائرنا نحملها معنا في حلنا وترحالنا ونذكرها في مجالسنا مع دمعة ساكبة وحسرة حارقة ودعاءا على الظالم وعملا مع المظلوم لاخذ حقه املا في اقامة العدالة ولو بعد حين.
والكرد الفيلية لهم في سجلات التاريخ صفحات مضيئة اضاءها ابناؤهم الشهداء عندما تعامل معهم النظام البعثي بكل وحشية وبطرق لا تمت للانسانية بصلة . ان اثار تلك الجرائم البشعة التي ارتكبت ضدنا لن تنمحي من وجداننا ولن تختفي من افئدة ثكلانا بمجرد القاء الخطب وتدوين مقالات او بيانات ادانة، علينا ان نتجاوز مرحلة الادانات الى العمل الجاد الموحد .
هذه الجريمة البشعة التي اقترفها النظام المقبور يندى لها جبين الانسانية ويجب علينا ان نتذكرها كل عام بل وكل يوم حتى نضمن ان لاتقوم للدكتاتورية قائمة في بلدنا وحتى نرسم مستقبلاً لاجيالنا لا مجال فيه للطائفية والعنصرية والشوفينية ولاينزلقوا الى مهاوي الظلم والتسلط والاجرام ان ادانة الافعال الاجرامية المقيتة التي انتهك خلالها النظام البائد كل حقوق الانسان والشرائع السماوية تدفع بنا ان نتقدم خطوة للامام ولو في جزء من رد جميلهم لهذا الوطن. لم نرى اي دور يذكر في العراق الجديد والذي يفترض ان يكون لهم فيه دورا مميزا وواضح كحال بقية اطياف الشعب إلا جهود حثيثة تحارب واجهات الظلم بصعوبة دون سلاح , يجب أن لانكون سببا فى استمرار مظلوميتنا وتهميشنا بل لابد وان نستمر فى الكفاح ونكران الذات لخدمة قضيتنا وشريحتنا الفيلية الاصيلة كما يفعل كثيرون من ابنائه دون انتظار الشكر من احد كجنود مجهولون يعملون بما يرضي ضميرهم و واجبهم الوطني وايمانهم بعدالة قضيتهم المشروعة ولابد للشمس ان ينبلج ليفضح المتربصين بقضيتنا العادلة .
ومن اجل عدم ضياع الهوية الخاصة بنا كجزء من شعب كوردي حي ووضع الحلول الجذرية عن طريق برنامج متكامل يعمل على إعادة بناء جداريحافظ على وجود الأمة الفيلية المعطاة واستعادة كل خطوط شخصيتها المستقلة من: لغة ، وعادات ، وتقاليد، وفلكلور شعبي ، وأدب ، وثقافة ، والتعريف بتاريخة النضالي المجيد و تقديم يد العون بالشكل المطلوب له و بناء استراتيجية اخلاقية جديدة تعلوها كلمة التسامح والمحبة وبناء جسورالثقة من جديد لعبور مرحلة التهميش والاقصاء الى مرحلة التعاون البناء لتوثق اواصر الاخوة . لان وضع نهاية لهذه التراجيديا الانسانية تقع على عاتقنا اولاً واخراً. نحن اصحاب القضية يجب ان نتكاتف فيما بيننا وان نوحد خطابنا بعيدا عن الطموحات الشخصية . لا نتقاعس في اداء واجبنا تجاه قضيتنا وان لا يهدأ لنا بال الا باسترجاع حقوقنا مهما كلفنا من العناء والتضاد.
هناك امور يتحتم عدم تخطيها والعمل عليها ضروري، وهي توحيد الصفوف تحت خيمة الولاء والسلام والمحبة تحمل اسم وتاريخ هذا المكون العزيز والمخلص والابتعاد عن التشرذم بتاسيس جمعيات ومنظمات بعيدة عن الشخصنة والعشائرية والمذهبية والتطرف الاسود والعمل الجاد في خدمة هذا الطيف الرائع والاصيل بوفائه لامته وشعبه وارضه .