انتهت زيارة الاربعين هذه السنة بعد ان تم تمديدها ليوم مضاف باعلان انتهائها وهو امر جديد لم تالفه المناسبة طوال تاريخها على مدى اكثر من 1350 سنة بسبب استمرار توافد ملايين المعزين من العراق وخارج العراق حتى ما بعد يوم الاربعين،وقد سجلت زيارة هذا العام رقما قياسيا في تواجد اكبر كتلة بشرية على وجه الارض بعد ان تجاوز عددهم اكثر من 21 مليون زائر يتوزعون على مساحات واسماء اكثر من ثمانين دولة،شكل منهم اصحاب الارض والعزاء النسبة الاكبر فقد قارب عددهم 17 مليون بينما حلت ايران بالمرتبة الثانية بواقع 3 ملايين زائر وتوزع المليون الاخر على خارطة العالم بكل مساحته.
هذا العدد الكبير من الزوار العراقيين وغير العراقيين مثل عنصر مفاجئة وصدمة في نفس الوقت للدولة العراقية ومؤسساتها خاصة الامنية والخدمية لانها تعيش حالة حرب حقيقية مع عدو شرس ومنحط، وهذا العدد الكبير والممتد على خارطة الوطن معرض لان يستهدف في اي منطقة واي مفصل كيف لا وقد حشد الدواعش نبال حقدهم لاستهداف اتباع اهل البيت وتكفيرهم،لكن تكاتف ابناء القوات الامنية وابطال الحشد الشعبي وتعاون الزوار وإتباعهم الارشادات الامنية المطلوبة فوت الفرصة على اتباع المذهب الوهابي التكفيري، بل ان نجاح الخطة الامنية هذه السنة رغم التحديات الناتجة عن الحرب مع الدواعش ومن يقف الى جانبهم كانت متميزة واستثنائية وتفوقت على خطط السنوات السابقة التي حدثت فيها خروقات كبيرة رغم عدم وجود تحديات كما هو الوضع الان.
هذا العدد الانفجاري لم يكن مرعبا في الجوانب الامنية بل كان مرعبا في الكيفية التي يتم معها تامين الخدمات وتوفير السكن والاكل والشرب والصرف الصحي والاهم النقل من المحافظات الى كربلاء المقدسة ومن كربلاء المقدسة الى المحافظات وقد تجاوزت الاعداد حدود التقدير والمنطق وكربلاء لازالت كما هي تلك المدينة الصغيرة المترهلة التي لم تهتدي بعد الى ستراتيجية حقيقية للتعامل مع واقعها المشلول بشكل منطقي وحقيقي،لكن مع كل المخاوف وحقيقة الواقع نجح العراق وهذه المرة يعود النجاح وكما هو الحال في كل مرة الى اصحاب المواكب الحسينية والاهالي في هذه السنة خاصة اهالي كربلاء المقدسة والمحافظات الحدودية وكذلك استنفار وزارة النقل لاسطولها وكوادرها وبمساندة من عدد من الوزارات الاخرى ودعم مباشر من قبل الجمهورية الإسلامية الايرانية خاصة فيما يتعلق بالنقل والمواكب والتنظيف.
نعم تحقق النجاح وهو امر متوقع لان القضية تتعلق بالإمام الحسين وبمنهج الحسين وطالما ان هذا المنهج اصبح عنوانا لتوحد العراقيين واتباع مذهب اهل البيت لكن الاعتماد على الخطط الانية يجب ان ينتهي ويحل محله التخطيط العلمي المدروس وقد تبينت معالم القصة وملامحها وعنوانها الثابت في كل سنة وهو تزايد اعداد الزوار بشكل انفجاري وعلى هذا الاساس يجب على الدولة والمؤسسات المعنية ان تضع الخطط المناسبة والاستفادة من الاستشارات العالمية والمراكز المتخصصة في هذا الشان بما يتعلق بالنقل والإسكان وتوفير الخدمات ومنح الفيز والتأشيرات والتخلص من النفايات وتغيير جيموغرافية كربلاء والحرمين المقدسين وتوفير البنى التحتية بما يتلاءم واستيعاب الأعداد المليونية المتزايدة وزيادة التخصيصات المالية للمدينة المقدسة.
اذا كان عدد زوار هذه السنة قد تجاوز العشرين مليون فان عدد زوار العام القادم انشاء الله سيقترب من الثلاثين مليون وسيكون عدد الزوار من خارج العراق ضعف العدد لهذه السنة ان لم يكن اكثر وعليه فان على الدولة ان تعد العدة من الان للاستفادة من السياحة الدينية بطريقة واعية ومن اجل تعويض التراجع الكبير في اسعار النفط وهذه واحدة من نعم الله علينا والتي لم نهتدي لها حتى الان.