بعدَ مرورِ نحو اسبوع والى غاية الآن , فما فتئَ وما برحَ عَلَم كردستان يرفرف خفّاقاً في مقرات ومباني ” الإتحاد الوطني الكردستاني ” في كركوك .! , وعلى الرغم من تدخّل رئيس الوزراء والجهات الخاصة في الدولة , فما انفكّ العلم الكردي راسخاً في مكانه .! , وهذا الأمر بحدّ ذاته له ما له من دلالاتٍ تمسّ سيادة الدولة وله اعتباراتٌ أخرى .
ومنذ اليوم الأوّل الذي جرى فيه رفع ذلك العلم بشكلٍ مفاجئ او مباغت , فقد كان التصوّر لدى الرأي العام العراقي او معظمه ” على الأقلّ ” أن سيجري إنزال العلم على الفور < او قد يستغرق الأمر يوماً واحداً على ابعد تقدير > , كما كان الإنطباع السائد أنّ محافظ كركوك وبمعية الجهات الأمنية والعسكرية سيتولّون إنزال العلم الكردي , اذا لم تستجب قيادة ” الأتحاد الوطني الكردستاني ” لذلك , وكما ذكرنا في اعلاه فما زال يرفرف في مكانه حسب اتجاهات الريح , وكأنّ شيئاً لم يكن , وكأنّ كركوك < التي كانت تسمى بحافظة التأميم > لم يجرِ تحريرها واستعادتها في يوم الأستفتاء السابق .!
يترآى أنّ كلا الحكومة العراقية وقيادة الأتحاد الوطني الكردستاني , يمارسان دبلوماسية النَفَس الطويل الى أبعد الحدود ” وربما الى ما بعدها ! ” ودونما مبررٍ او مسوّغٍ من حكومة السيد عادل عبد المهدي وكذلك صمت احزاب السلطة ! , فقد إطّلعنا اليوم على خبرٍ مفاده أنّ الأتحاد الوطني اشترط على حكومة العبادي إنزال الأعلام التركمانية من مكاتب الجبهة التركمانية في كركوك اولاً .! , وكأنه سعيٌ للبحثِ عن أزمةٍ أخرى لحكومة بغداد او التفافٌ لمناورةٍ سياسيةٍ خالية وعارية من ايّ رداءٍ إعلامي وسياسي .!
في واقع الأمر , فمنذ تشكيل اوّل حكومة عراقيةٍ أثناء الأحتلال الأمريكي – البريطاني , فقد تعرّضَ العلم العراقي الى تلاعبٍ وخدوشٍ وسوء تصرّف تمسّ هيبة الدولة او الوطن بما لم تسبقها سابقة منذ زوال حكم الرئيس الراحل عبد الكريم قاسم , وبلغ الأمر في هذه الحكومات الجديدة أنّ ايّ رئيس قسمٍ او مسؤول شعبةٍ في الدوائر الفرعية للدولة صاريضع العلم العراقي الجديد على او خلف مكتبه .! لا لسببٍ موضوعيٍّ او وطنيٍّ إلاّ لتكبيرِ حجمه او طوله .! , والأنكى ايضاً أنّ احزاب السلطة إخترعت او ابتكرت اعلاماً خاصةً بها , حتى غدا المرء لا يميّز او يتعرّف على هويات الأعلام الجديدة دون قراءة ما مكتوبٌ عليها وبتمعّن .! , ومن الملاحظ ممّا لم يعد جديراً بالملاحظة ولا حتى لفت الإنتباه أنّ حمّى عدوى انتشار وإنشاء الأعلام قد طالت ووصلت حتى الى جمعياتٍ اهليةٍ ونوادٍ رياضيةٍ وسواها
ثُمَّ , وبقدر ما تشكّله أعلام احزاب الأسلام السياسي والجمعيات والمنظمات من حالةٍ نشازيةٍ لم يعتدها المجتمع العراقي من قبل , فأنها فعلاً تعكس حالة التشظّي السياسي والفكري للدولة او الحكومة والتي لا يطرأ على مخيلتها مثل هذه الأمور السيادية , لكنّه من الجانب المقابل أي قيام الأحزاب العرقية او القومية برفعِ أعلام خاصةٍ بها , فأنه ليس تحديّاً لسيادة وهيبة وكرامة الدولة العراقية فحسب , بل أنّه دغدغةٌ ملموسة لمشاعرٍ ونواياً انفصالية وتقسيمية على المدى البعيد , ولربما المتوسط .
الحكومات العراقية المتعاقبة واحزابها التي تتبادل السلطة , فمنذ مجيئها الى البلاد فأنها تضع نفسها تحت اختباراتٍ وامتحاناتٍ وهي غير مؤهلة ولا تمتلك مقوّمات اجتيازها , بل تتمنّى أن لا يشار لها في وسائل الإعلام ولا حتى في السوشيال ميديا .!