وشكلت النتائج صدمة كبيرة لذوي الطلبة- بل ولمديريات التربية ومجالس المحافظات على هذا الاداء السيئ الذي حاول البعض منها التهرب من مسؤوليته بتشكيل لجان للتحقيق في ذلك لكسب الوقت وايجاد كبش فداء لالقاء اللوم عليه، ولكن ايا من مسؤولي مديريات التربية لم يعد باتخاذ اجراءات عاجلة وحاسمة لمعالجة المشكلات التي ادت لهذه الكارثة او اعلن انه يتحمل المسؤولية عن الحال المآساوي لما وصل اليه التعليم وكأن هذه النتائج ظهرت في بلد آخر لذلك ايا منهم لم يحرك ساكنا.
الواقع هناك اسباب موضوعية وذاتية وراء هذا التدني في المستوى العلمي للطلبة، فما هو موضوعي لم يعد يخفى على المعنيين ونابع من النظام التربوي المتبع والذي هو الاخر ابتلى بداء المحاصصة فمديريات التربية يعين مدراؤها العامون من خلال المحاصصة، والتي تشق طريقها افقياً الى مدراء
المدارس بعيداً عن الكفاءة والمقدرة فضلا عن ان ايام الدوام في العام الدراسي تقلصت الى حد كبير بمناسبة العطل التي تمنحها المحافظة وما يفرضه الواقع اليومي لسير الحياة في البلاد.
على اية حال الاسباب الموضوعية كبيرة ومعروفة وهي اكبر من قدرات المدارس ومديريات التربية على معالجتها، ولكنها ليست لوحدها تشكل اسباب هذا التدهور المريع الذي فاق التصور، وانما هناك ما يتعلق باداء الاسرة التعليمية وتدهور امكاناتها وقدراتها وضعف تأهيلها واصبح الحصول على وظيفة في التعليم يخضع الى معايير لم تعد الشهادة والتأهيل العلمي من الشروط الاساسية فعلى المتقدم ان ينتمي الى جهة نافذة في المحافظة، وان يعرف من اين تؤكل الكتف، واصبحت تسعيرة الدرجة الوظيفية على كل شفة ولسان وبالدولار ولا يتنافس المتقدمون حسب المؤهلات المطلوبة، بل حسب القدرة على الدفع بالنسبة لاغلبهم.
واذا ما تم تعيينهم، فان كل واحد وضميره، فالرقابة والمتابعة غائبة، وليس للادارات المدرسية التدخل في الاداء والا اذا حاولت فانها تدخل نفسها في ورطة لها اول وليس آخر… كما ان اعداداً غفيرة من المعلمين والمدرسين هم ليسوا من الكليات والمعاهد التي تخرج من هو متخصص بالتدريس، وانما من كليات كانت ايام زمان لا يقبل المتخرجون منها في هذه الوظيفة.
عدا هذا وذاك لا تتوفر جملة من الضرورات اللازمة للعملية التربوية والتدريسية تبدأ من قاعة الدرس مروراً بالمقعد الدراسي والاعداد المناسبة الى وسائل الايضاح والكتب وما الى ذلك مما هو مطلوب في الحد الادنى لتدريس المناهج المقررة وايصال المادة الى الطلبة، اغلب هذه العناصر لا نجدها تتكامل في مدارسنا وانما اصبحنا نسمع عنها في المقالات والكتب والنظريات التربوية، واختفت من المؤسسات التربوية..
والامر من ذلك ان التدريس الخصوصي اصبح موازياً للتعليم الرسمي وضرورة لابد منها لمن يريد النجاح المقبول، وهذا ما يكلف الكثير ليس لكل الناس طاقة لموازناتهم على تحمله، على الرغم من تحريمه..
هذا غيض من فيض مما تتحدث به الاسر المفجوعة برسوب ابنائها وتدني مستواهم العلمي، بل ان الكثير من طلبة المرحلة المتوسطة لا يستطيع القراءة بطلاقة او الكتابة بسلاسة، والله المستعان من هكذا دوائر مسؤولة.