18 ديسمبر، 2024 10:44 م

نحنُ والسيد الرئيس ماكرون!

نحنُ والسيد الرئيس ماكرون!

منذ أن بادر الرئيس الفرنسي بالإتصال هاتفيا برئيس الوزراء السيد الكاظمي معرباً عن رغبته في المشاركة بمؤتمر بغداد , وكان متوقِعا الترحيب به ” كما متوقَّعاً ”

, فكان برنامج زيارته للعراق مهيّئاً وممنهجاً في ذهنه وعبر مستشاريه ووزارة الخارجية الفرنسية , بالإضافة الى سفارتها في بغداد وما تقدّمه من معلوماتٍ ومتطلبات الزيارة ومنهاجها , وأبعادها .

وبالفعل كانت الرِحلة الرئاسية الى العراق مدروسة بعناية ومتوازنة , وشملت في تفاصيلها زيارةَ امكنةٍ لم يسبق لرئيسٍ اجنبيٍ او حتى عربيٍّ ان زارها من قبل .!

فالتعمّد في زيارة العتبات المقدسة في منطقة الكاظمية كان القصد منه مراعاة ومحاكاة الجانب الشيعي في العراق ” وربما الإسلام السياسي المتعلق بهذا الشأن ” وإلاّ ما علاقة ايمانويل ماكرون وبرج ايفل , ومهرجان ” كان ” السينمائي الدولي , وشهرة فرنسا بالفن والجمال بالإمامين الجوادين في الكاظمية .!

وبالمقابل , فزيارة محافظة الموصل تحديداً كانت بإعتبارها منطقةً ” سنّية ” كان اكثر منها لإحتلالها من الدواعش – بشكلٍ غير مباشر – وتضمّنت مشاهدة مسجد النوري أحد ابرز ما فجّرت مئذنته داعش على مستوى التأريخ والتراث والآثار , وكانت المقتضيات ان يقابل ذلك زيارة ” كنيسة الساعة ” التأريخية في الموصل وتبادل الأحاديث مع عددٍ من رجال الدين والقساوسة الفضلاء من قوم عيسى , علاوةً على الإلتقاء بوجهاء ومواطني مدينة سنجار المضطهدة بصورةٍ او بأخرى وسيما من قِبل ” حزب العمال التركي الكردستاني ” .

وكان واضحاً للمراقبين وللإعلام مدى الدقّة الفرنسية في شمول تنوّع الفسيفساء الإجتماعية – السياسية في هذه الزيارة المدروسة < بالرغم من أنّ ما يسمى بهذه الفسيفساء المستحدثة كمفردة او كمصطلحٍ جرى الإصطلاح عليه بما لم يكن موجوداً في العراق قبل احتلاله ومنذ تأسيس الدولة العراقية في عام 1921 >

كانَ بائناً أنّ الرئيس ماكرون قد خطفَ اضواء الإعلام في مشاركته بالقمة , وعلى صعيد الإعلام الأقليمي والدولي وبجدارةٍ متميّزةٍ ما , ولابدّ أن يستفيد ويستثمر ذلك في الإنتخابات الفرنسية المقبلة , ولعلّ ذلك اهم اسباب زيارته للعراق .

ثُمَّ , ومنْ بعض الملاحظات ” وليسَ جميعها ” على مواكبة تفاصيل حركة السيد ايمانويل في بعض انحاء القطر , فعلى الرغم من أنّ السيدين الكاظمي وبرهم صالح كانا منهمكين في توديع القادة والرؤساء العرب الذين حضروا المؤتمر , إلاّ أنّ اجراءات واعتبارات البروتوكول تتيح ” في جانبٍ منها ” أن يرافق رئيس الوزراء او رئيس الجمهورية للرئيس الفرنسي في جولاته في شمال العراق , إلاّ أنّ كليهما او احدهما لم يُحسن استغلال واستثمار اللعبة البروتوكولية لأجل المصلحة الوطنية , وخصوصاً السيد الكاظمي , وبهذا الشأن ايضاً فقد لوحظ أنّ القادة الكرد كانوا اكثر اهتماماً – مدروساً في التعامل والتعاطي البرتوكولي مع الرئيس الفرنسي , ممّا كانَ في بغداد , بالرغم من زخم مقتضيات المؤتمر , والذي انتهى سريعاً و ” ماكرون ” كان لا يزال في شمال القطر او الإقليم .!

ثُمَّ بعيداً – قريباً عن ذلك وما يتصل به , كانَ وما برحَ ضرورياً إطلاع الجمهور العراقي والعربي على التعليقات والتقارير الصحفية والآراء اللواتي تذكرها الصحافة الفرنسية بمختلف اتجاهاتها السياسية حول المداخلات المتعلقة بزيارة ماكرون الى العراق , حيث يتوجّب على الخارجية العراقية وسفارتها في باريس نشر وترجمة كافة ما تنشره الصحافة الفرنسية بهذا الشأن , لكننا لا نظّن بأداء ذلك .! واذا ما جرى بعضاً منه ” افتراضاً ” فسيغدو مبتوراً ومجتزءاً لتجيير مصلحةٍ حكوميةٍ ضيّقة , وفي ابعد الأحوال .!