مما لاشك فيه أن العراق ومنذ الاحتلال بات ساحة الصراع ومسرح العمليات وبورصة لعقد الصفقات والمساومات بين الأقطاب والمحاور اللاعبة والمتدخلة في الشأن العراقي وعلى رأسها القطب الأميركي والإيراني والقطب الجديد السعودي الذي يريد أن يكون لاعباً ومؤثراً رئيسيا في الساحة العراقية، فكل واحد من تلك المحاور لها أذرع وأدوات محلية منفذة لأجنداته ومخططاته التي تصب في دائرة الحفاظ على مصالحه وأمنه القومي، وهذه هي الخارطة الأساسية التي ترسم سياسة تلك الدول وتدخلاتها الخارجية، إلا في العراق فإن ساسته ورموزه أبو إلا أن يكونوا أدوات لدول خارجية على حساب العراق وشعبه وهذا ما شخّصه المرجع العراقي الصرخي في سياق جواب له على استفتاء رفع إليه، حيث يقول: (2ـ أميركا والسعودية وإيران وغيرها تبرر تَدخّلها في العراق بأنها تفعل ذلك من أجل مصالحها وأمنها القومي وتنفيذاً لمشاريعها الخاصة أو العامة، ولكن بماذا يبرر السياسيون الخونة خيانتهم للعراق وشعبِه وعملِهم من أجل تنفيذ مصالح ومشاريع الدول الأخرى ؟!).نجاح المشروع الوطني العروبي والمواقف المبدئية والإنسانية الثابتة التي تمسك بها المرجع الصرخي والتي نالت تأييد ودعم العراقيين الشرفاء والعرب الغيارى وقدرته على توجيه الجماهير من خلال خطاباته التي وجهها للمتظاهرين، ونزوله معهم في سوح التظاهر، وتأكيده على رفع سقف المطالب والإرتقاء بها بالمستوي الذي يليق بحضارة وتأريخ العراق ورفضه للمد والإحتلال الإيراني، والذي توِّج بشعار “إيران بره بره ..بغداد تبقى حره “، دفع بعض الدول أو الجهات العربية نحو اختيار أحد الشخوص التي يمكن السيطرة عليها والتحكم بها وألبسته لباس الوطنية والعروبة وثوب الإصلاح، ووفرت له الدعم المادي والمعنوي، وسخرت له ماكنتها الإعلامية ظناً منها أنها بمالِها ودعمها تستطيع أن تحرره من قبضة الولي الفقيه في إيران وأنه سيخرج من الفلك الإيراني ويقف بوجه مخططات إيران التي يرتمي مقتدى الصدر بين أحضانها وفتحت معسكراتها لتدريب أول مليشيا تأسست في عراق ما بعد الإحتلال بقيادة المصلح الوطني العربي مقتدى والذي بأمره سفكت الدماء وانتهكت المقدسات، ناهيك عن كونه السبب الرئيس في تسلط المالكي وحكوماته الطائفية القمعية وغيرها من المعطيات الجلية التي أثبتت أن هذه الشخصية هي من الأسباب الرئيسية التي قادت العراق وشعبه إلى الهاوية!!!، وقد غاب أيضاً عن تلك الجهات أن إيران لن تسمح لها بالقيام بأي عمل يضر بمصالحها في العراق وهذا إنما يدل على غياب الرؤيا الثاقبة في كيفية التعاطي مع القضية العراقية….ثمة حقيقة يدركها الجميع أن العراق بموقعه الإستراتيجي الهام جداً يمثل القطب الذي تدور حوله مجريات الأحداث في المنطقة والعالم وهذا يعني أن ما يجري فيها سينعكس سلباً أو إيجاباً على المحيط الخارجي، وبالتالي فإن التعاطي مع القضية العراقية ينبغي أن يكون بصورة متوازنة بمعنى أن يراعى مصالح العراق وشعبه في أي مشروع أو إستراتيجية تطرح وإلا فإن النتيجة ستكون عكسية على الجميع، ومن هنا فإن تمكين الوطنيين الشرفاء والكفاءات المهنية المخلصة لوطنها وشعبها والتعاطي مع الرموز الوطنية المؤهلة علمياً وثقافياً وسياسياً واجتماعياً وأخلاقياً وإنسانياً، وإبعاد كل الوجوه التي تسلطت منذ دخول الإحتلال وكف التدخلات الخارجية الشرقية والغربية وإخراج إيران من اللعبة العراقية وقطع الأدوات والأذرع والخيوط التي تعمل لأجندات خارجية هي الإستراتيجية الناجعة لبناء عراق حر مستقر آمن…