لقد اتضح للجميع أن النتائج المعلنة من قبل المفوضية لا تمثل أصوات العراقيين بنسبة كبيرة ، وأن التلاعب الواضح فيها أمرٌ مكشوف للقاصي والداني . والاعتراض عليها ينطلق من دليلين اثنين ، الدليل العقلي الذي يتمثل بعدم منطقية النتائج وعدم مطابقتها للواقع . فبعض الشخصيات لها وزنها وثقلها في الساحة السياسية والاجتماعية ، ولها من المؤيدين والأنصار عدد كبير جدا ، ومن الصعب تصديق خسارتها في الانتخابات . والدليل الثاني هو المادي الملموس الذي لا ريب فيه اطلاقا ، وهذا الدليل تضمن الكثير من المخالفات القانونية وعمليات التزوير في بعض المحطات ناهيك عن ممارسات الضغط والترهيب واقتحام بعض المحطات بقوة السلاح والعبث بأوراق الناخبين ، اضافة الى اسلوب المفوضية في قيادة العملية الانتخابية واعلان نتائجها بشكل مريب يدعو الى الشك . أنا كعراقي لا يهمني من يفوز ومن يخسر بقدر اهتمامي البالغ بخطورة الموقف الناتج عن مصادرة حقوق المواطنين بهذا الشكل الظالم المجحف . ومن الصعب جدا أن أرى عراق الحضارات وشعبه الأبي يخضع خضوعا كاملا لأجندات وارادات بعض الدول الاقليمية مثل الامارات والسعودية .
ولوْ كانت النتائج حقيقية وتمثل أصوات الناخبين حقا وفعلا ، سأقول للفائزين هنيئا لكم ومبارك لكم هذا الفوز ، فأنتم عراقييون ولا اعتراض على فوزكم اطلاقا ، وأقول للخاسرين ابحثوا عن أسباب خسارتكم …. ولكن المشكلة ليست لأن هذا الطرف فاز وذاك الطرف خسر ، فهذه هي طبيعة العملية الديمقراطية التي لابد أن يتقبلها الجميع ، ولكن المشكلة أكبر من هذا الأمر بكثير ، وتتعلق بمصير البلد وبمستقبله وبثقة المواطنين بالانتخابات القادمة . فالأسماء تأتي وتذهب ، والأحزاب تنمو وتضمحل ، والكتل السياسية تكبر وتصغر ، ويبقى العراق ملاذا للجميع ورمزا لشرف الجميع . ومن العار أن نرضى ونقبل كما يقبل العبيد بالتلاعب الواضح المكشوف بأصواتنا والتحكم باراداتنا ، ومن المؤسف له أننا أصحاب أرقى الحضارات في العالم نترك شؤوننا تدار بيد دول لا تملك من الحضارة شيئا . واذا استسلمنا لنتائج الانتخابات من باب الرضوخ الى الأمر الواقع وقبلنا بها فهذا يعني أننا فتحنا الأبواب على مصاريعها للتدخلات الخارجية المقبلة ، وحينها لن ينفعنا عض الأصابع ندما .