نجح الاسلاميون في فصل الدين عن السياسة حيث فشل العلمانيون إن رفض المؤمنين المقلدين لتدخل مرجعياتهم في السياسة يؤكد التفسير المادي للتاريخ في كون الدين ظاهرة اجتماعية افرزتها الظروف الموضوعية وسوف يشحب حين يتعارض مع الظروف الموضوعية. وقد قدم الغرب مثالا ساطعا على ذلك، فقد تهاوت الكنيسة حين اصبحت حجر عثرة في طريق النهضة الاوربية ولم يتبق منها سوى صروح معمارية جميلة يؤمها العجائز والسياح. كم حاول العلمانيون فصل الدين عن السياسة فلم يفلحوا في عالمنا العربي لان الظروف الموضوعية لم تكن ناضجة لهذا الفصل، ولكن حين تعارض الدين مع الظروف الموضوعية قام الاسلاميون انفسهم بوضع الحجر الاساس لفصل الدين عن السياسة، وهذه اول ظاهرة في تاريخ الاسلام حين يطلب المؤمنون المقلدون من مرجعياتهم الكف عن التدخل في السياسة، لا بل طالبوا بترحيل بعض المرجعيات الى بلدانهم الاصلية ولو بتلميح خفي. فعندما تتعارض مصالح المتدينين مع مرجعياتهم لن يتوانوا في نصب اعواد المشانق لهم، وذاكرة التاريخ شاهدة على ما فعلوا بامامهم الحسين حين تعارضت ثورته مع مصالح الناس المادية. ورغم اني كتبت مقالا بعنوان الايمان اقوى من المنطق فاني اقول ان الظروف الموضوعية اقوى من الاثنين. ويبدو ان بعض المراجع الدينية قد ادركت هذه الحقيقة فالتزمت الصمت اما مجرى تطور الاحداث لكي لا تذريها رياح التغيير فتصبح كعصف مأكول.