لا يمر يوم إلا ونتأكد حقيقة إسرائيل الزائف من السلام، فهي تطلق هذه الأيام تصريحات أكبر من حجمها، التي زعم فيها نتنياهو عدم التخلي عن الجولان المحتل، التي من شأنها أن تخرج عن السيطرة وتتطور الى مواجهة عسكرية. وبالمقابل تعلم إسرائيل علم اليقين أن سورية لم ولن تكرّس معادلة السكوت على دماء شهدائها، وسيكون رداً قاسياً ليؤدي إلى تبديل موازين القوى في المنطقة.
لقد عزفت الحكومة الإسرائيلية على كل أوتار المماطلة والتسويف والكذب والخداع وازدواجية المعايير بالنسبة للجولان السوري المحتل، وما زالت تمارس أقصى درجات الغطرسة والرعونة في قراراتها والتي تخدم وجود الكيان الصهيوني الإرهابي ، وهنا نتوقف أمام أخطر تصريحات صدرت عن الإدارة الإسرائيلية على لسان زعيمها نتنياهو، حيث أعلن إن مرتفعات الجولان السورية المحتلة، ستبقى جزءا من بلاده “إلى الأبد”، وجاء ذلك رداً على تحفّظ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، على تأييد اعتراف إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على الجولان.
لا يمكن لنا أن نمر مرور الكرام على تلك التصريحات الخطيرة بشأن الجولان السوري، فهذه التصريحات التي أرادت الحكومة الإسرائيلية إيصالها، لم تكن رسالة أمنية وعسكرية، لقد كانت رسالة سياسية من الدرجة الأولى، موجهة إلى أمريكا وروسيا وكافة الأطراف الدولية، أنه وتحت أي ظرف سياسي، أو رؤية يتم بلورتها بالشأن السوري ستبقى الجولان في يد إسرائيل، فإسرائيل تريد أن تقول للعالم إنه آن الأوان لقبول ما كان يرفضه سابقا بشأن الجولان، كما أن نتنياهو له حساباته الداخلية، فهو يريد أن يقول للشارع الإسرائيلي أنه الوحيد القادرة على حفظ أمن إسرائيل، وفرض السيادة الإسرائيلية بالقوة على الجولان، مدركاً أنه لن يكون هناك موقف عربي بمستوى الحدث يمنعه من القيام بمثل هكذا خطوة.
من يتابع المواقف والتصريحات الرسمية الإسرائيلية والجدل الدائر داخل إسرائيل في هذا الشأن لا بد أن يلاحظ كيف تحاول حكومة اليمين في إسرائيل استغلال الفوضى الإقليمية والوضع المتردي في الدول العربية لتكريس واقع الاحتلال الإسرائيلي الى الأبد في هضبة الجولان، فالأوضاع التي شهدتها المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة والتداعيات التي تركتها، دفعت وشجعت إسرائيل إلى إعادة تأكيد عقيدتها العسكرية والأمنية والتي تتمثل في أن الحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي لن يتم إلا من خلال إسرائيل نفسها دون الاعتماد على قوى خارجية أو الوثوق فى أية تعهدات من أي طرف، وفي إطار ذلك أن التصعيد الإسرائيلي يرتبط بالضعف الشديد الذى يعاني منه الموقف العربي بشكل غير مسبوق وانشغال العديد من الدول العربية بمشاكلها الداخلية الحادة، إضافة إلى تقدير إسرائيل بأن رد الفعل العربي لن يخرج عن إطار الشجب والإدانة، فضلاً عن التوافق الأمريكي الروسي على حل الصراع الراهن في سورية واحتمالات التوصل لتسوية بصورة قد لا تتمشى مع المصالح والأهداف الإسرائيلية الصهيونية.
لذلك نحن الآن أمام تحدي كبير يتطلب التغيير في الاستراتيجيات لأنه لم يعد بالإمكان بالطريقة القديمة أن نصل إلى نتائج ملموسة، فإسرائيل لن تقبل العملية السياسية وكل المبادرات التي تبذل من هنا وهناك للوصل إلى حل شامل، فالخيار الأفضل حالياً للتعامل مع الاحتلال هو العودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، فمحور المقاومة قادرة على العبور الى قلب تل أبيب وتحرير كل الارض العربية المحتلة، وعلى خط مواز، لا بد من التحرك العاجل لطرح قرار فى مجلس الأمن يطالب إسرائيل بالانسحاب من الجولان، وإنشاء محكمة جنائية على غرار محكمة يوغوسلافيا السابقة ومحكمة رواندا لمقاضاة إسرائيل، التي تتصرّف وكأنّها دولة فوق القانون وفوق المحاسبة.
وأختم مقالي بالقول إن تصريحات زعيم الكيان الصهيوني حول الجولان السوري المحتل لن تغير أبدا من حقيقة أن الجولان كان وسيبقى عربيا سوريّاً وأن الشعب السوري أكثر عزيمة وتصميما وإصرارا على تحرير هذه البقعة الغالية على قلوبنا بكل الوسائل المتاحة وعودتها إلى كنف الوطن شاء من شاء و أبى من أبى طال الزمان أم قصر وأن هذا القرار لن يغير شيئا من الواقع ولن تنجح إسرائيل العدوانية في تغيير واقع أن الجولان أرض سورية محتلة مهما أخذت من قرارات.
وأخيراً إننا في انتظار الحدث الكبير…والترقب سيد الموقف…..