8 أبريل، 2024 3:32 م
Search
Close this search box.

نحنُ والقوات التركية في شمال العراق!

Facebook
Twitter
LinkedIn

كلّ ما يذاع ويُبَث ويُنشر من تصريحاتٍ الإستنكار والإدانة الرسمية والحزبية ضدّ التوغّل التركي في شمال العراق , فهي ليست سوى فقاعات ٍ تكاد تنفجر قبل أن تصل الى السطح ! , لكنها ايضاً تصريحات مُلِحّة ولابدّ منها , حيث لا يمكن التزام الصمت , وكذلك لحفظ ماء الوجه ايضاً , وكلّ السادة والقادة الذين يدلون بهكذا تصريحاتٍ في الإعلام , فأنهم بالطبع على دراية مطلقة ومسبقة بأنها لا تقدّم ولا تؤخّر .

الغريب في هذا الأمر ايضاً أنّ بعض الساسة والمحللين الذين نشاهدهم على شاشات القنوات الفضائية , بأنّ في يد العراق الورقة الأقوى , عبر تقديم شكوى الى مجلس الأمن , ووقف الأستيراد ومقاطعة المنتجات الأقتصادية التركية لوقف هذا التوغل التركي < وهو مستمر طوال حكم رؤساء الوزراء والجمهورية والبرلمان السابقين > , ومن ثَمّ ارغام الجيش التركي على الأنسحاب سريعا من الأراضي العراقية ووقف الغارات الجوية حتى على BKK , ولا ندري اذا ما كانوا هؤلاء مقتنعين بهذا الكلم بينهم وبين انفسهم أم لإعتبارات الظهور الإعلامي .!

أمّا بصدد رفع الشكوى عالياً الى مجلس الأمن , فيكفي على الأقل الإشارة الى أنّ دورياتٍ عسكريةٍ روسيّةٍ – تركية تجوب العديد من المناطق في شمال سوريا , وهنالك مصالح ستراتيجية مشتركة بين موسكو وانقرة في القضية السورية البالغة التعقيد , ونشير كذلك وخصوصاً الى اولئك المحللين الستراتيجيين بأن لا يمكن للأتراك ” من الناحية السياسية ” أن يمارسوا القتال ويكون لهم حضور عسكري مكثف في ثلاث جبهات خارج الأراضي التركية ” ليبيا , سوريا والعراق ” من دونِ ضوءٍ اخضر امريكي وربما تأييدٍ بريطانيٍ صامت , وربما من دولٍ اوربية اخرى ايضاً .

إنَّ ايّ محاولةٍ جادّة للتصدي وإخراج القوات التركية من ارض العراق , تتطلّب اولاً تطهير وتنقية الجبهة الداخلية والظهور أمام الشعب العراقي وأمام العالم بأنّ السياسة العراقية تقودها الدولة العراقية لوحدها ومن دون مراكز القوى والأحزاب والفصائل المسلحة , وانّ الحكومة التي لا تستطيع وقف اطلاق صواريخ الكاتيوشيا البدائية ” القصيرة المدى ” فوق ومن حول مقراتها الرسمية وبالقرب من السفارات والمنظمات الأجنبية , فأنها اعجز من مواجهة اي قوة عسكرية تتوغل في اراضي البلاد ومن اي جهةٍ كانت .

وقد يُشار مجازاً بما لا يخلو من الواقعية أنْ لو جرى تخيير قوى سياسية نافذة بين بقاء الجيش التركي في الشمال , وبين اخراج القوات الأمريكية من القواعد الجوية المتبقية , لأختارت الثاني بكل تأكيد .!!

والى ذلك , فمهما تمركزت وتتمركز القوات التركية في شمال القطر اكثر فأكثر , فأنها و وفق السبب او الذريعة التي تبرر او تسوّغ وجودها هذا , فأنها لن تستطيع القضاء على الأعداد الكبيرة من مقاتلي حزب العمال الكردي – التركي ” بي كي كي ” بسبب الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة الشمالية ووعورتها وما تضمّه من سلاسل الجبال الشاهقة والوديان العميقة وكهوفها ومغاراتها , والأمر لا يمكن التعامل معه بشكلٍ جاد وبما يسبق اي خطوات عسكرية , إلاّ بوقف الدعم اللوجستي والإمداد والتموين لمقاتلي ذلك التنظيم والمعسكرات التي استوطنتها عوائلهم , والإحاطة الواسعة والتطويق المتكامل من قوات بيشمركة الأقليم والجيش العراقي ” وقد يأخذ الأمر اسابيعاً وشهور ” ولكنّ ذلك سوف لن يحصل , ويتعلّق جزءٌ كبير منه بأربيل او قيادة الأقليم .!

من غير المتوقع ايّ انسحابٍ وخروجٍ للقوات التركية من شمال العراق في المدى المنظور , والأتراك وسواهم من الدول يدركون الصراع على السلطة في بغداد , ودَور دولٍ اخرى في إذكاء نيران هذا الصراع.

أمّا بما يتعلّق بالمقاطعة الأقتصادية , وبغضّ النظر أنّ العراق هو الأكثر احتياجاً او حاجةً للإستيراد الواسع لمنتجات المصانع التركية التي تشكّل ايضاً سوقاً واسعة لمتطلبات الأقليم التجارية , فضلاً عن الفوائد المالية الهائلة التي تتقاضاها سلطة الأقليم من رسوم مرور آلاف الشاحنات التركية المتوجهة الى العراق , لكنّ ذلك يفتقد التأثير الفعلي والستراتيجي على الأقتصاد التركي , وارغامهم على سحب قواتهم المسلحة من العراق , بل أنّ هذا الحضور العسكري التركي مٌعرّض للتمدد والتوسّع ! لاسيّما في ظلّ وجود احزاب الأسلام السياسي ” المختلفة حتى مع انفسها ” في قيادة سلطة الدولة وكيفما كان ومهما اهتزّت كفّتا الميزان .!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب