يبدو أن الكَم البشري الهائل القادم من بلاد الفرس الى العراق لم يأتي من أجل إقامة مراسيم زيارة الأربعين واحياء هذه المناسبة , بل جاء لنصب الأعلام ولصق صور رموز ملوك الدولة الفارسية على مباني ومؤسسات العراق !!!
وصايا وأقوال ، أعلام وشعارات ، صور وجداريات .. هكذا بدت الطرق المؤدية الى كربلاء من كل حدب وصوب .. ومن المعروف ان هذه المناسبة تعتمد العنصر العاطفي لدى جمهور الشيعة وهنا يكمن استغلال هذه الزيارة لتوسيع الوجود الفارسي وفرسنة الشيعة العرب على مختلف المستويات من خلال رفع علم ( الجمهورية الإسلامية إيران ) ولصق صور قاسم سليماني الى جانب ولي الفقيه الإيراني مطرزة بصور وأقوال السيد الخميني يتوسطها شعار ( نحن أبناء الخميني ) وغيرها من الشعارات البراقة التي لاعلاقة لها بهذه المناسبة الأليمة ..
لقد شاهدت بأم عيني أثناء مسيري الى كربلاء تصرفات أغلب الإيرانيين ومدى انشغالهم بهذه الظاهرة المستنكرة وكيف يتصرفون بحرية مطلقة دون رادع شعبي أوحكومي وكأن العراق صار بأيديهم كالميت بيد الغسّال يحركونه ويعبثون به كيف ما شائوا .. في حين أن الأماكن المقدسة في إيران لاتوجد فيها مفردة عربية واحدة واتحدى أي شخص أن يأتيني بغير ما أقول .. حيث أن الكثير منّا ذهب الى إيران وشاهد قطع التعريف الموجودة سواء في الأماكن المقدسة أو غيرها مكتوبة باللغة الفارسية والإنكليزية ، خصوصاً في حرم الإمام الرضا والسيدة معصومة بنت الإمام موسى بن جعفر ” عليهم السلام ” وان دلّة هذه التصرفات على شيء إنما تدّل على عنصرية ممقوتة تمارسها السلطات الإيرانية المشرفة على هذه المزارات في حق الزائرين العرب وخصوصاً عرب العراق ” الشيعة ” الذين يمثلون عامل أساسي في تنمية الإقتصاد الإيراني !؟
قد يختلف الكثير معي حول ماقلته ويعتبر الموضوع سياسي وأن القضية هي قضية الحسين ” ع ” وهؤلاء زوّار مرقد سيد الشهداء ” ع ” ولايمكن أن نسيء الظن بهم وأنا أتفق معهم وهذا أمر مسلّم به .. لكن ماحصل في هذه المناسبة من رفع الأعلام الإيرانية هو ( إحتلال ) بكل ماتعنيه الكلمة ، فهل هناك من تسمية أخرى غير هذه ؟
هنا يستحضرني كلام الشيخ فاضل المالكي ” ادام الله في عمره ” بعد سقوط نظام البعث حذّرنا فضيلة الشيخ من هذا الغزو ومازالت كلماته تقرع أسماعي حين صرخ بأعلى صوته قائلاً : يأتون الى العراق طلبة – كسبة – تجار – زوار – نظعهم على رؤسنا .. ولكن أن يفرضوا زعامتهم علينا هذا ما لانقبل به .. وكانت تصرفات بعض هؤلاء الزوّار مصداق لكلام الشيخ فاضل المالكي والرجل قال كلمته بكل وضوح وبكل حرص على هذا البلد الذي أصبح أسيراً بيد هؤلاء الزوار إن صح القول مع السكوت الرهيب من سياسيوا العراق ازاء مايجري !!!
ختاماً أقول كما قال أبو الطيّب المتنبي :
وانما الناس بالملوك وما *** تفلح عرب ملوكها عجم .