23 ديسمبر، 2024 3:51 ص

نحنُ وَ ميركل وَنيجرفان.. ونحن وما بيننا !

نحنُ وَ ميركل وَنيجرفان.. ونحن وما بيننا !

قبل نحو اسبوعين قدّم وزير الخارجية الألماني ” زيغمار غابرييل ” طلباً لزيارة العراق , لكنّ رئاسة الوزراء العراقية رفضت الزيارة بحزمٍ وعزمْ , لأنّ برنامج الوزير الألماني كان يتضمن زيارة اقليم كردستان ولقاء قيادات برزانية في اربيل .

الموقف الرسمي العراقي كان صائباً واعتبر الطلب الألماني تدخلاّ في الشؤون الداخلية العراقية ولا شأن لألمانيا فيه . لكنّ الألمان لم ينفروا ولم يتركوا الأمر على عواهنه ! , فقبلَ اسبوعٍ ونيف ذهبَ السفير الألماني في بغداد الى اربيل والتقى بالسيد نيجرفان البرزاني وبعض قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني .

زيارة السفير الى الأقليم لم تكن ردّاً على رفض زيارة وزير خارجية المانيا فحسب , بل وكانت كأنها < رغم انف الحكومة العراقية > مع التحفظ عن التعبير وحفظ المقام , وإيغالاً في التدخّل بالشأن الداخلي للعراق , فقد تمّ توجيه الدعوة لرئيس حكومة الأقليم لزيارة المانيا , والتي سيصلها منتصف هذا الأسبوع . وسيتضمن برنامج الزيارة لقاءً مع السيدة ” انجيلا ميركل ” ولقاءً خاصاً مع وزيرة الدفاع اللمانية ” اورسولا فون دير لاين ” , مع مقابلة لأعضاء البرلمان الألماني .. وإذ من الواضح ماذا يعني اللقاء مع وزيرة الدفاع .! , وماذا يعني ايضاً تأليب الألمان لحكومة الأقليم ضد الحكومة المركزية في بغداد , فكلّ ذلك هو تهاون من وزارة الخارجية العراقية في ” تحديد حركة السفراء المقيمين , ومنع زيارة الأقليم ” , وكان على الخارجية العراقية مسبقاً ابلاغ الدول الأوربية والعربية وسواها بأنّ تبادل التمثيل الدبلوماسي يتوقف على الألتزام بالبروتوكولات العراقية , وأنّ لا مكان للشركات الغربية للعمل في العراق اذا ما تدخّلت دولها بمسألة الأقليم . ويُشار أنّ قوات البيشمركة استخدمت صواريخ ” ميلان ” الألمانية ضد القوات الأتحادية في منطقة ” التون كوبري ” بعد دخول الجيش العراقي الى كركوك , كما اعلنت المانيا بعد تلك الأشتباكات بأنها ستستمر بتوزيد البيشمركة بالسلاح .! , فماذا يهدفون الألمان ؟ ولماذا لايوضع حدّ لهم , وليكونوا عبرة لغيرهم وشركاتهم , لا سيما أنّ العراق ” وبعد الأنتهاء من داعش ” قد اضحى يمثل فرصة ذهبية للشركات الأستثمارية والإعمار .

\2 من المفارقات الفارقة إذ اننا ننظر ونتابع ما في اقصى الدنيا , وكأنّ الشبكة العنكبوتية جعلت من انظارنا الى ابعد ما تنظر نحوه زرقاء اليمامة ! , لكننا لا نرى ولانشاهد ولا نشعر بما يدور حولنا من اقصر المسافات , وكأنّ وجوهنا وأعيننا لا تستدير الى ذات اليمين وذات الشمال .! فقد كشفت احصائية حديثة لمكتب المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة عن عددٍ تقريبي لنسبة المدمنين من الشباب العراقي بعد سنة 2003 بأنّ من بين كل عشرة اشخاص تتراوح اعمارهم بين 30 – 18 سنة فهنالك 3 مدمنين من بينهم .! وهو رقمٌ يدعو الى الذهول حقّاً , ولولا دقّة ارقام الأمم المتحدة فأنّ هذا العدد من المدمنين يكاد يغدو غير قابلٍ للتصديق ! , وبينما لم تسجَّل غير حالتين كتجارة مخدرات فقط ما بين سنوات 1990 – 1975 حيث كانت عقوبة استخدام المخدرات قبل الأحتلال تصل الى الأعدام ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة < وهذا هو افضل سلاح للردع > , أماّ في الوقت الحالي فأنّ عقوبة تجّار المخدرات تصل الى 6 شهور تقريباً , فضلاً عن كون اغلب التجار مدعومين من قبل جهات لها نفوذ .!

مكتب الأمم المتحدة للمخدرات ومتابعة الجريمة كشف في تقريره الأخير معلومةً اخرى لعلها اكثر خطراً من الناحية النوعية , إذ ذكرَ أنَّ < فرداً واحداً من بين كلّ 3 منتسبين في القوات الأمنيّة يتعاطى مادة مخدرة > .! ومع تحفظنا الشخصي على هذا الرقم او سواه , فأنه احد الأسباب الستراتيجية لفقدان الأمن وتفجير المفخخات والأغتيالات طوال السنوات الماضية بسبب هذه الثغرة الأمنيّة , وهذه حالة تتقبّل و تستوعب توصيفها بأقصى الأحتمالات والأفتراضات .! , والى ذلك , وبعيداً عن احصائيات الأمم المتحدة , فصارَ شائعاً ومعروفاً أنّ محافظة البصرة غارقة من رأسها الى اخمص قدميها في البيع العلني لأنواع المخدرات , والتي اضحت تُباع علناً على ارصفة الشوارع .! وهذا ما يدعو ويجرّ الى التساؤل الفطري الذي يجيب نفسه بنفسه ! :- لماذا لا تقوم قيادة شرطة البصرة والأجهزة الأمنية الأخرى بألقاء القبض على باعة المخدرات في البسطات والعربات والدكاكين .! , وقد صار شائعاً ومتداولاً بين البصريين أنّ تلك المخدرات تأتي عن طريق الشلامجة .! , ويبدو أنّ العراق قد تفوّق على بعض الدول في هذا المضمار , حيث امسى من الدول اللواتي تستقطب انواع المخدرات ذات المفعول الشديد كمادة الكريستال وغيرها بسبب انتشار المافيات وعلاقاتها وسواها كذلك .!

لسنا هنا بصدد التنظير والتطرّق الى تداخل الأسباب الأقتصادية والسياسية والتوعوية + البطالة اللائي قادت الى هذه المعضلة – الكارثة الأجتماعية , لكننا نحذّر منْ أنّ الأحصائية الصادرة من مكتب الأمم المتحدة قد رجّحت بأنّ السنوات العشرة القادمة ستفتك بالشاب العراقي اذا ما بقي الوضع الحالي على ما هو عليه .!

وبدورنا نتساءل وبكلّ فضولٍ صحفي وغير صحفي , لماذا لم تبدأ او لم تنطلق حملة مكافحة الفساد في كافة المحافظات وبشكلٍ متزامن في كافة المحافظات , او بشكلٍ اكثر تحديداً من ارصفة شوارع البصرة ومينائها الذي اضحى كمعقلٍ للتهريب .!