مع قرب الإنتخابات الإسرائلية والتي ستجري بعد شهر تقريبا، يصطنع الصهاينة أزمة من أجل شراء أصوات الناخبين، وهذا ما عهدناه مع عملية “الرصاص المصبوب” على قطاع غزة، والحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان في 2006، أراد نتنياهو بأي صورة من الصور إقناع الرأي العام لإعادته إنتخابه مرة اخرى .
قام الإسرائيليون بإستهداف موكبا تابعا لحزب الله اللبناني، في مدينة القنيطرة السورية المحاذية لحدود الجولان المحتل، في البدء لم يعلن الصهاينة عن مسؤوليتهم عن العملية، لكن في الأخير تبنى الإسرائيلون الحادث، والتبريرات الواهية كانت جاهزة، ومنها إن المجموعة كانت تحاول إستهداف منشئات حيوية داخل إسرائيل، الأبن المدلل ويا للعجب سمح لجبهة النصرة الإرهابية في السرح والمرح بالقرب من حدودها ووصل الحال إلى إسعاف جرحاهم، في حين يحرم على الجيش السوري مواجهة النصرة في أرضه السورية طبعا .
فجاء رد حزب الله عنيفا ومباغتا، وتفاجئت إسرائيل وحلفائها بتوقيت العملية ومكانها، مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، الخارجة عن حدود القرار 1701 الأممي، بسبب تبعية المدينة هل هي لسوريا أم للبنان؟، على أي حال؛ بعد عشرة أيام على إغتيال ثلة من كوادر الحزب والجنرال الإيراني علي دادي، خرج الحزب عن قواعد اللعبة فكسرها، الرد أذهل نتنياهو وعجز عن الرد، فأكتفئ بالتحليق الحربي وإطلاق بعض القذائف المدفعية، متحديا إسرائيل في أرض لبنانية محتلة، فمرغ انف الإسرائيلي بالتراب، بعدما عجز أصحاب مشروع خطة السلام على إركاع إسرائيل .
كشفت هذه العملية عن عيب كبير داخل جهاز الإستخبارات الإسرائيلي، الذي لم يتمكن من تحديد هويات الأشخاص الموجودين في القنيطرة، ومن الواضح إن الصهاينة تفاجئوا بنبأ مقتل الجنرال الإيراني والسبب إنهم يخشون من قيام حرب مع الجمهورية الإيرانية، في المقابل إن الأرض الخاضعة لهيمنة إسرائيل تمكن حزب الله من زرع خلايا إستخبارية فكانت المقاومة تعلم بكل شاردة وواردة، مما يدل على تفوق حزب الله مخبراتيا، وبالتالي إن موازين القوى قد تغيرت، والحديث عن ضعف حزب الله بسبب مشاركته الحرب مع النظام السوري ضد الإرهابيين والمسلحين، أمر واه ولا صحة له، هذا ما أعلنه الأمين العام نصر الله تكرار ومرارا .
المعركة الإنتخابية في إسرائيل ستكون هذه المرة حامية الوطيس، فسياسيو إسرائيل يعتاشون على الحروب الدامية التي يفتعلونها عنوة، وبالتالي ما هو موقف رئيس الوزراء نتنياهو في حال لم يتمكن من الثأر، فقعادته الجماهيرية تنتظر، والأحزاب اليسارية تريد إسقاط اليمين المتطرف، مع شن الجنرالات العسكرية في إسرائيل حملة مضادة لنتياهو، والذي يتحضر إلى إلقاء خطاب في الكونجرس الاميركي بدعوة من نواب جمهوريين .
إسرائيل ترددت اللعب بالنار، فحزب الله يختلف تماما عن حركة حماس، فماكنته العسكرية هائلة وحتى الصهاينة لم يتمكنوا من فهرستها، فإستدعها الوضع إلى تأجيل أمر الحرب، تأجيل الحرب هذا قد ينهي نتنياهو المتطلع لولاية أخرى، فالشعب الإسرائيلي يعشق إراقة الدماء، فمن يسد حاجته يعطيه صوته الخبيث، حرب ربما سيتلذذ فيها حزب الله الذي ينتظر بفارغ الصبر قيامها، ليجعل تل أبيب وحيفا مختبر تجارب لصواريخه الجديدة، والتي ستمطر بغزارة من شمال فلسطين المحتلة إلى أقصى جنوبه .