قال رسول الله صلى الله عليه وآله: “لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه”.
يعد تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي “بريجنسكي”، المتضمن طرح رؤاه الخاصة بصناعة الحروب من العام 1980 هو الأخطر من بين جميع الرؤى الأمريكية، والذي ما ان خرج للملأ فتحول إلى قرار أو سياسة وثقافة أمريكية يعبران عن هوية وأهداف الولايات المتحدة الأمريكية، أو صار جزء من تاريخها، فكان تصريحه -أي”بريجنسكي”- يوم كانت الحرب العراقية الايرانية قائمة آنذاك-، لايقل خطورة عن خيار الحرب مع الجارة ايران من قبل رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين من ثمانينات القرن المنصرم، بقوله أي”بريجنسكي”:
“إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الآن”1980″هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران، تستطيع أمريكا من خلالها ” تصحيح حدود سايكس- بيكو “،،،.
و”بريجنسكي هذا هو مستشار الأمن القومي بعهد جيمي كارتر عراب الصهيونيه والمروج حاليآ لديمقراطية امريكا الماسونيه المتصهينه”.
وعقب إطلاق هذا التصريح وبتكليف من وزارة الدفاع الأمريكية” البنتاجون “ومباركة الكونجرس واللوبي الصهيوني بدأ المؤرخ الصهيوني المتأمرك” برنارد لويس” بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعا كلا على حدة، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقي .. إلخ”، وهو بطبيعة الحال لايقل خطرا وإسيتراتيجية عن وعد بلفور الشهير بداية القرن الماضي.
“وبرنارد لويس هو من مواليد لندن عام 1916،، وهو مستشرق بريطاني الاصل يهودي الديانة صهيوني الانتماء امريكي الجنسية”.
وكان قد صرح عن رؤيته هذه باحدى مقالاته التي يقول فيها: “أن الحل السليم للتعامل مع العرب هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أميركا بهذا الدور، فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة، لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، وإنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داع لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم وكل هذا بالنهايه سوف يخدم مشروعنا لاقامة دولة اسرائيل الكبرى”.
فقد بدأت رؤية وانطلاقة مشروع لويس في عام 1983 حيث وافق الكونجرس الأمريكي بالإجماع في جلسة سرية على مشروع “برنارد لويس”، وبذلك تم تقنين هذا المشروع واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية لسنوات مقبلة.
إن أول من تصدى لهذه الرؤيا الفاسدة والاستكبارية النهج، وعرقلة انطلاقة هذا المشروع المشؤوم في المنطقة، هي جمهورية ايران الاسلامية من خلال التعامل مع أمريكا بجعلها أن تكيل بمكيال واحد لا بمكيالين كشرط أساسي لإدامة مختلف العلاقات الثنائية، والتعامل معها على انها الشيطان الأكبر، وإدراجها على رأس قائمة دول الاستكبار العالمي ومقاطعتها واحباط جميع خططها الإستكبارية والشيطانية، وقطع علاقاتها الديبلوماسية معها، مع فضح “المخططات الصهيوأمريكية” المتعلقة بقضية فلسطين، وفتح أبوابها على مصراعيه لدعم القضية الفلسطينية وحركات التحرر العربي والاسلامي في المنطقة، مسبوقة بخطوة غلق السفارة الاسرائيلية في طهران وتسليمها لمنظمة التحرير الفلسطينية ورفع العلم الفلسطيني عليها، وخطوة أخرى انبثاق يوم القدس العالمي، ب {مبادرة كريمة من قبل قائد الثورة آية الله العظمى السيد الخميني”قدس سره الشريف” وهو القائل فيه: “وإنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل من شهر رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين. لسنوات عديدة، قمت بتحذير المسلمين من الخطر الذي تشكله إسرائيل الغاصبة والتي اليوم تكثف هجماتها الوحشية ضد الإخوة والأخوات الفلسطينيين، والتي هي، في جنوب لبنان على وجه الخصوص، مستمرة في قصف منازل الفلسطينيين على أمل سحق النضال الفلسطيني. وأطلب من جميع المسلمين في العالم والحكومات الإسلامية على العمل معا لقطع يد هذه الغاصبة ومؤيديها. وإنني أدعو جميع المسلمين في العالم لتحديد واختيار يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة في شهر رمضان الكريم – الذي هو في حد ذاته فترة محددة يمكن أيضاً أن يكون العامل المحدد لمصير الشعب الفلسطيني – وخلال حفل يدل على تضامن المسلمين في جميع أنحاء العالم، تعلن تأييدها للحقوق المشروعة للشعب المسلم. أسأل الله العلي القدير أن ينصر المسلمين على الكافرين “.
فصار على اثر ذلك حدث سنوي يعارض احتلال إسرائيل للقدس. ويتم حشد وإقامة المظاهرات المناهضة للصهيونية في هذا اليوم في بعض الدول والمجتمعات العربية والإسلامية الإسلامية ومختلف أنحاء دول العالم، ويعقد في يوم الجمعة الأخيرة من كل عام من شهر رمضان المبارك أى الجمعة اليتيمة أو جمعة الوداع}، يوم اذ زجت ايران في حرب ضروس مع النظام العراقي وفرضت عليها تلك الحرب بحجة حماية البوابة الشرقية للأمة العربية والوطن العربي، خوفا من التوسيع الايراني وتصدير الثورة لدول المنطقة بزعمهم، ويوم كانت الثورة الايرانية مازالت فتية وكان من اولى أهداف تلك الحرب افشالها واجهاضها في أيامها الاولى، وكانت الأداة الملائمة لتنفيذ ذلك المطلب هو صدام حسين رأس النظام العراقي الحاكم آنذاك، وهي أول خطوة-أي الحرب- مطابقة لرؤية وانطلاقة مشروع لويس التي أقرها الكونجرس الأمريكي بالاجماع بجلسة سرية كما اسلفنا.
وقد أصرت ايران في حينه بعدم وقف الحرب رغم الضغوط الكثيرة لعدة أسباب كان من أهمها: إفشال رؤية ومشروع لويس دون الوصول إلى تطبيق بقية فقراته من خلال دربكة التوقيتات والأحداث، وثانيا إستنزاف طاقات ذلك النظام ووضع حدا لمراهقاته السياسية ومقامراته الطائشة، والسعي لاسقاطه لأنه كان يمثل واحدة من أدوات ذلك المشروع، ماجعل أمريكا ودول الخليج وبعض الدول العربية والغربية مضطرة بالتلاحم مع النظام العراقي ودعمه لوجستيا واقتصاديا خشية السقوط، ولكن الحرب بقت قائمة إلى امدها الذي استيقنته ايران بعرقلة ذلك المشروع الذي يتناغم مع سياسة مسار حدود سايكس بيكو واقامة إسرائيل الكبرى رغم محاولات المبادرات والمساعي الحميدة الكاذبة لوقف الحرب.
ما أن توقفت طبول الحرب العراقية الايرانية المسماة بحرب الخليج الاولى – يفترض ان تسمى حرب داعش الاولى- حتى انبتقت بوادر حرب الخليج الثانية اثر احتلال دولة الكويت من قبل نظام صدام بدفع وتوريط أمريكي، والتي واجه فيها العراق تحالف 33 دولة بقيادة أمريكا لترجع العراق إلى حاضنة دول القرون الوسطى، وأصبح العراق في حينه اثرا بعد عين، فلا بنية تحتية، ولا اقتصاد، ولا ماكنة عسكرية، يعول العراق عليهن لمواكبة العالم وتقويم اداء الدولة وإدامة الحياة، فإنبثقت الانتفاضة الشعبانية المباركة 1991 اثر ذلك لتصحيح الأوضاع والانقضاض على نظام الحكم القائم آنذاك بغية إسقاطه والتخلص من شروره، والتي كان من نتائجها وللأسف المقابر الجماعية بعد ان قمعت تلك الانتفاضة المباركة بالحديد والنار والاعتقال العشوائي، بوحي من أمريكا وبضغط من دول الخليج وبعض الدول العربية، لأنها على مايبدو لاتتماشى مع الرؤية الأمريكية والصهيونية والاعرابية المتمثلة برؤية ومشروع لويس الذي أقره البرلمان الأمريكي كما اسلفنا، وكذلك خوفا من إتساع رقعة الهلال الشيعي ليشمل بعض بقاع المنطقة والحفاظ على وحدتها بطابع شيعي، وبالتالي عرقلة مشروع قيام دولة اسرائيل الكبرى.
هنا يبادرنا السؤال الآتي: “اذن لماذا احتلت أمريكا العراق واسقاط نظامه السياسي الذي طالما أن قدم لهم خدمات أستثنائية قد ساهمت كثيرا في تحقيق “مشروعهم اللويسي”؟
الجواب: أمريكا اسقطت صدام لأن بوادر الثورة في العراق لاسقاطه قد بدت ملامحها في الأفق، الثورة قد تتلاحم فيها جميع القوى الثورية الوطنية التي انتفضت على النظام تحت “راية الانتفاضة الشعبانية” يؤازرها في ذلك “الأحزاب والمنظمات المحظورة”و”الجيش العراقي السابق” و”منتسبوا الشرطة وقوى الأمن الداخلي، و”أبناء العشائر” وبقية “القوى الدينية والمدنية” التي عانت الويلات من نظام صدام.
وهذه الثورة ان كتب لها النجاح في حينه فانها بكل تأكيد تتقاطع مع الأهداف والرؤى الأمريكية والصهيونية والاعرابية في المنطقة، فضلا عن تحالفها مع عدو بعض العرب الأول ايران، هذا أولا، ولانتهاء دوره التنفيذي في المنطقة، والتصفوي في العراق، وقد بلغت خدماته لهم الحد الاعلى من سلم هذا الدور، الأمر الذي لايمكن معه بلوغ حدود أعلى من الحد الذي بلغه في خدمة تنفيذ المشروع الأمريكي في المنطقة، أي بلغ المدى الذي تكون فيه مدة انتهاء صلاحيته قد قاربت، فانتهى دوره وانحسر، هذا ثانيا.
وإن اسقاط النظام العراقي واحتلال العراق من قبل أمريكا بالطريقة المعروفة في 2003 إنما يتماشى مع مشروع المخطط “الصهيوامريكي اللويسي” بتفتيت العراق وسحقه، ولأن العراق ضمن الدول المرشحة للتفتيت فيجب ان يحتل بهذه الطريقة، بوحي من مضمون تصريح “بريجنسكي” مستشار الأمن القومي بعهد “جيمي كارتر” عراب الصهيونيه، وان يعتمد نظام حكمه السياسي ديمقراطية امريكا الماسونيه المتصهينه.
وهذا ينسجم أيضا مع رؤية ومشروع “لويس” الذي أقر، وينسجم مع مقولته الشهيرة:”أن الحل السليم للتعامل مع العرب هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أميركا بهذا الدور، فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة”، وهذا ماحصل للعراق لأن الظروف كانت آنذاك مؤاتية، ولايمكن لأمريكا تفويت هذه الفرصة، خوفا من انبثاق الثورة العراقية الشيعية مرة أخرى، ويقتطف نظام الحكم لصالح دول الممانعة لإسرائيل المؤلفة من ايران وسوريا وحزب الله وحماس.
وهل يقف المشروع “الصهيو امريكي اللويسي” عند هذا الحد؟
كلا، لابد من ان يتبعوا خطوات اخرى لتنفيذ مشروع التفتيت، كخطوات متممة لانجاز ذلك المشروع.
ومن ثم قامت الثورات الملونة المخملية لتقويض الأنظمة العربية تحت مايسمى ب”ثورات الربيع العربي” في الدول التي وضعها “برنارد لويس” ضمن قائمة الدول المشمولة بالتفتيت، وهي بطبيعة الحال ثورات ذات طابع اجتماعي لاسياسي، مما يسهل في إعادة توجيهها وسحب البساط من تحت أقدامها بكل سلاسة لصالح القوى الاعرابية والصهيونية في المنطقة، من خلال الثورة العربية المضادة التي انتهجتها دولتي قطر وآل سعود.
وكان من تلك الدول المشمولة بالتفتيت جمهورية سوريا القطب المؤثر والفعال في دول الممانعة، المجابهة لإسرائيل من ناحية، والمشاطئة من قبال آلساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط لمعظم دول أوربا الشرقية من ناحية أخرى، والبلد الاسيتراتيجي المهم في المنطقة والذي لايقل أهمية عن العراق، فانطلقت من درعا السورية بدعم سعودي أمريكي خالص بما يسمى بثورة جبهة النصرة الإرهابية، -والتي أنشطرت منها عصابات تنظيم داعش الارهابي- لإسقاط نظام الحكم، والنظام السوري يقارع هذه الهجمة الشرسة دون الرضوخ لإسقاطة على يد هؤلاء منذ مايقارب من أربع سنوات ومازال صامدا بفضل وقفة الشعب السوري وقواته المسلحة المسلحة بإلتفافها حول قائدها لصد المحاولات الإرهابية الشرسة التي تريد اسقاط النظام والذي إستماتت عليه أمريكا ودول الخليج والسلاجقة والاعراب، ولولا وقفة ايران وروسيا والصين، لكان الأمر مختلف ايضا، الأمر الذي اضطر أمريكا للتفاوض مع النظام من خلال حل الأزمة السورية بحل سياسي، وكان وزير خارجية امريكا “جون كيري” قد صرح بوقت لاحق: “ان الولايات المتحدة ستضطر للتفاوض مع الرئيس بشار الأسد في النهاية بشأن انتقال سياسي في سوريا، مشيرا الى ان واشنطن تبحث سبل الضغط على الأسد لقبول المحادثات”.
وطبيعي فإن أمريكا فد اختارت هذا الخيار على مضض، لأن كان هدفها من وراء اسقاط النظام ابعاد سوريا من دول الممانعة أولا، وجرها للحرب مع أحدى دول المنطقة بغية أضعافها وتأمين حسر مواجهتها لإسرائيل ثانيا، وضمان لتجزئتها وتجزئة دول المنطقة إلى كانتونات متصارعة ثالثا، وهذا ماتعثر حصوله بالوقت الراهن بسبب النهج الايراني التصدوي في المنطقة وهذا مالاتستسيغه امريكا قدر تعلق الأمر بتحقيق مخططاتها الصهيونية في المنطقة، وهذا هو سر عداوة امريكا والاعراب لايران -كانها عظم في بلعوم-.
ان تلاقي”الأهداف الأمريكية-الصهيونية-الماسونية-الاعرابية-السلجوقية، والرجعية” – كخطوة أخرى من خطوات تنفيذ رؤية ومشروع ” لويس”-، ولدت الانجرار والتسابق في دعم”داعش” لوجستيا وماديا، وفي كل شيء، السبب الذي جعل “داعش” ان تتمادى وتستهتر في كل شئ يقف في طريقها الأمر الذي أحرج امريكا امام الرأي العالمي ما اضطرها ان تقود تحالفا دوليا صوريا لضرب داعش.للتخلص من ربقة المساءلة الأخلاقية الدولية وربما القانونية والحفاظ على الحد الادنى من هيبتها وتحسين صورتها.
والآن نعرج على الأهداف الرئيسية التي جاءت بها داعش لتحقيقها في العراق، وقبل التعريج على هذا الموضوع على ان أذكر ان جميع عمليات القتل والتفجير، والذبح، والتهجير، وحرق الناس وهم احياء، واغتصاب النساء وسبيهن وبيعهن في سوق النخاسة، وتحطيم الأماكن المقدسة والمقامات والجوامع والحسينىنات والكنائس وأماكن العيادة لبقية الأديان، والمقابر الجماعية، وارتكاب الجرائم على غرار جريمة سبايكر التي راح ضحيتها 1700 شهيد من النخب الشبابية، وتصفيات التطهير العرقي والبشري، ومصادرة أموال الناس، وتدمير البنية التحتية، وتحطيم وبيع الآثار، ووو، ماهي الا أهداف ثانوية بحد ذاتها، وهي ليست تلك الأهداف التي يعول عليها، ذلك ويكانها هيئت لأهداف أكبر سيتراتيجية وأكثر عدوانية، وهذي الجرائم التي نفذتها، إنما هي سلوك بشري شرس الغاية منه أخافة الناس وزرع الرعب والخوف في نفوسهم وصولا لتحقيق رسالة الصهيوني “برنارد لويس” وهو القائل في مقال كما ذكرته في صلب بحثي هذا: “إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية”.
وحتى احتلال الموصل وتكريت وبقية المدن لم يعول عليها على انها أهداف من الدرجة الاولى، وهذي الجرائم أيضا على الرغم من وحشيتها، لاتعد على انها أهداف اسيتراتيجية بل ثانوية رغم حيويتها، وبقدر ماهي الا وسائل للوصول للأهداف الرئيسية الاستراتيجية الكبرى الاخرى، والتي ان وفقت باستقرائها ادرجها على هذا النحو:
الهدف الأول: “تقسيم العراق لثلاث دول” “وهذا مقترح عام 2006 من قبل السناتور “جو بايدن” لتقسيم العراق الى ثلاث مناطق سنية و شيعية وكوردية، طبقا لرؤية وخطة الصهيوني “برنارد لويس”.
وإن فكرة اللجوء لخيار التقسيم لاتأتي من خلال الجلوس على الطاولات أو الحوارات، بل تأتي من حالة تعقد الصراع عندما يكون مقرونا بسلسلة من الحروب التي تسيل فيها شلالات من الدماء وتنتهك فيها الاعراض، وتدنس فيها الأرض، وتثار فيها الفتن والشبهات، بعد خلق مراكز صراع متقاتلة وهذا آلامر ستعمل الاطراف الاقليمية والدولية على تحقيقه، وما “عصابات داعش الإرهابية” الا كواحدة من تلك الأدوات ومركز من مراكز الصراع.
وكان رئيس الوزراء العراقي الاسبق إياد علاوي قال: إن المناطق المحيطة بالعاصمة العراقية بغداد تتساقط، و”من المحتمل جدا أننا ماضون على طريق تقسيم العراق”.
الهدف الثاني: تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، وابعاد فكرة الاعتناق والدخول في هذا الدين الحنيف الذي انتشر في أجزاء كبيرة من المعمورة.
الهدف الثاني: وهو الهدف الحيوي المهم والخطير والاستراتيجي في جعبة الأجندة التي جاءت بها داعش وهو الهدف الذي أقحم بالخطة بتأثير إعرابي سلجوقي عقدي.
يهدف، بإسقاط المدن سامراء, وبغداد, والكوفة, والنجف, وكربلاء, وطمس حواضرها ومواضيها وكل مايتعلق بحضاراتها ومقدساتها، وخصوصا مراقد أهل البيت”صلوات الله عليهم جميعا”وتفجيرها بعد نهبها وتسويتها بالارض على غرار مافعلوا بمرقد النبي يونس (ع) وحراثة أماكنها وريها بالماء مثل ما فعله سلفهم المتوكل العباسي (لعنة الله عليه) بالحائر الحسيني، (وعلى الحسين السلام)، فحار الماء من دخول القبر وحار بشكل دائرة على محيطه، ومن هذا جاءت هذه التسمية -أي الحائر الحسيني-، ولا يستثنى من ذلك مراقد أئمة اخواننا السنة في بغداد كابي حنيفة النعمان وعبد القادر الكيلاني.
وهذا الأمر إذا ماتحقق لاسامح الله فهذا يعني أن القيامة قد قامت، أو ان الملايين التي تقطن في وسط وجنوب العراق من رجال وشباب ونساء وأطفال وشيوخ قد ماتوا وقضوا جميعا ولم يبق شخص واحد منهم يناهض داعش ويمنعها دون تحقيق ذلك الهدف.
الهدف الثالث: وهو سنخة الجرائم التي ارتكبوها في المدن المحتلة من قتل وذبح ومقابر جماعية وفوضى واستهتار….الخ، وهذا ما لايتحقق ابدا، بل مستحيلا، لابسبب بسالة الناس وإستماتهم، ولا بسبب جبن داعش وعدم المواجهة فحسب بل بسبب عدم وجود ناس في المنطقة بسبب موتهم أوانهم قد قضوا جميعا كما افترضنا، و”فاقد الشيء لايعطيه”.
هذي “الصهيونية” وهذي فعالها، وهذي أداتها “إسرائيل”، وأداة إسرائيل “امريكا”، وأداة امريكا في المنطقة “الرجعية والاعراب والسلاجقة”، وأداة هؤلاء “داعش”، و”داعش” يحركها المال والفساد، فلا دين لها ولاقيم ولا مباديء ولاشرف ولاأخلاق.
فإن قلت: “داعش صنيعة أعرابية فانك مصيب”.
أوقلت: “صنيعة أمريكية فانك أصبت الهدف”.
أوقلت: “صنيعة اسرائيلية فلابأس وضير”.
أو قلت: “صنيعة صهيونية فهذا عين الصواب”.
فانظروا ماذا فعلت بنا الصهيونية العالمية نحن العرب والمسلمين؟
ماذا فعلت بماضينا وحاضرنا، وماذا ستفعل بمستقبلنا؟
كل ذلك بفصل شأنهم ومالهم.
فهل هذا يعني اننا أقل منهم شأنا أو أقل مالا من اموالهم؟
رجلان اثنان غيرا حالنا من حال إلى حال، وسيغيران كانهما يسوقا قطيعا من أغنام، هما “بريجنسكي” و”برنارد لويس”، ادخلوا عليهما فقط من خلال جوجل وسترون عجب العجاب.
ليس العراق وحده على رأس قائمة التفتيت أو سوريا ولبنان، أو ليبيا أو تونس، أو مصر واليمن والسودان، بل السعودية ودول الخليج قاطبة ودول شمال افريقيا وبعض من دول آسيا وافغانستان، أو حتى تركيا وايران.
فانتظروا قليلا فالسيل العارم في طريقه اليكم قادم، ولايستثني أحدا منكم، وسيفتتكم كلكم بإدواتكم وبإموالكم وبدون إستثناء، كما كان يفعل صدام عندما يصفي الناس بالرصاص فيطالب ذويهم بدفع ثمن الإطلاقات، وبثمن الجرافات التي تساوي بيوتهم بالتراب.
وانتبهوا لحالكم وإلتفتوا لعدوكم الوحيد الذي يريد ان يقضي على ماضيكم وحاضركم ومستقبلكم، وكفواعن معاداة إشقائكم واخوانكم في الله وفي الدين وفي الدم وفي اللغة والوطن” واعتصموا بجبل الله جميعا ولا تفرقوا”.
كفوا عن عداوة اخوانكم وشتيمتهم وخاصة اخوانكم الشيعة، فان العداوة والبغضاء هي من صنعت “داعش”، وذهبت بماء وجوهكم 1400 سنة وأنتم تسبون وتشتمون اما مللتم أو استحيتم من الله ورسوله(ص)، اما عندكم قليلا من مروؤة؟، لو ان هذي الأموال التي تنفق على اسطوانات الشتائم وتكاليف نشر كتب ودعوات مرئية ومقروؤة ومسموعة، لو انها أنفقت على فقراء المسلمين والانسانية أو لبناء دورا للقرآن والسيرة النبوية الشريفة أو لمشاريع خيرية لكان ذلك أفضل.
على مدار الساعة وللأسف الشيعة ينعتون “ياليهود”، والشيعة “فرس مجوس”، والشيعة “صفويون”، والشيعة “كفار”، دعونا نفكك هذه الشتائم لعلنا نجد من تهكمكم أيها السادة مخرجا، فقولكم: “يهود”، فأولئك اليهود في إسرائيل معززون مكرمون واتحدى أي منكم ان يمسهم بسوء، بل العكس فأنتم من يصافحهم ويربت على اكتافهم وينفذ مخططاتهم ضد أبناء جلدتكم، وإذا كانوا الشيعة يهودا فلم لا تكن هناك علاقة حميمة بينهم وبين يهود إسرائيل والعالم؟.
وقولكم: الشيعة “فرس مجوس”، هذا خطأ لأن الفرس المجوس كانوا كفارا ومن عبدة النار قبل دخولهم الإسلام، وهنا وعند وصفكم للشيعة بهؤلاء هذا خطأ يدل على خبل صاحب هذا الكلام، ذلك لأن الكفر والإسلام لايلتقيان”باس الاسم الفسوق بعد الايمان”.
وقولكم ان الشيعة “كفارا”، كيف يكون كافرا من ينطق الشهادتين؟.
وقولكم: الشيعة صفويون، فالصفويون أمة كبقية الأمم دخلت العراق لتخلصكم من احتلال العثمانيين الذي جثم على صدوركم، “وكان موقف الحوزة العلمية في النجف بشكل عام موقفا حذرا وسلبيا من الدولة الصفوية باعتبارها دولة زمنية لا دينية” إذا ما قورن فعلهم بفعل صلاح الدين الأيوبي والجرائم التي ارتكبها بحق الدولة الفاطمية لكان الفرق بينهما كالفرق بين الثرى والثريا.
مازلت سيداتي سادتي مسترسلا بحديثي وهو موجها للاعراب والمتأسلمين وبعض من السياسيين.
وأقول: لولاكم ماكانت داعش، ولولا فتاواكم وأموالكم ماوصلنا إلى ماوصلنا اليه من سوء حال وجرائم وأفعال ارتكبتها داعش بحقنا وبحق الوطن والدين والناس والحضارة وكل شيء، وانتم مازلتم مصرين على شتيمة وتشويه سمعة الشيعة وأبنائهم من الحشد الشعبي الابطال أيضا والكذب عليهم من خلال الصاق التهم والشبهات عندما هبوا وبدون مقابل لانقاذكم من داعش التي غزتكم في عقر داركم وفعلت مافعلت بكم وكنتم لها حواضن وادلاء، وفوق هذا وذاك تنعتونهم بالميليشيات الطائفية المحتلة وأوشيتم بذلك في أروقة الأزهر الشريف وفي كل مكان، اما استحيتم على أنفسكم؟
ولو كانوا يهودا كما تدعون لقالوا لكم”اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون”.
فعفوا تعفون، وكفوا تكفون، فقد بلغتم اعلى درجات النفاق، والارجاف، والإزلاق، والتنطع، والحقد، والحنق، والالتجاج والالحاح، والإنبطاح، والأفك والكذب، والانحطاط، وهذا يكفي فتوقفوا عند هذه الحدود التي بلغتوها, خوفا من ذهاب ما تبقى من مروئتكم وغيرتكم، وعليكم ان تتحروا الحقيقة اينما وجدت ان لم تكونوا معاندين.
فإلى متي تبقون هكذا أيها الاعراب، فقد صرتم وبالا على أنفسكم وعلى غيركم، وابتليت بكم الأمة شر ابتلاء؟
لاتقرأون، لاتبحثون، ولا تتحروا الحقيقة، ولا تتحروها ابدا، لأنكم استأجرتم عقولكم لغيركم، وأقسيتم قلوبكم بسبب ابتعادكم عن سنة رسول الله وهدي أهل بيته الكرام”صلوات الله عليهم جميعا”.
أقرؤا وتحروا الحق والحقيقة بأنفسكم، والتي غيبها عنكم علماؤكم طيلة تلك الدهور.
فقد كتب عنكم: ان نسبة ساعات القراءة كارثية عندكم ومرعبة!! ولايمكن تصديقها على الاطلاق، وصلت في اوج سقفها إلى (6) ست دقائق فقط في السنة الواحدة، يقابلها (200) مائتي ساعة في السنة الواحدة في العالم الأوربي، أي بما يعادل (2000) ضعف.
وهذا يعني اننا جهلاء لحد النخاع، إذ لانقرا ولانكتب، ولانسمع ولا نرى، ولانطالع ولا نتحرى، ولا نتابع ولانعقب، وهذا أمر معيب وشائن، ولذلك يستطيع “العرعور” وامثاله ان يلعب بعقولكم لحد الاستنعاج ويفعل بكم مايشاء لحد الإستحمار.
هذا ويكأني ارى ان المغفور له الشاعر “نزار قباني” كأنه يقصدنا بقصيدته المشهورة”نحن الأغنام العربية الموقعة بحوافرها، تشرين الثاني 1982″ التي انتقيت من سطورها في الآتي بعض الشيء بشكل عشوائي، لعل عين القاريء الكريم تقع عليها فيمتع بها نظره، ويربط بها قرائته. أو علها تدعم الفكرة التي كتب من أجلها الموضوع:
نحن الأغنام العربية الموقّعة بحوافرها أدناه،
بعد التوكلِ على ألطافِ الله سبحانه وتعالى، وكتابة وصيتنا، والتأمين على رؤوسنا ضدّ القطع لدى شركة أميركان لايف انشورنس ..
فنحن ـ كما سبق أن قلنا في أول هذا الاستدعاء ـ نكتب بحوافرنا ..
لأنكم صادرتم كل دفاتر الكتابة، وكل أقلام الحبر السائل والناشف الموجودة في السوق،
واعتبرتموها من المواد الكمالية .. كالعطور .. والمشدّات .. ورافعات النهود ..
واكتشفنا أيضاً أن الأغنام العربية التي تُسمّى مجازاً الجماهير العربية، محرومة من جميع الحقوق التي أعطتها منظمة الأمم المتحدة، وهيئة الصليب الأحمر الدولي، وجمعيات الرفق بالحيوان لبقية الأغنام في العالم،
نحن الأغنام العربية التي تلعق الأسفلت .. وتُقَرقِشُ المسامير .. والحجارة .. وعلب المالبورو الفارغة ..
نحن الأغنام العربية التي أطفأوا عيونها حتى لا ترى .. وقَصُّوا قرونَها حتى لا تنطح .. وغسلوا أدمغتها حتى لا تفكر ..
ثم كنا نراكم في العيد القومي مرة واحدة في السنة تستعرضون أرتال الدبابات، والمصفحات، وحاملات الصواريخ ..
فنتساءل إذا كانت هذه الأسلحة الجهنمية سوف تستعمل للهجوم على “إسرائيل” .. أم للهجوم على “الغنم”..
وإلى أن نلتقي في العالم الآخر، في كنف الغفور الرحيم .. نوصيكم بأولادنا خيراً …
تشرين الثاني (نوفمبر) 1982
“لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ”.