23 ديسمبر، 2024 12:18 م

نجحت العملية لكن لم يشفى المريض

نجحت العملية لكن لم يشفى المريض

عندما تحدث عملية انتقال سياسي في بلد ما ويتحول مثلا من نظام شمولي الى نظام ديمقراطي   نلاحظ ان عملية التغيير تكون سريعة جدا وقصيرة قياسا الى حجم النظام الشمولي وفترة توليه التحكم بالسلطة وهذا التحول يصح ان نطلق عليه مجازيا ((العملية الجراحية)) فمثلا نظام صدام حسين استمر حكمه 35 عام لكنه استئصل بشهرين بفعل التدخل الاميركي ونظام القذافي الذي حكم لعقدين من الزمن استئصل ب 7 أشهر  ونفس الحال ينطبق على كل من اليمن ومصر ويوغسلافيا والمانيا النازية وايطاليا الموسولونية واليابان الامبراطورية وفرنسا اللويسية وباقي دول الارض التي حدثت فيها تغييرات جذرية استئصالية لنوعية النظام وكل الامثلة التي جئنا على ذكرها نجحت في اجراء العملية حيث نجحت في تغيير النظام واستئصلت المرض(الدكتاتورية) لكن السؤال هل شفي المريض ؟؟؟
 في بعض الحالات نعم تماثل للشفاء كما في المانيا وفرنسا وايطاليا  واليابان وفي بعض الحالات الاخرى لم يشفى  كما في العراق وليبيا وفي بعض الحالات مات المريض كما في افغانستان والصومال..
ان الوقت المستغرق لاجراء العملية قصير جدا ,فقد تتكلل العملية بالنجاح لكن ليس هذا هو المهم  المرحلة الأهم من نجاح العملية هو متابعة حالة المريض وضرورة الابقاء عليه في ردهة العناية المركزة تجنبا لحدوث مضاعفات خطيرة تؤدي به الموت ,, فهامش الخطر بعد العملية هو اكبر من هامش الخطر قبلها لأن جهاز المناعة يكون في اضعف حالاته ولايستطيع درء الخطر عن جسم المريض(الدولة) ..
 الولايات المتحدة نجحت في اجراء العملية الجراحية وتم استئصال المرض(الدكتاتورية) لكنها لم تبذل الجهد الكافي لابقاء المريض في حالة صحية  مستقرة ريثما يتعافى بالكامل ,حيث كان من المفروض ان يبقى داخل العناية المركزة ويتم تزويده بكل الوسائل التي تبقيه واعيا وتحافظ على عمل مكوناته العضوية بتماسك وثبات وهذا هو من واجب الممرض او مساعد الطبيب((تنظيمات المجتمع المدني)) حيث تعرف تنظيمات المجتمع المدني على انها التكوينات الاجتماعية الاصغر حجما وتأثيرا من الدولة والأكبر حجما وتأثيرا من العائلة  اي انها تمثل الوسط الاجتماعي المشترك لأبناء المجتمع ويندرج تحت هذه التسمية كل من ((منظمات المجتمع المدني الرسمية والمسجلة ,النقابات,الاتحادات,الهيئات المستقلة, المساجد,المنتديات, النوادي الاجتماعية,التجمعات العشائرية, المنظمات الخيرية ,واي تنظيم اجتماعي غير ممول ومرتبط بالدولة )) كل هذه الجهات تقع عليها مسؤولية المحافظة على استقرار الدولة من كل النواحي وكل من مكانه فهي التي تشرف على متابعة حالة ونقاهة الدولة بعد اي تغيير ويشتمل عملها في نشر الوعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لابناء الوطن وتحافظ على تماسك الجبهة الداخلية ووحدة اراضيه فهي التي تؤصل لثقافة المواطنة والانتماء وهي التي تعرف المواطن بهويته الحضارية  وهي من تتكفل بتوفير الحد الادنى من التعليم للمواطن  وتحرص على المحافظة على القيم الاجتماعية و تقع عليها مسؤولية نهضة او تأخر الأمم كل هذه التكوينات الاجتماعية فشلت بجدارة في احتواء المضاعفات التي رافقت عملية التغيير التي حصلت في عام 2003 فمن لم يكتفي بالمشاهدة منهم كان له موقف سلبي الاما رحم ربي من هذه العملية, فلم يشارك في مرحلة اعادة بناء الدولة على اساس المواطنة والحرية والعدالة  أي منهم كون همهم ليس  مجتمعهم بل ……؟
عندما خرج المريض((الدولة)) من العملية بعد استفاقته من المخدر وجد نفسه وحيدا في الغرفة وبدون اي عناية وبدون ان يجد حتى ولو شخصا يهنأه على نجاح العملية فالجميع ((دول الجوار)) كانوا منزعجين من نجاح العملية كون عللهم ما زالت قائمة وهي تمزق احشائهم ألمآ ,, خرج المريض يتكأ على جدران الغرفة وفتح الباب ليجد ان الممرض ((منظمات المجتمع المدني)) قد غط في نوم عميق بعد ان امتلأت جيوبه ب….؟ خرج المريض وجهاز مناعته ضعيف ومعنوياته اضعف فتلاقفته الأمراض التي كانت بأنتظاره فأصيب  بهشاشة العظام (بالفساد الاداري ) وتضخم الكبد (( تضخم الاقتصاد)) وفقر الدم ((تدهور التعليم)) ونقص في الاوكسجين (( تدهور الوضع الأمني)) وجلطة دماغية (( التخندق الطائفي)) وذبحة صدرية ((انعدام الخدمات)) ال……….خ حسب تشخيص المستشفى الذي اشرف على حالته الصحية ((الأمم المتحدة))  ..
ما زال هناك متسع من الوقت نأمل ان يقوم الممرض بدوره كون المريض ما زال على قيد الحياة والا فمصير الصومال وافغانستان ينتظرنا..
**   تنظيمات المجتمع المدني نجحت في الفشل في تقديم المساعدة للمجتمع**