من منا لم يشاهد احد اجمل الافلام التي انتجتها السينما المصرية ايام الزمن الجميل فلم (التوت و النبوت) و هو احد روايات و روائع الكاتب الكبير المرحوم نجيب محفوظ و بطولة الفنان الكبير عزت العلايلي و هذا الفلم نقل احداث و معاناة الشعب المصري و الفقراء ايام الاحتلال البريطاني و حكم الخديوي و أبنائه و ما خلفته الاحداث من وجود سراق المال العام و المتنفذين و اصحاب السطوة و ظهور ما يسمى بالفتوات في مصطلحنا العراقي (الشقاوات) و هذا الحال ينطبق على حالنا في الوقت الحالي مع اختلاف الأشخاص و الازمنة حيث جسدت احداث الفلم و الرواية الرائعة احداث الظلم الذي يحدث على الشعب و الفقراء من قبل ما يسمى الفتوات الذين اوجدتهم الدولة و متنفذيها لقمع الفقراء و جبي الاموال و كذلك وجود الفساد الكبير في جميع مفاصل الدولة و وجود الحكام الفاسدين امثال الخديوي و ابنائه و زبانيتهم الذين كان همهم بناء القصور كقصر عابدين و غيرها من من القصور و شراء الحلي و المجوهرات و الزواج و التمتع بالعشرات من الجواري في ما يسمى الحرملك و الشعب يتضور من الجوع و استغل كل هذه الاحداث مجموعة من قطاع الطرق مفتولي العضلات و الذين لديهم اتباع و انصار يتميزون بالاجرام و العنف استغلوا ضعف الدولة و ضعف و تشتت ابناء الشعب و الفقراء و أصبحوا يأخذون الاتاوات و جمع الاموال من الفقراء و المواطنين و التجار و لا يدخل شيء او يخرج الا بدفع الاموال و الرشاوى هذا الحال يشبه ما يحدث لنا الان في وقتنا الحاضر بعد اكثر من (125) عام من حكم الحرافيش ما يحصل لنا هو وجود فتوات من نوع اخر اشد بطشا و فسادا ، فتوات عصرنا يمتازون و يتمتعون بالحصانة و منهم منتخبون من قبل الشعب و يمتلكون كل عناصر القوة و الجبروت يمتلكون السلاح و الاتباع و الاموال و السيارات المصفحة و جوازات السفر الخاصة و مزدوجي الجنسية و كل هذه الإتاوات و الرشاوى و الاموال التي تجبى تتم بطرق شرعية من خلال فرض الضرائب على المواطنين و موظفي الدولة (اصحاب الدخل المحدود والدرجات الوظيفية الدنيا) و حرمان الكثير من المعاقين و المكفوفين من رواتب الرعاية الاجتماعية بحجة وضعهم الاجتماعي ودخلهم المادي الجيد متناسين انهم يملكون عاهات جسدية تمنعهم من العمل و القانون و الدستور شملهم بهذه الاعانات كل هذه الاقتطاعات من اجل سد العجز في موازنة الدولة و تشريع ذلك بقوانين في مجلس النواب السلطة التشريعية العليا و يستثنى من هذه الضرائب (اصحاب الدرجات العليا و النواب و موظفي الرئاسات الثلاث) اما المواطن العراقي الضعيف و اصحاب الدخل المحدود هم من يدفعون و يعملون لكي ينعم المسؤولين بالسعادة كما كان الخديوي و اتباعه ينعمون بالسعادة ، عالج الفلم طريقة التخلص من ظلم الشقاوات من خلال تجسيد دور البطل للفنان القدير عزت العلايلي دور المنقذ و المخلص (سليمان الناجي) من خلال كسبه حب الفقراء و الوقوف بوجه الشقاوات حتى تحقق له ذلك بعد تكاتف ابناء الشعب (الحرافيش) مع المنقذ و اثبت ان الشعب اقوى من الشقاوات و الحكام الفاسدين حالنا الان يحتاج سليمان الناجي الجديد و كل هذا ممكن ان يتحقق لو تكاتف جميع ابناء البلد و اصبحوا سليمان الناجي يدا واحدة لمقاومة و محاسبة الفساد و الدجل و الظلم و التفرقة الطبقية بين موظفي الدولة و الشرائح الاخرى .
الفرصة سانحة امام ابناء الشعب لتغير المفسدين و بطرق مشروعة يكفلها الدستور كالاستمرار بالمظاهرات السلمية و المطالبة بالحقوق المشروعة و علينا ان لا ننخدع بحيلهم من خلال الوعود الكاذبة و استخدام العاطفة و الدين و المذهب لتفرقتنا و تخديرنا نحن خالفنا مرجعيتنا عندما قالت المجرب لا يجرب و تحملنا نتائج اختياراتنا الفاشلة الان نحن اما نصلح واقع العراق كما اصلح (سليمان الناجي) و اقع الحرافيش او نبقى تحت رحمة السياسيين و ما يفرضوه علينا من الضرائب و التفرقة الطبقية بين ابناء المجتمع و استقطاعات بالجملة من موظفي الدولة و نبقى مواطنين مهمشين من الدرجة الثانية و تحل علينا الصدقة .