سافر زوجان ذات يوم معاً في رحلة بحرية، أمضت السفينة عدة أيام بالبحر، وبعدها ثارت عاصفة كادت أن تودي بالسفينة، فالرياح مضادة، والامواج هائجة، فإمتلأت السفينة بالماء، وإنتشر الذعر والخوف بين كل الركاب، حتى قائد السفينة أيقن أن الركاب في خطر، فرصة النجاة تحتاج الى معجزة من الله، لم تتمالك الزوجة أعصابها، فأخذت تصرخ لاتعلم ماذا تصنع؟ فذهبت مسرعة نحو زوجها، لعلها تجد عنده حلاً للنجاة من هذه الكارثة، لكنها فوجئت بالزوج كعادته جالساً هادئاً.
إزدادت الزوجة الخائفة غضباً، وإتهمته بالبرود واللامبالاة، فنظر اليها الزوج الوديع، وبوجه عابس وعين غاضبة، وأخرج خنجره من جيبه، ووضعه على صدرها، وقال لها بكل جدية وبصوت حاد: ألا تخافين من هذا الخنجر؟نظرت زوجته له وقالت: ولماذا أخاف والخنجر ممسوك في يد مَنْ أثق به وأحبه، فإبتسم وقال لها: أهكذا أنا؟إذن سأقول لكِ: أن هذه الأمواج الهائجة ممسوكة بيد مَنْ أثق به وأحبه، فلماذا الخوف إن كان الباريء عز وجل هو المسيطر على كل الامور؟!
أكثر من عقد ونيف مرَّ على العراق، وكان الكل فرحاً بالديمقراطية، والسبب ببساطة أنهم لم يعدوا خائفين، لكن ثمارها بدأت تزحف نحو أمواج المنافع، ورياح السلطة، وعواصف الطائفية، فأرادات إقتلاع جذور العراق، على أن مَنْ حفظ الوطن أرضاً وشعباً، الصمام المرجعي الذي هو إمتداد طبيعي لحركة الإمامة، ألا وهي زعامة السيد علي السيستاني (دامت بركات)، والتي أذهلت العالم وأسقطت مشروعهم التآمري، فلو أننا تعاملنا بشيء من العقل والشجاعة، وألتزمنا مرجعيتنا الرشيدة لما حدث ما حدث.
الإختلافات السياسية التي تحولت الى خلافات، بمختلف التوجهات والزوايا نالت منا، فأستشاط عباد الأرض الصالحين غضباً من هؤلاء الساسة، ورفضتهم وكنست مشاريعهم الطائفية، ومما زاد الطين بلة أن لكل منهم لوناً وصنفاً، في إدارة الوضع السياسي، وكأنه المسيطر على كل الأمور ومقاليدها، ويجلسون في قمة الهدوء والسكون، أمام أجهزة الإعلام، ثم يشحذون خناجر طائفيتهم المقيتة على رقاب الأبرياء، فتمتلأ الأرصفة والأزقة بمداد أحمر فقير، لم ينزف إلا لأجل لقمة العيش، فهل يحتاج عراقنا لمعجزة فعلاً؟!
الجنة والنار، والدنيا والآخرة، والحياة والموت، والأرض والسماء، والسراء والضراء، زوجان من كل صنف، فيهم قد تتجه الرياح بما لا تشتهي السفن، ولكن أيعقل أن يبقى الدم والدمع، ملازماً لحياة العراقيين؟لماذا هذا التخندق والتعصب؟وعلامَ هذه الخلافات، مع أننا نمتلك فرصة للنجاة؟خنجر الموت يجب أن يوجه لعدو واحد:الإرهاب والفساد، فهما وجهان لعملة واحدة، فنعم نقولها لكل كلمة، تحمل مضامين المرجعية والحشد، والتسوية الوطنية، والمصالحة المجتمعية، والسلم الأهلي، فكلنا للعراق عندها سننتصر، ونسيطر على الوضع بإذنه تعالى.