إذ وجّه العراق الدعوة الى 70 دولة لحضور مؤتمر المانحين لإعادة الإعمار في العراق , فمن غير المفهوم ولا المهضوم عقد هذا المؤتمر في الكويت تحديداً .! وبالتزامن مع اضطرار العراق لإستئناف دفع التعويضات لهذه العام والبالغة اربعة مليارات دولار ونصف , والتي سيستمر دفع التعويضات الأخرى الى سنة 2021 . والحقيقة أنّ نبال النقد تتسدد الى حكومة آل الصباح والى الحكومة العراقية ايضاً , فما كان على حكومة الكويت أن تستمر في استنزاف الشعب العراقي بالمليارات عن قضية لا دخل فيها للشعب ولا الحكومات العراقية التي اعقبت الأحتلال , وما كان على حكومة العبادي أن ترتضي بعقد هذا المؤتمر في الكويت , ولذلك اسبابٌ واسباب .
يدرك كافة العراقيين أنّ الكويت لم ولن تتخلص من حقدها على الشعب العراقي جرّاء ما حدث في 2\8\1990 ودخول الجيش العراقي للكويت وهروب حكومتها وأمراؤها الى السعودية , لكنّ الكراهيّة الكويتية الدفينة للعراقيين هي ابعد من ذلك بكثير وتسبق تحرير او احتلال الكويت , فما لايعرفه % 99 او اكثر من الشعب العراقي والمجتمع العربي والدولي , أنه وفي سنوات الحرب العراقية – الأيرانية وحيث كانت الشاحنات التي تأتي عن طريق البر من الحدود الكويتية < والتي تحمل السلع والمواد والمعدات العسكرية التي يتم افراغها من السفن الى ميناء الكويت > , فما أن تدخل منطقة ” سفوان ” العراقية الحدودية , حتى تتفاجأ أنّ الطريق الدولي الملاصق للكويت قد امتلأ بكميات كبيرة من المسامير ! التي توقف وتعرقل عجلات تلك الشاحنات الثقيلة , وكانت المخابرات الكويتية هي التي تضع تلك المسامير ليلاً , وقد تكررّ هذا الأمر لمرّاتٍ عديدة .!
وفي عام 1987 قبلَ سنةٍ من انتهاء الحرب , وتحديداً اثناء معركة شرق البصرة ” وهي المعركة الأشد في التأريخ الحديث ” , طلبَ ولي العهد الكويتي سعد العبد الله من القيادة العراقية السابقة آنذاك أن تسحب اللواء السادس المدرع من الحدود العراقية – الكويتية وأن تزّجه في تلك المعركة لزيادة الكثافة النارية , متعهداً بقدرة الجيش الكويتي على حماية الحدود المشتركة , واستجابت القيادة العراقية لذلك ونقلت اللواء السادس الى جبهة المعركة في شرق البصرة , لكنّ ما حدث في تلك الليلة الظلماء أنّ الكويتيين تقدّموا عدة كيلومترات داخل الأراضي العراقية وشيّدوا مخفراً حدودياً جديداً , على أنه المخفر الحدودي السابق ! مدركين انشغال العراق بالحرب وبتلك المعركة الشرسة , وذلك موثّق في وزارة الداخلية العراقية السابقة بالأدلّة الثبوتية والخرائط , فالمسألة لا ترتبط بدخول الجيش العراقي للكويت في الثاني من شهر آب عام 1990!
والى ذلك , فماذا يمكن تفسيره وتسويغه عن قيام الأمريكان بشييد قاعدة عسكرية داخل الكويت وبالقرب من الحدود العراقية – الكويتية ووجود الجنرال ” نورمان شوارتسكوف ” فيها وهو الذي قاد الحرب ضد العراق في مطلع سنة 1991 .!
قد لا يعرف الكثيرون هنا أن الشعوب في دول الخليج تُطلق تسمية < يهود الخليج > على الكويتيين , ولابدّ أنّ لذلك اكثر من سببٍ حتى تعمّ تلك التسمية وتنتشر في دول الخليج العربي , لكننا نقف بالضدّ من ذلك , ولا ينبغي التعميم , ويتوجّب التفريق بين الحكومات والشعوب .
النقطة الستراتيجية الأخرى , والتي هي في الواقع SUPER STRATEGY , أنّ انطلاق القوات البريطانية والأمريكية من ” الآراضي الكويتية ” ومطاراتها ومياهها الأقليمية لإحتلال العراق في سنة 2003 , فأنّه يُحمّل حكومة الكويت مسؤولية العدوان وفق القانون الدولي , ويحمّلها ايضاً تبعات ما حصل للعراق جرّاء الغزو والأحتلال من كوارث ومصائب تبدأ بالخسائر الهائلة بالأرواح والشهداء , ولا تنتهي بتدمير البلاد وسحق بنيتها التحتية والأقتصادية والأجتماعية , لكنّ مصيبة المصائب أنّ احزاب الأسلام السياسي او احزاب السلطة قد فرحوا وابتهجوا لذلك الأحتلال لأجلِ ايصالهم الى السلطة .!
ويبدو أنّ بذور الأحقاد الكويتية القبليّة ضدّ العراقيين قد جرى زرعها في نفوسهم سيكولوجياً , منذ اعلان الرئيس العراقي السابق والراحل ” عبد الكريم قاسم ” بأنّ الكويت هي جزء من العراق وتعيينه لأميرها كمحافظ ضمن المحافظات العراقية , وكان الرئيس الراحل قاسم ينوي ضمّ الكويت ” عسكرياً ” الى العراق , لكنّ انكشاف خطته ادى لأن تهرع القوات البريطانية والأردنية وغيرها للنزول سريعاً بمحاذاة الحدود الكويتية – العراقية .
مشكلة الكويتيين انهم لا يفكرون بالمستقبل السياسي لبلدهم وما قد يحمله من مفاجآتٍ , وهم ايضاً يؤلّبون عموم الشعب العراقي ضدهم جرّاء ممارساتهم .!