22 ديسمبر، 2024 8:13 م

يغرونك على الضحك ، وربما يجبرونك عليه في بعض الاحيان ، يقدمون لك النصائح والدلائل بأنه يدخل في جوانب التأثيرات الصحية والروحية والجسدية والنفسية ، ويبلغونك قراراً انت حر في الالتزام به ، هو ان الذين يضحكون اكثر يعيشون اطول ممن يضحكون اقل ، وانه كالعسل او البلسم للجسم والعقل على حد سواء ، ويشرحون اثاره الايجابية على القلب وامراض السكر وضغط الدم والالام والصراعات .
ويتفق الجميع على ان الضحك تصنعه النكتة او مشاهدة مناظر هزلية مضحكة او حدث كوميدي يجلب الانتباه ، كل الذي قيل صحيح عندما تكون المجتمعات مستقرة ، وهذه العظات والتفسيرات والاحكام والنتائج ، انما كانت حصيلة دراسات لجماعات بشرية تعيش في ظروف عالية الدقة في التفاعل الانساني وطبيعة الارهاصات التي تحيط بها .
بتنا نعرف تلك الحقائق اليوم اكثر من الماضي ، فقد جربنا الحزن والضحك ، وتيقنا من صحة ما افتى به المختصون ، ولكن اين نجد الضحك ؟ ، وكيف نصنعه ؟ ، اعمارنا لا حدود فيها للسنين ، وامراضنا صارت مزمنة لا ينفع فيها طب و لا دواء .
نضحك على ماذا ؟ ، وقد اغلقت المأساة كل ابواب الفرح ، نضحك على ماذا؟  ، والموت يتربص بأعمارنا مع كل لحظة ، افرغ مجلس النواب ( حاسة ) الضحك من اجسادنا ، ولم يدرج على جدول اعماله تشريعاً للضحك ، لان العراقي لا يعنيه ان ضحك او مات غيضاً مثلما ماتت القوانين الحيوية في ادراج مناضده . الحكومة جندت وسائل اهمالها لتجريدنا من ضحكاتنا ، كيف نضحك في وطن نعيش فيه بلا ماء وكهرباء وامان ؟ متى يضحك وطن تملأ العساكر جل شوارعه ؟ .
متى نضحك ومفخخات الموت تلازم حتى ابواب منازلنا ؟ ، متى نضحك والعبوات الناسفة والكواتم توزع الدم المهدور على عوائلنا .
سياسيون علمونا الغدر والقتل بحراب طائفية صنعوها بالالات احزابهم ، انهم لا يعرفون الضحك ، فكيف لهم رؤيتنا نضحك ؟.
مات الفرح وشيعناه منذ زمن ، دفناه خارج كل المقابر كي لا ينبشه احد ، نسينا الضحك واستبدلناه بالوجوم الدائم ، افواهنا المكممة ما عادت قادرة على اطلاق ولو – قهقهة – واحدة ، انه زمن الحزن والبكاء والعويل .
نجلس اليوم على رصيف الحياة يلفنا كدر صدئ عسى ان يمر في ساعة من الزمن قطار يحمل بضاعة الفرح ، كي نوزع الضحكات على شفاه الاطفال واليتامى والثكالى والارامل .