18 ديسمبر، 2024 8:08 م

نحنُ والكتب المعروضة .!

نحنُ والكتب المعروضة .!

منذُ وقتٍ غير قصير , وبنفسٍ طويلٍ وببطئٍ , اُتابع الكتب التي تعرضها المكتبات في بغداد , وخصوصاً مكتبات شارع المتنبي , وما تروّج له هذه المكتبات لكتبها , ولا سيّما وتحديداً للكتب السياسية والعسكرية اللائي مضى على احداثها منذ اكثر من ربعِ قرنٍ من الزمن , وبعضها يمتد الى نصفِ قرنٍ ونيف , لكنّ ما يُفاجئ في الأمر هو سعير الأسعار الباهظة والمرتفعة اللواتي يُسَعروها اصحاب تلكم المكتبات ” وحتى البسطات ” , وبكلّ مضامين ومفاهيم الجشع ودونما ايّ اعتباراتٍ للقُدرات الشرائية لكلّ المستويات الأجتماعية للقرّاء , وحتى لو بقيت معظم تلكُنّ الكتب على الأرفف دونما شرائها .!!

هذا الحديث ” هنا ” غير الحديث , له شؤونٌ وشجونْ , ولعلّ اوّلَ ذلك هو عدم وجود جهةٍ رقابيةٍ رسميةٍ لتحديد اسعار الكتب , والتي هي اصلاً من اختصاص القُطّاع الخاص , وبكلّ الخواص غير الثقافية .! , وإذ لا ولن يكون ايّ دورٍ لوزارة الثقافة في ذلك , ولا يدخل ذلك في اهتماماتها اصلاً < وخصوصاً بما يتعلّق بالوزير الذي تختاره وتفرضه احدى احزاب او فصائل الأسلام السياسي > بالتناوب والتعاقب , لتغدو الثقافة العراقية مطليةً بثقافة هذه الأحزاب .!!

ارتفاع اسعار الكتب وبتناسبٍ طردي مع رؤى اصحاب المكتبات قد يجرّ الى ما كان عليه الوضع في زمن الحصار , بقيام البعض من اصحاب دكاكين ” المتنبي ” بأستنساخ ايّ كتابٍ جديدٍ ومرتفع الثمن , وبأعدادٍ كبيرةٍ من النسخ , وبالطريقةٍ التقليدية والبدائية وثمّ بيعه بأثمانٍ اقلّ كثيرا من ثمنه المحدد والمفروض , وبالرغم أنّ طريقة الأستنساخ هذه غير مشروعة .

الى ذلك , وبتفرّعٍ منه , فحتى عناوين ومواضيع الكتب الصادرة خارج العراق يجري اختيارها وفق اذواق ورؤى اصحاب المكتبات ودور النشر المحلية وليس وفق متطلبات النشر العامة والنوعية .

وفعلاً يحزُّ في النفس أن ارى كتباً مهمة وفي مجالاتٍ شتى , في بعض العواصم العربية ولا اجدها في مكتباتنا .! وبما يصعب تفسير وتفكيك اسباب ذلك .!

منَ المفارقات الأخرى غير المرئية ! أن لم تقم ولا تتولى وزارة الثقافة وعبر ايٍ من وزارئها السابقين وحتى القادمين , مهمة إنشاء مكتبة حكومية تتولى استيراد الكتب العربية والمترجمة سواءً من بيروت او القاهرة اوغيرهما , وتحديد اثمانها وخصوصاً بما يستجيب لكافة اذواق القرّاء . ومن المضحك – المبكي أنّ كتباً على درجةٍ عاليةٍ من الأهمية ومضى على إصدارها عشرات السنين , لكنها لم تصل الى العراق الى الآن .! , وبالرغم من أنّ الكتب الحديثة , والأخرى التي صدرت منذ اوقاتٍ غير بعيدة , لا تدخل او لا يجري إدخالها في الشبكة العنكبوتية , لأسبابٍ ماليةٍ او ربحية . لكنّه وعلى العموم فإنّ الكتاب العربي يعاني من حالةٍ تكادُ تضحى ” فيروسية ” من عدم الترويج الإعلامي والدعائي وبطريقةٍ تستند الى متطلبات وشروط الترويج وفق المفاهيم الأكاديمية – الإعلامية , وحتى التجارية , ثُمّ كذلك وبما يتعلّق بالأجيال الجديدة , فمن المفترض اعادة الترويج للكتب التي صدرت سابقاً قبل وبعد منتصف القرن الماضي , لما لها من اهمية وسيما لكتابات مشاهير الأدباء والمؤلفين والكتّاب من مختلف الأقطار العربية .

بعيداً جداً جداً عن كلّ ذلك في اعلاه وفي جوانبه غير الظاهرة , فرغم قوة وشدة البلاغة العربية وقدراتها في التعبير وكثرة المرادفات , لكنّ اللغة الأنكليزية وبعض اللغات الأوربية الأخرى , قد تفوّقت عليها في مجالاتٍ محددة في التعبير الدقيق , حيث المكتبة العامة للمطالعة تسمّى Library وتُستخدم ايضاً كَ ” دار الكتب و مكان لحفظ التراث الوطني والمطبوعات والمخطوطات التأريخية , لكنّ مكتبات بيع الكتب تحددت تسميتها بِ Book Shop , لكننا في العرب العاربة والمستعربة ومشتقاتها قد اختصرنا واختزلنا أيّ مكتبةٍ بالمكتبة .!