23 ديسمبر، 2024 1:00 م

نحنُ مَنْ يتغيّر ! المواطن وسيلة التغيير وغايتها

نحنُ مَنْ يتغيّر ! المواطن وسيلة التغيير وغايتها

بسم الله الرحمن الرحيم
(إنَّ اللهَ لا يُغيّرُ ما بقوم ٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسِهم)(الآية11/الرعد)
( ذلك بأنَّ اللهَ لم يكُ مغيّراً نعمة ً أنعمَها على قوم ٍ حتى يُغيّروا ما بأنفسِهم) (الآية53/الأنفال)
صدق الله العلي العظيم
 ويقول (هنري دافيد ثورو) المؤلف الأمريكي المثالي الطبيعي الداعي لإنهاء العبودية الداعي للعصيان المدني المقاوم للضرائب الناقد للتقدم المدافع عن العيش البسيط  المؤرخ الفيلسوف الذي أثر كثيراً في مجموعة من الشخصيات .. منها؛ غاندي ومارتن لوثر كنج وليو تولستوي يقول :
(مهما كانت حياتك قاسية تعايش معها،لا تلعنها أو تسبّها ، فالأشياء لا تتغير، بل نحن من يتغير)
حقيقتان ؛ أولاهما من الـرَّب وثانيهما من المربوب !
الآيتان الكريمتان واضحتا المعنى تماماً ، وبإمكان أيّ إنسان أن يفهم مضمونهما المباركين ، فقد أنزلهما الله بلغة يفهمها العالم والجاهل .. يفهمها الإنسان في كل زمان ومكان ، وهما من الآيات التي إذا ترجمت إلى اللغات غير العربية لا تفقدها الترجمة المعاني القلبية واللسانية .
ولد الفيلسوف الأمريكي (هنري دافيد ثورو) عام 1817م وتوفي عام 1862م فولدت معه هذه المقولة الشهيرة ولم تمت ، حيث اعتمدها العباقرة والزعماء والحكماء ، بينما الآيتان الكريمتان (11/الرعد و53/الأنفال) ولدتا في عام 610م .. بمعنى؛ قبل ولادة هذه المقولة بـ أكثر من 1250سنه .
والحالة هذه؛فإنَّ الإنسانَ رهينٌ بهذه الفلسفة التكوينية لسيكولوجيته على مدى أكثر من 12 قرن .
ولكي تتغيّر سلبيات حياته ؛ لابد إذن ؛ أنْ يغيرَ سلوكه في الواقع المعاش ، وبخلافه سوف لن يحصل التغيير .. ما حاول أنْ يحرز من انتصارات عسكرية أو انقلابات ثورية أو استعان بدول عظمى أو صغرى ، أو أقام مجازرَ في الساحات الحمراء أو مؤتمرات في المناطق الخضراء !!!
إذن ؛ هذه حقيقة !..
الحقيقة الثانية ؛ إنَّ الله سبحانه وتعالى لن يمدَّ العباد بأيِّ إمداد ٍ غيبيٍّ مالم يمدّون أنفسَهم بالإمداد المادي، هذان الإمدادان لن يتحققا بالأحلام الوردية ولا بالعنف الثوري ، ولا بهما معاً .
قد يحاول الكثير منا تغيير بعض طبائعه إلى الأفضل، أو تغيير بعض عاداته إلى الأحسن، ولكن تواجهه العديد من العقبات والمشكلات التي تجعله يقف مكتوف الأيدي عن تحقيق أهدافه وآماله وأحلامه، مما يؤدي إلى أن يبدأ مشوار الحط من قدرته، وتحطيم ثقته بنفسه، والنتيجة تكون في النهاية، عدم المواصلة في تغيير النفس، أي: الفشل .
ولكي يتحقق التغيير، لابد لنا أولاً أن نحدد الهدف من التغيير، وتشخيص الجوانب السلبية والجوانب الإيجابية من هذا الهدف ، والاقتناع التام بنتائج التغيير ، لكي يكون الهدف ضرورياً .
ولكي يتحقق الهدف ، لابد من وضع خطة لأجل الوصول إلى الهدف ، وتعيين موعد لخطة الهدف ، ومن ثم التدريب على هذه الخطة ، إذ يظن البعض عند محاولة تغيير نفسه أو عاداته أنه يستطيع أن يغيّرها بكل سهولة، وما أن يواجه أول صعوبة أو يفشل في التغيير، يقوم بترك هذا البرنامج، وبالتالي لن يحقق ما وضعه من هدف، ولكي يخضع الكل لهذا التدريب أو التربية الوطنية ، لابد أن يتم استبعاد كافة العوامل التي تعيق التدريب ، أو تشكك وتزعزع ثقة المواطن بتنفيذ الخطة الموضوعة للوصول إلى الهدف ، ومنها العناصر السيئة من المشاركين وغير المشاركين في العملية السياسية ، وحضر مشاركتهم في الانتخابات القادمة ، لأنهم إذا ما استعانوا بالرشوة وشراء الذمم والأصوات ، حتما؛ سيصلون إلى المقاعد النيابية في البرلمان ، وحتماً؛ سيتسنمون حقائب وزارية ، وسوف يستمرون في نهب البلاد واضطهاد العباد ، سيضعون على الأفواه الأكمام وعلى المعاصم الأصفاد ، وسوف لن تزهو أبداً بغداد !
علينا إذن ؛ تعزيز ثقة الموطن بالعملية السياسية ، وتشجيعه على المشاركة الصالحة ، بصبر ورباطة جأش وإيمان بالله تعالى وبالجماهير المحرومة .. المتطلعة إلى الحياة الحرّة الكريمة  .
 قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفلِحُونَ))
 (الآية200/آل عمران)
ولكي يتحقق الإمداد الغيبي من الله تعالى بمساعدة النفس البشرية على تغيير حالها من السلب إلى الإيجاب ، لابد هنا ؛ أنْ تتحقق الاستعانة بالله سبحانه وتعالى ، لا بالناس ، أو بدول الجوار ، أو بالدول العدوّة أو الصديقة ، أو بالإمدادات التكفيرية والشيطانية القذرة !!!
 بسم الله الرحمن الرحيم ((إيّاك نعبدُ وإيّاك نستعين)) صدق الله العلي العظيم (الآية5/الفاتحة)