بعد تسعة سنوات من عملية الاطاحة بنظام صدام حسين أجزم القول ، ان الذين تبوؤا رئاسة الحكومة في العراق ، سيأتي بلا شك يوم سوف لا يجدون بقربهم مؤنسا لوحشتهم ، ولا باكيا على مصيرهم ، والاهم باعتقادي لا يجدون احدا من المحطين بهم من الانتهازيين والمنافقين ينتفض ليدافع عنهم وينقذهم من غضب الشعب ، لان ما سببوه من ويلات وخراب من الصعوبة رسمها او كتابتها على الورق ، تفوق الوصف لان ضعف العقليات التي اداروا بها الدولة لم نجد لها مثيلا في المنطقة باسرها…
تسعة سنوات ، والنجوم السياسية تنال شهرتها على حساب معاناة الوطن والمواطن ، وتتصدر صورهم صفحات الجرائد والمجلات دون ان نجد لهم بصمة وطنية دالة على صدق انتمائهم الوطني ، وحرص على وطن يتمزق بصمت في خضم الفوضوية السياسية التي ضاعت فيها (الخيط والعصفور ) والدلالات كثيرة على ذلك ، الا ان الحياء والخجل يحاصرنا حين نحاول الخوض في تفاصيلها…بدءا من المليارات التي صرفت وتصرف الى الآن على قطاع الكهرباء دون ان يطرا تحسن ملحوظ عليها ، وانتهاء بالصفقات المخجلة التي تبرمها وزارة التجارة لدعم البطاقة التموينية التي تخص المواطن العراقي بالمباشر….
النظام البرلماني الذي أقره الدستور ، مهد السبيل لرئيس الحكومة ان يكون اللاعب الاكبر في الساحة السياسية بشرط ان يعود الى البرلمان اذا تطلب الامر بذلك ، الا ان النقيض من ذلك هو ان رئيس الوزراء قد تجاوز على هذه الاسس والضوابط في احايين عديدة فعمد الى اتخاذ قرارات فردية اثر بشكل او باخر على مسار العملية السياسية وانعكس سلبا على مجرياتها مما سبب في اثارة الخلافات بين اطرافها ، حتى غدا العراق من حيث تسميتها ببلد الازمات والخلافات بل واصبح من البلدان تتصدر المرتبة الاولى في لائحة الدول التي تسري فيها الفساد المالي والاداري بشكل مخيف ، ناهيك عن مسالة احتكاره للسلطة وهيمنته على مرافق الدولة الحساسة والصراع من اجلها ، ومن ثم بناء قوات خاصة بهدف حمايتها على مبدأ ((البيت بيتنا ونلعب بيها)) ..!! ومن يقف بوجه تلك الاجتهادات ، يدخل بلا مقدمات في خانة الارهاب ، ويصبح مذموما ومحتقرا تستوجب للمحكمة الاتحادية الموالية له ان تنظر اليه كشخص ضالع في الارهاب ، فيما يجري الترويج لتشهيره بين عموم الشعب بقوة اعلامية مركزية خاصة لتحقيق اهدافه السياسية ، بل اكثر من هذا يتعمد ان لا يكون مستمعا للنداءات الوطنية التي تطالبه بإتاحة الفرصة للحوار المباشر لإنقاذ البلد من محنته الخانقة التي تحولت بمرور الوقت الى نفق مظلم كالذي يعيشه الوطن والمواطن ، وينذر بمستقبل مجهول ، وهذا يعود الى تعنته وتمسكه بالهيمنة على السلطات جميعها على مبدأ ((ان لم تكن معي فانت ضدي))…. لعبته الاخيرة بإلغاء البطاقة التموينية تدعو الى الاستغراب في ظل المهزلة المعيشية التي يمر بها المواطن العراقي ، وهو يترنح تحت الفقر ، ونسبته %35وهي كارثة اخلاقية قبل ان تكون كارثة انسانية ، لان العراق بلد يسبح فوق بحور النفط والثروات الطبيعية الاخرى ، ووارداتها المالية تحولت لغزا في عراق لم يجني ابنائه سوى المزيد من المعاناة والفقر والقهر ، وهي لعبة سياسية تضاف الى الاعيب هذه الحكومة التي يتراسها المالكي منذ دورتين متتاليتين لم يتمخض منها الا الازمات والمحن لم يدفع ضريبتها الا المواطن المستعبد لنظام سياسي لا يختلف عن النظم الدكتاتورية البغيضة التي حكمت البلاد والعباد بالحديد والنار… السؤال المطروح ، ما هو الهدف من الغاء البطاقة التموينية التي لا تكلف الدولة الا %5 من ميزانيات العراق التي تتجاوز 100 مليار دولار امريكي..؟؟وما هو السر من صمت البرلمان العراقي من عملية الالغاء ..؟؟ وهل ان مبلغ 15 الف دينار عراقي كاف ليسد به المواطن حاجته الغذائية والضرورات الحياتية الأخرى ..؟؟ في وقت والتجار العراقيون بدون استثناء قد وجدوا في اذلال الشعب العراقي والاستهانة به متعة يتزينون بها موائد القمار في كهوف تركيا والخليج ودول مناسئ الخردة للمواد الغذائية التي يصنعونها خصيصا للعراق ، تسعة سنوات والوزارة هي لتجارة فاسدة ، وزيرها غير مؤهل لإشغال هذا المنصب جاء به المحاصصة الحزبية الضيقة ، ووزيرها السابق فاسد من راسه الى أخمص قدميه أخفاه المالكي بل وهربه من عقاب العدالة لكي لا يكون طرفا في فضائحه التي عرضته الاعلام صورة وصوت ….. لذلك فان الذي يحصل في هذه الوزارة بمباركة من كل اعضاء الحكومة يدعو الى القلق خصوصا حين يبررون قرار الالغاء بمحاولة لإصلاح هذا البرنامج الحكومي الوحيد الذي يصب خدماته في مصلحة المواطن ، وكأن الشعب العراقي لايزال يعيش في عهدة التخلف والجهل لأوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تخلقها الحكومة وتصنعها للتغطية على فشلها التام في ادارتها للدولة … غير مدركة ان المواطن ادرك منذ زمن بعيد ان ممارسات الحكومة وغموضها لا تختلف عن الممارسات الدكتاتورية التي خلفها صدام وورثها من بعده حكومة يقال انها منتخبة وفق معايير ديمقراطية حرة ، في حين لو دققنا النظر لوجدنا ان السمات الدكتاتورية مرسومة على جبين كل اعضاءها لا يعرفون شيئا عن القرارات المصيرية ، كالتي تخص هذه المسالة ، بل ولا يعرفون ضرورة توافق كل الاطراف على القرار ، الذي يقول عنه البرلمان انهم تفاجأؤا به كاي مواطن بسيط….
ومن هنا ألا ينبغي على العراقيين ان يدركوا قبل فوات الاوان ان العملية السياسية التي هيمن نوري المالكي وحاشيته من اعضاء حزبه الحاكم على دفتها دولة ومؤسسات ..؟؟، ويعيشون متعة الحكم وغنائمها (جاه وثروات) ولا يبدون اهتماما عمليا بما آلت اليها الاوضاع السياسية والاقتصادية بل وحتى العلاقات الاجتماعية التي تربط المكونات العراقية بعصها ببعض ، وتنذر بخطر التفكك والانحلال ، ثم الم يحن الوقت ان يضع العراقيون خطا احمرا امام اجتهاداته الضيقة التي اضرت بالعراق والعراقيين ..؟؟والى متى نبقى نرضى ببرلمان انتخبناه خطا وهو يشهد الفضائح ويعيشها صامتا وسط ضجيج الازمات والمنحدرات المخيفة للعملية السياسية..؟؟الناطق باسم الحكومة يعلن بلا خجل ان الحكومة قررت منح جنوبي سودان منحة مالية تقدر ب(24) مليون دولار ..!! ثم تأتي لتطلق رصاصته الغادرة على الفقراء الذين لا يجدون في مفردات البطاقة التموينية الا حبل نجاة لجوعهم الكافر وسط لهيب اسعار المواد الغذائية في ظل الفلتان الرقابي وجهاز السيطرة النوعية التي تشهدها الاسواق العراق…
يقول احمد مطر……. رأيت جرذا .. يخطب اليوم عن النظافة..
وينذر الاوساخ بالعقاب ..وحوله ..يصفق له الذباب..!!