22 نوفمبر، 2024 8:03 م
Search
Close this search box.

نتساند .. ننتصر/الحلقة الخامسة

نتساند .. ننتصر/الحلقة الخامسة

اعتماد القانون كمحرك للمؤسسات و الحياة في الدول ، يستوجب قبل كل شيء بناء هذه القوانين ، و قد تبدوا كلمة بناء أو صناعة القوانين عنوان كافي ، إلا أن فهم ما يسميه الدكتور دينيس لويد بـ ( فكرة القانون ) و هو عنوان لكتابه المميز ، تشتمل على فسح المجال للنظر الى ميدان العمل الواسع لبناء منظومة قانونية ، بإمكانها أن تتغلب على التخلف بإشكاله كافة ، و تحقق التطور الحضاري الثقافي ، هذه العملية ليست من الاعمال التي بالامكان الاتفاق عليها و الشروع بتنفيذها ببساطة ، بناء القوانين هي عملية ترتبط بالعمق العقائدي و الاثني و الاجتماعي و الحضاري للشعوب ، و صناعة قانونية معرفية عملية محفوفة بمخاطر مواجهة كل هذه الايدولوجيات ، ليست صورة حديّة بمعنى أن هناك منطقتين إحدهما بيضاء ناصعة ، و الاخرى سوداء مظلمة ، بل أن الامر يرتبط بتلك الافكار الكلاسيكية التي طرحها شارل لوي دي سيكوندا مونتيسكيو ، في كتابه العالمي ( روح القوانين ) ، بإن القوانين تستسقى من ثلاث مصادر ( الطبيعة ، الالهة ، البشر ) ، و هنا يبدو أن لا مفر من مواجهة السؤال الاتي :
ـــ ما هو القانون ؟ و من أين نأتي به ؟
في الحقيقة أن مواجهة أو العمل على إجابة هكذا أسئلة ، هي الشروع بصناعة التأريخ ، كما وجدنا ذلك في التجارب التأريخية التي أرتبطت بمنعطفات من هذا النوع ، إلا أن مفردة مهمة أريد على الاقل في هذه الحلقة إثارتها ، و يمكن أن نكرس الحلقات القادمة لتفاصيل ترتبط بالمواضيع أعلاه ، هذه المفردة ترتبط بما أسماه الفيلسوف و مؤسس علم الاجتماع المعاصر أوغست كومت بـ ( معرفة اللحظة ) ، و مفاد هذا هو أن التحولات أو ما يطرأ على البشرية هو الاساس الذي تنطلق منه الصناعات المعرفية و الفلسفات و النظريات العلمية ، و أن وظيفة المعرفة ( أي معرفة ) ، هي محاكاة ما يحل بهذا الحياة ، و ما يقع على بني البشر ، هذه النقطة الجوهرية في فكرة المعرفة ، هي ذاتها التي ينبغي أن نتدبر فيها عندما نتحدث عن ( فكرة القانون ) ، على القانون الذي نريد منه أن يخرجنا من جحيمنا الطائفي و الاثني ، أن ينتصر على هذا الجحيم ، لا أن يكتب من وحيه أو أن يكرسه و يعززه ، ينبغي أن يكون القانون قانونا قبل كل شيء ، و ينبغي أن يتعالى على مقولات الانتماءات الفرعية التي شكلت نظرية المحاصصة البغيضة التي أكلت الاخضر و اليابس العراقي ، إلّمْ يكن القانون قانون الانسان المواطن العراقي ، فلا قيمة لكل ترهات مساندة السلطة القضائية و أحترام إستقلال القضاء التي يتشدق بها البعض . 

أحدث المقالات