19 ديسمبر، 2024 12:48 ص

كم هي النجوم التي أفلت في سماء العراق الذي تتلألأ فيه النجوم .. تلك النجوم التي اضاءت الطريق لشعب العراق ، ولعل نسبة النجوم التي ضمها هذا الشعب هي الاعلى بين الشعوب .. اقولها وبحيادية كاملة وسوف لن تصدقوني … وستصدقونني ان سطرت لكم اسماء تلك النجوم في عراقنا لتجدون أن شكسبير الذي تطبل له الدنيا كلها لم يكن ارقى من الجواهري ولا مظفر النواب ولا الرصافي او الزهاوي وستجدون ان كل وزراء المالية في العالم لم يحققوا ما حققه العراقي الاصيل حسقيل ساسون لشعبه العراقي.. وستجدون الكثير من تلك النجوم اللامعة في العسكرية والادب والسياسة وغيرها .

نجمنا الذي أفل اليوم وسيبقى نوره هو اللواء الركن المتقاعد داود المعاضيدي مدير المشاة في الجيش العراقي عام 1984-1988

دخل الكلية العسكرية بالدورة (31) في العام الذي كنت فيه في رحم امي 1952وتخرج منها عام 1955 ودخل كلية الاركان العراقية بدورتها (29) 1962- 1964 وأشغل مناصب القيادة ومناصب الركن حتى صار مديرا لصنف المشاة .1984 – 1988

النجوم الحقيقية هي التي تعمل بصمت وتواضع بل وترحل بصمت وتواضع فأنا جاره الملاصق منذ اشهر ولم اعلم برحيله حتى بعد تشييعه وكنت قد تشرفت بزيارته مرات عدة وكان يتحدث خلال تلك الزيارات بطريقة لا تشعرني حتى بأنه اكبر مني سنا بل لم يكن يتحدث عن نفسه وعن خدمته الطويلة بل كان يتحدث عن الجيش العراقي ومعاييره وسياقاته الثابتة في العهد الملكي والجمهوري وما تلاه ، ولم تكن تستطيع ان تستشف من حديثه هل هو مع هذا العهد ام ذاك .. هو يشرح لك فقط بحيادية تامة عن هذا الجيش بمهنية وحب يصل الى حد التقديس لجيش العراق بعد الله. ومن حبه ذاك تجد ان عينيه تدمع عندما يشاهد طالب كلية عسكرية يمر من امامه فيوقفه ويسأله عن وضع الكلية ومستوى التدريب والضبط العسكري وينتبه اليه بشغف فمثل هؤلاء الفرسان يعرفون ويقدسون جيش العراق ولا تدخل في حساباتهم جيش سابق وجيش حالي .ونظام ملكي او جمهوري .. بعثي ام دعوتي.. ملائكي ام غير ذلك

كوني عاشق ولهان لجيش العراق ورموزه البررة من امثاله وكوني لا يمكن ان اعرف عن الفقيد الكثير كونه دخل الجيش قبل ولادتي كنت اسأل عنه صديقه الذي بينه وبين الفقيد دورة واحدة في الكلية العسكرية والذي دخلت الآداب قسم اللغة الانكليزية لأجده معي في الصف الاول انه الفريق الركن المتقاعد طارق محمود شكري الذي كان مديرا للتدريب العسكري وطالبا في صفي في الوقت نفسه في العام 1977 وهو عميد ركن وانا ملازم اول.. ومع كل هذا العمر الطويل لا زال يفكر بشكل راق ويكتب بشكل راق وآخر مؤلفاته كانت عن العقيدة العسكرية التي لا يعرف معناها الكثيرون لحد الآن .. كنت اسأله عن جاري ووالدي الفقيد فيتحدث عنه بشكل يجعلك تتعجب وتسأل نفسك لماذا لا يتحدث الفقيد عن نفسه اذا كان يحمل كل تلك الصفات .. تأتيك الاجابة على لسان السيد الفريق بأنه ذاب في هذا الجيش الذي يحبه اكثر من نفسه ، ويردف القول سائلا : هل اخبرك بأنه كان بطل الجيش العراقي في الرماية بالمسدس عندما كان ملازما ؟؟ اجيبه بالنفي فيخبرني بأنه شارك بدورة في الاستطلاع معه في الاتحاد السوفياتي عندما كانوا ملازمين فتحداه مقدم كان بطل الاتحاد السوفياتي في المسدس فغلبه الفقيد فما كان من المقدم السوفياتي الا ان يؤدي له التحية قائلا انت اول انسان يغلبني ..

يقول السيد الفريق باختصار عنه انه كان عنوانا للمهنية والروح الوطنية العالية بكل اصالة العراقي .. ويقول افخر بصداقتي له فهو من الرجال النادرين في الاستقامة والخلق الراقي بحيث تم اختياره من لدن مدير الاستخبارات العسكرية محسن الرفيعي ليكون مسؤولا عن سجن اركان النظام الملكي كتوفيق السويدي وفاضل الجمالي ورفيق عارف وغازي الداغستاني وغيرهم الكثير يوم لم يكن هناك لا سجون سرية ولا علنية في ملاكات الجيش وغيرهم وبعد فترة شعر الرفيعي ان الملازم داود كان يقيم علاقات انسانية معهم ويلبي متطلباتهم فخاف عليه واعاده الى وحدته ..

كنت اصغي اليه بدقة ولا اريد ان اطيل عليكم وكنت استغرب من احاديثه الدقيقة حين يقول انه خلال النظام الملكي لم يكن هناك نقطة سيطرة واحدة في عموم العراق وكذلك لم يكن هناك شيء اسمه سرير سفري او شيء اسمه انذار آ او ب او ج .. فذكرت له احد تعريفات الامن (( تكون الدولة آمنة عندما لا تكون مضطرة للقتال دفاعا عن مصالحها ))

نم قرير العين سيدي فمن سيرحم رب العزة ومن سيسكن في فسيح جناته ان لم تكن انت من بينهم