23 ديسمبر، 2024 1:26 م

نحـــو ترشــــيق وزاري للاصلاح

نحـــو ترشــــيق وزاري للاصلاح

كل الوزارات التي تشكلت بعد التغيير اتسمت بمناصب للترضية لهذه الجهة او تلك لضمان عدم معارضتها ، وبدعوى حكومات التوافق او المشاركة ..
والترشيق الذي اجراه رئيس الوزراء الاتحادي حيدر العبادي ليس الاول من نوعه ، ففي ازمة سابقة ايضاً اجرى المالكي ترشيقاً ووعد باستكماله ولكن ما ان استتبت الاوضاع نسيه تماماً ، ولم يعد احد يتطرق الى ضرورته ، بل ان وزارة العبادي عقد التأليف زادت عليها ..

الواقع ان الترشيق يأتي في اطار سياسة التقشف ولم يكن مما رغب به المتظاهرون كإجراء من اجراءات الاصلاح الشامل ، وكلنا نتذكر ان دعاة الترشيق من الحكومة قالوا انه سيشمل الفاسدين او الذين اداءهم كان ضعيفاً ولم تحقق الوزارات التي كانوا يديرونها نجاحاً .. الا ان شيئاً من هذا لم يكن واضحاً كفاية .

الترشيق كان ولايزال مطروحاً ومطلباً ، وهو مفهوم اوسع لا يقتصر على الوزارات وانما يفترض ان يشمل كل اجهزة الدولة ومؤسساتها ، ولكنه يصطدم بالمحاصصة ، وتوزيع المغانم الحزيبة الضيقة والخلاف بشأنها ، الجميع الذي ينادي به ويقف معه في تصريحاته الاعلامية يسعى الى خلف الكواليس الى حكومات واسعة ليكون له اكبر نصيب وحصة من المناصب فيها .

ان الحقائب الوزارية بقرة حلوب ومصدر تمويل للحزب او الكتلة وضمان ولاء الشرائح الاجتماعية والوصول اليها بتطمين مصالحها .

على اية حال ، ما تم هو تنازل يقدم للمتظاهرين لاستلال النقمة والغضب الذي يمور في النفوس ، نأمل ان ينعكس ايجاباً ويدفع بقية الوزارات نحو النشاط وتقديم الخدمات ، الا ان الواقع لا يشير الى ذلك ، فما تزال هذه القوى تطالب بالمحاصصة

وتنتقد الاجراء من طرف خفي ، وما تبقى من الحكومة في دائرة العمل والمهام ليس كله على مستوى من الكفاءة ، وقد مضى على البعض منه سنوات يتربع على المناصب ، يتنقل بين كراسي الوزارات دون ان يذكر له شيئاً او يحسب انجازاً .

المتظاهرون وغيرهم يطمحون في ان يروا وزارات كفاءات وطاقات واختصاصات ومشهود لهم بالنزاهة لإصلاح ما تم افساده طيلة السنوات الماضية والنهوض مجدداً بالأعباء والخدمات .

لقد كانت فرصة لإجراء الترشيق دفعة واحدة وليس على وعد باستكماله الذي قد لا يرى النور كما حدث سابقاً ، لا سيما انه يرتبط بإعادة النظر في المناصب المسندة بالوكالة والتضخم بالهيئات المستقلة ، والاهم من ذلك البدء بالمشاورات لتأليف حكومة جديدة تتمكن من تطبيق الاصلاحات غير مشدودة الى الماضي .

ان الوزارات والمؤسسات في كل الدول تنشأ وتتشكل حسب الحاجة والمهمات وتسند على اسس ومعايير معروفة ، حتى ان الناس يتوقعون ويرجحون فلاناً وعلاناً لهذه الوزارة او تلك ، لان هناك شفافية في المعلومات وكذلك متابعة ونشاط وفعالية في المجالات والاختصاصات لدى المواطنين .

اخيراً نقول ان ترشيق الحكومة ييسر صناعة القرار وتطبيقه فيها ، فهو يزيل الحلقات . البيروقراطية الزائدة ، واجتماع خمسة عشر عضواً لمناقشة قضية ما بالتأكيد هو افضل من ان يكون الحاضرون خمسة وثلاثين عضواً ، وكل واحد منهم يغزل على هواه ، وبالتالي الجميع يوافق على ما تقدمه وتحضره الامانة العامة لمجلس الوزراء الاتحادي من مشاريع قرارات واجراءات